بسم الله الرحمن الرحيم
( هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى
مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7)
يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا
الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ
الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8) ) [المنافقون 7، 8]
ذكر المفسرون أنّ هاتين الآيتين وما سبقهما، وما
تلاهما، نزلت في كبير المنافقين عبد الله بن أُبي بن سلول.
قال ابن إسحاق في حديثه عن غزوة بني المصطلق سنة
ست:
فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم – على ماء المريسيع – وردت واردة الناس (سقاة
الناس الذين يملأون الماء لهم) ومع عمر بن الخطاب أجيرٌ له من بني غفار، يقال له:
جهجاهُ بنُ مسعود، فازدحم جهجاهٌ وسنان بن وبر الجهني حليف بني عون بن الخزرج على
الماء – فاقتتلا – فصرخ الجهني: يا معشر الأنصار، وصرخ جهجاه: يا معشر المهاجرين
فغضب عبد الله بن أبي بن سلول، وعنده رهطٌ من قومه، فيهم زيد بن أرقم، غلام حدث
(صغير) فقال: أوَ قدْ فعلوها؟! (يوغر صدور الأنصار على المهاجرين) قد نافرونا
وكاثرونا في بلادنا. والله ما أعدُّنا (ما أحسبنا) وجلابيبَ قريش (وهو اسمٌ كان
المنافقون يطلقونه على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين) إلا كما
قال الأولون: سمن كلبك يأكلك!! أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرِجنَّ الأعزُّ
منها الأذلَّ (يقصد نفسه الأعز، والمسلمين من المهاجرين الأذل)، (وهذه مقالة
المنافق الذي لم يخالط الإيمانُ قلبه، ولم تعرفِ الأخوَّةُ الإسلامية طريقَها إلى
نفسه)، ثم أقبل على قومه فقال لهم: (محرضاً على المسلمين) هذا ما فعلتم بأنفسكم،
أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم،
لتحولوا إلى غير داركم (وهذا ما يقوله الكافر والمنافق في حق المسلمين، فقلبُه
مليء بالحقد عليهم، وكرهِ مقامهم معه).
فسمع زيد بن أرقم، فمشى به إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم وذلك عند فراغ رسول الله من
عدوه فأخبره الخبر (وهذا ما يجب أن يفعله كل مسلم إن رأى ما يسيء إلى دينه
وقيادته، فكلُّ مسلم لبِنة في بناء هذا المجتمع، وعين تسهر على مصلحة المسلمين،
ولا يتكتّم على المغرضين ولو كانوا ذوي قربى، فالمؤمنون أقوى وشيجةً وأقربُ صلة
بعضُهم ببعض من المنافقين، ولو كانوا من أهلهم، ولنا في إبراهيم عليه السلام أسوة
حسنة حين تبرأ من والده الكافر، وأسوةٌ حسنة في نوح عليه السلام حين تبرأ من ابنه
الكافر، فالعلاقة بين المسلمين تقوم على العقيدة والدين لا على الحسَب والطين).
وسمع ابن الخطاب ما قاله زيد بن أرقم وكان عند رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عمر رضي الله عنه: مر به عباد بن بشر فليقتله،
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ((فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمداً يقتل
أصحابه؟)) وهذه نظرة سديدة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهو يتحدث بنور
النبوة، وكلُّ أعماله سديدة، فهو المعصوم عن الخطأ برعاية من ربه سبحانه، ولا بد
أن يتكشَّفَ لبني قومه (الأنصار) نفاقُه.. وإذ ذاك يسقط فلا يدفع عنه أحد، ويهوي
فلا يرثي له أحد..
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر فأذن
بالرحيل، وذلك في ساعة لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتحل فيها، وقد مشى عبد الله بن أبي بن سلول
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين
بلغه أن زيد بن أرقم قد بلّغه ما سمعه منه، فحلف بالله ما قلتُ ما قالَ ولا تكلمت
به، وكان ابن أبيّ في قومه شريفاً عظيماً، فقال من حضر رسول الله صلى الله عليه
وسلم من الأنصار من أصحابه: يا رسول الله
عسى أن يكون الغلام قد أوهم في حديثه، ولم يحفظ ما قال الرجل: (حدباً منهم على ابن
سلول ودفعاً عنه).
(والمنافقون هكذا دأبُهم كذابون يغترون بالله عزّ
وجلّ، فيحلفون بالله – والعياذ بالله من حِلفان الكذب – أنهم صادقون والمعروف أنهم
( يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ
وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ) [التوبة: 74]، فقد اعتادوا على المخالفة ثم الحلف،
وعلى الكذب ثم الحلف!! يظنون أنهم بذلك ينجُون!! والله تعالى عرّاهم وفضحهم.
ثم انظر
معي إلى قوم لا يحترمون أنفسهم، فالرجل الكريم يحرص على عدم الوقوع في الخطأ، وإذا
أخطأ لم ينكر خطأه.. بل اعترف به واعتذر عنه وأصلحه، والرجل الكريم الشجاع إذا رأى
أمراً أو قال كلاماً ثبتَ عنده إلى أن يظهر خلافُه، أما أن يسرعَ فور انكشافه يحلف
كذباً ليداري عن نفسه فهو جبانٌ لا يستحق التقدير والاحترام .. والقوم – قومه –
ينظرون إليه – إلى ابن سلول – نظر العطف والحدب لا يريدونه صغيراً في أعين الناس
ولا في أعينهم، ولكن ما يفعلون إن كان المنافق صغيراً في نفسه؟!!).
قال ابن إسحاق: فلما استقل رسول الله صلى الله عليه
وسلم وسار، لقيه أُسيدُ بن حضير (من سادة
الأوس) فحياه بتحية النبوة، وسلم عليه، ثم قال: يا نبي الله، والله لقد رحتَ في
ساعة منكرة، ما كنت تروح في مثلها (والرواح المسير قبل المساء) فقال له رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ((أو ما بلغك ما قال صاحبكم؟)) قال: وأي صاحب يا رسول الله؟ قال:
((عبد الله بن أبي)) قال: وما قال؟ قال: ((زعم أنه إن رجع إلى المدينة أخرج الأعز
منها الأذل))!! قال أسيد: فأنت يا رسول الله – والله – لتخرجنَّه منها إن شئت، هو
– والله – الذليلُ وأنت العزيز، ثم قال: يا رسول الله، ارفق به، فوالله لقد جاءنا
الله بك، وإن قومه لينظِمون له الخرزَ ليتوجوه، فإنه يراك استلبت ملكه!.
(ولئن كان ما قاله أسيد عن فعلة ابن سلول مع من
استلبه ملكه غير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لقلنا: رجلٌ أخذ مكان رجل فهو ينفَس
عليه ويراه مستلباً ملكه، ولكنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يروم ملكاً ولا
سيادة، إنما اللهُ سوَّده وجعله نبيا ليبلغ رسالته إلى الناس، فهو عليه الصلاة
والسلام لا ينفَس على أحد، ولا يستلب أحداً ملكه. إنه رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، وهل يرى المؤمن في رسول الله شيئاً إلا أن يُعظمّه ويبجله.. فلا مجال لأن
يراه ابنُ أُبيِّ مغتصباً مكانته.. ولكنه النفاقُ وسواد القلب يمنع صاحبه من
التصرف السديد).
ثم مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس يومهم ذاك حتى أمسى، وليلتهم حتى أصبح،
وصدْرَ يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس، ثم نزل بالناس، فلم يلبثوا أنْ وجدوا مسّ الأرض
فوقعوا نياماً، وإنما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشغل الناس عن الحديث الذي كان بالأمس من حديث
عبد الله بن أبيّ.
وهذا تصرف عظيم من قائد ملهم، فالناس يَكثُر فيهم
القيل والقال حين يتجالسون ويرتاحون، وقد يفلت الأمر من رسول الله صلى الله عليه
وسلم إن تنابز الناس وحملوا السلاح بعضُهم
في وجوه بعض، فشغلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتعب المسير وسهر الليل، ومتابعة الركب، شغَلهم
بحمل المتاع، وقيادة الركوب والجِدِّ في السَّرى، فلما تعبوا وشُغلوا بأنفسهم عن
إثارة المشاكل ثم لامسوا الأرض ناموا عميقاً طويلاً.. فإذا مرت فترة طويلة عن ذاك
الحديث الذي أثار حفيظة الناس وعاد الناس يفكرون بعقولهم لا بعواطفهم انطفأ الغضب
وضاعت فرصة الشيطان في الإيقاع بين المسلمين، مُهاجريهم وأنصاريّهم، وتناسى الناسُ
ما كان.
قال ابن إسحاق: ونزلت السورة التي ذكر الله فيها
المنافقين، في ابن أبي، ومن كان على مثل أمره، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذن زيد بن أرقم، ثم قال: ((هذا الذي أوفى الله بأذنه)) وفي رواية: إذ أتى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فعرك أذني وضحك
في وجهي فما كان يسرني أن لي بها الخلد في الدنيا.
(مكافأة أهداها النبي صلى الله عليه وسلم زيداً.. أمسكت يدُه الشريفة بأذن زيد رضي الله
عنه، وعركها تحبباً، فكانت برداً وسلاماً على زيد إلى أن لقي ربه، يفخر أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم داعبه، وضاحكه
وأثبت صدقه .. اللهم اجعلنا من الصادقين وثبت إيماننا .. اللهم اجعلنا من المؤمنين
..
سئل حذيفة بن اليمان صاحب سر رسول الله صلى الله
عليه وسلم عن المنافق فقال: ((الذي يصف الإسلام ولا يعمل به، وهم اليوم يظهرونه)) [1]
..!! هذا ما قاله صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في منافقي زمانه، فماذا نقول
الآن، ونحن في القرن الخامس عشر الهجري؟!! اللهم إليك نشكو ضعفنا وهواننا على
الناس. أنت رب المستضعفين أنت ربنا .. إلى من تكلنا؟ إن لم يكن بك علينا غضب فلا
نبالي .. وإننا على خطا رسول الله وصحابته الكرام سائرون على رغم من نافق وآذى
المسلمين..)
قال ابن أسحاق: وبلغ عبدَ الله بنَ عبدِ الله بنِ
أبَيٍّ الذي كان من أمر أبيه ما كان، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنه أبلغني أنك تريد قتل
عبد الله بنَ أبيّ (يعني أباه) فيما بلغك عنه، فإن كنت لا بدَّ فاعلاً فمرني به ،فأنا
أحمل إليك رأسه، فوالله لقد علمتِ الخزرجُ، ما كان لها من رجل أبرّ بوالدٍ مني،
وإني أخشى أن تأمر غيري فيقتله، فلا تدعُني نفسي أنظرُ إلى قاتل عبد الله بن أبيّ
يمشي بين الناس، فأقتلُه، فأقتلُ مؤمناً بكافر، فأدخل النار، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ((بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا)).واستشِفُّ من قوله صلى
الله عليه ( ما بقي معنا) أن المنافق الذي يُظهر نفاقة لا مكان له في المجتمع
الإسلامي ولا يُرغَبُ فيه إلّا أنه لا يُطرد.
وهذا تصرف من عبد الله الابن يلقي ضوءاً على نفسيته
الإيمانية العميقة، فهو يعرف أن أباه منافق كافر، وهذا يؤلمه ويؤذيه، ولكنْ لا
حيلة له فيه، فقد نصح أباه كثيراً، ولكن الأب ركب رأسَه وأصرَّ على كفره ونفاقه..
ومهما يكن فهو أبوه لا يتنصل من بنوته، فالإسلامُ أمر المسلم أن يحسن إلى والديه
الكافرين.. ولكنَّ هذا الأب يؤذي أحب الناس إلى قلبه، وقلبِ كل مؤمن .. إنه يؤذي
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلئن أمر رسول الله بقتله، لعبد الله أحق بقتل أبيه!! لماذا؟!! وهل
يرضى ابنٌ بارٌّ بوالده أن تمس أباه شوكة؟!! أفيقتله بيده؟!! ولكن الابن العاقل
خشي إنْ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
بقتله، فقتله مسلم من إخوانه المسلمين، ثم لعب الشيطان – في حالة ضعف – في
قلب عبد الله وعقله فثأر لأبيه .. خشي أن يقتل أخاه المسلم بأبيه الكافر فيخسرَ
الدنيا والآخرة .. وهو الحريص على آخرته.
وعلم ذو القلب الرحيم صلى الله عليه وسلم ما يعتمل
في قلب عبد الله المسلم من عواطف متضاربة، فهدّأ من رُوعه وقال: ((بل نترفق به
ونحسن إليه ما بقي معنا)).
وحين يشعر الابن أن أباه غير مقتول، وأن رسول الله صلى
الله عليه وسلم رأف به رجع إلى ما قاله
الرسول صلى الله عليه وسلم : ((ما بقي معنا)) فليت أباه إذن لا يعود إلى المدينة،
فليس للمنافق مكان بين المؤمنين.. والمدينة مأوى الإيمان والدين، مأوى رسول الله
وصحبه ومهبِطُ الوحي.. لا مكان للأب المنافق في هذا المكان الطاهر.. وأسرَّ في
نفسه أمراً .. لن يبوح به، وسيكون مفاجأة لوالده أولاً، وللمسلمين ثانياً..
قال ابن إسحاق: لما قفل الناسُ راجعين إلى المدينة،
وقف عبد الله بن أبي بن سلول الابنُ على باب المدينة، واستلَّ سيفه، فجعل الناس
يمرون عليه، فلما جاء أبوه عبد الله بن سلول قال له ابنه: وراءك! فقال: ما لك؟
ويلك! فقال: والله لا تجوز من هاهنا حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فإنه العزيز وأنت الذليل، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يسير في مؤخرة الجيش ينظر المتخلف،
والضال، والمحتاج إلى معونة، شكا الأبُ إليه ابنه، فقال الابن، والله يا رسول الله
لا يدخلها حتى تأذن له. فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الابن: أمَا
إذْ أذِنَ لك رسول الله صلى الله عليه وسلم
فجُزِ الآن..
عبد الله الابن المسلم البار يرى أن الإسلام أولى
أن يبرَّ به المسلمُ، فلا حرمة لكافر منافق يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أمّا ما يقولُ المتنطعون من أن الإسلام قطع حبال الرحم، فجرأ الابنَ على أبيه،
فهؤلاء دجالون لا يعرفون من الإسلام شيئاً.. إن الله أمر المسلمين بالبر بآبائهم
والإحسانِ إليهم ولو كانوا كافرين، شرطَ أن لا يكون هؤلاء الآباء معاولَ تهدِمُ
حصون الدين والعقيدة.. أمَا وهم كذلك فلا حرمة لهم، فالله أولى أن نبرّه، والإسلام
أولى أن نلتزمه.. وأثبتَ عبدُ الله المسلم أنه ابنٌ بارٌ للإسلام وهل أعظم من أبوة
الإسلام.
أبي الإسلامُ لا أبَ لي سواه إذا انتسبوا لقيس أو تميم
ولن يعود ابنُ أبيٍّ أبداً إلى مثل هذه المقولة،
فالأرض لله يورثها عباده الصالحين، ولم تكن يوماً من الأيام ملكاً لبشر، والعزيزُ
فيها من يُعز دين الله، والذليل فيها من يكفر بالله، ويمكر بعباد الله.
قال ابن إسحاق: وجعل بعد ذلك إذا أحدث أبيّ حدَثاً
كان قومُه هم الذين يعاتبونه، ويأخذونه، ويعنفونه. فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لعمر بن الخطاب حين بلغه ذلك من
شأنهم: ((كيف ترى يا عمر؟ أما والله لو قتلتُه يوم قلتَ لي: اقتله، لأرعدَت
(أغضبت) له آنُفٌ (أشخاص) لو أمرتُها اليوم تقتله لقتلته)) قال عمر: قد والله علمت
لأمرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم بركة من أمري.
(ألم أقل إنه رسول الله ولن يضيعه؟! هذا ما قاله
الصدّيق لعمرَ يوم الحديبية حين ظن ابنُ الخطاب رضي الله عنهما أن المشركين نالوا
فوق ما يستحقون، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لان لهم وهم لا يستحقون ذلك.. فأثبتتِ الأيامُ
فراسة الصدّيق، وأن الرسول المؤيدَ يرسم اللهُ تعالى خطواته ،فلا يحيد عنها ،ولا
يتعداها فيوصله إلى بر الأمان وإلى واحة السعادة والهناء).
لكن المنافق ذا القلب الأسود والنفس الخبيثة
والمكرِ السيء عبد الله بن أبي بن سلول لم يلبث أن أطلق سهماً قاتلاً، كاد أن يصيب
من الدعوة مقتلاً، ومِنْ صاحبها مقتلاً ومن زوجته الحبيبة مقتلاً، ومن أحد أشراف
أصحابه مقتلاً.
إنه حادثة الإفك التي عاش فيها المسلمون شهراً
عصيباً، كان درساً كبيرا لهم .. والدعوة كلها دروس وعظة وعبر.
حادثة الإفك التي نفاها القرآن الكريم وأثبت طُهْرَ
بيت النبوة في سورة النور، وسوف تمر معنا تحت عنوان ((حديث الإفك)).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق