الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2011-11-16

إنهم يُخْرِبون بيوتهم بأيديهم!! - بقلم: د.فارس عبد الكريم


هل سمعت بعدو نفسه؟!!

هل سمعت بمن يبني القلاع والحصون ثم يهدمها؟؟

هل سمعت بمن يتجرع السم الزعاف بعد أن حذره الجميع منه؟؟

هل سمعت بمن تنفتح له أبوب النجاة على مصاريعها ثم يأبى إلاّ إن يمضي إلى مصارع السوء؟؟

تعالوا أخبركم عنهم....لعلّ في ذلك عبرة وعظة كما قال تعالى {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37] .


إنهم الطغاة في كل زمان ومكان ...ممن ملؤوا الأرض ظلماً وبطشاً وإرهاباً...ممن أعطاهم الله الملك والحكم والسلطان فساروا في رعيتهم بالظلم والجور والفساد، وعاملوا شعوبهم كقطعان من الأغنام......إمامهم الأكبر فرعون موسى الذي نادى ما علمت لكم من إله غيري .....جاءه موسى عليه السلام بتسع آيات بيّنات، وكل منها شاهد على صدقه وأنه رسول من رب العباد، من معجزة العصا ....إلى الضفادع والدم والقمل... وفي كل مرة كما ذكر ربنا تعالى في سورة الزخرف : [ وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (48) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (49) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ (50)].

وكانت النهاية القاصمة بإغراقه مع جيشه بعد أن رفعت الأقلام وجفت الصحف ....فالذي لم يؤمن وهو يرى البحر ينفلق أمامه فيكون كل فرق كالطود العظيم فأنّى له أن يؤمن بعد ذلك ...فكان جديراً بالنهاية التي اختارها بنفسه.....

ولو تأملنا نهايات طغاة حكام العرب في ربيع العرب الجديد لأخذنا العجب العجاب من حكام أعطاهم الله كل شيء، من مال وجاه وسلطان ومتاع لا حدود له في عالم الدنيا .... ومع ذلك كانوا حرباً على الله وعلى شعوبهم وبلدانهم ....طاغية تونس شرّد مئات الآلاف من أبناء تونس الأماجد وحارب شعائر الأمة ومقدساتها وسار إلى مصيره المحتوم بقدرة قادر دون أن يَرْعَوي أو يتعظ، فأصبح طريداً شريداً يضرب أخماساً بأسداس، ويتحسر على مجده الضائع الذي نزعه الله منه ...ولكل أجل كتاب....

وطاغية مصر علا في الأرض على شعبه، وسلَّم مصر أم الدنيا لقمة سائغة إلى أعدائها من يهود وروم، وملأ سجون مصر بأحرارها وشرفائها حتى بلغ العدد في مرحلة من مراحل حكمه أكثر من مئة ألف...... لسان حاله يقول:(أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي)، نصحه الحكماء والعقلاء أن يسوس البلاد بالعدل، وأن يرفع عن الناس سيف الظلم والقهر.....فلم يتوقف وقد غره سلطانه وجنوده ودعم الدول الكبرى له....فأتاه الله من حيث لم يحتسب وزلزل الأرض من تحت أقدامه، وساقه ربنا إلى مصيره التعيس، إنساناً بائساً مسكيناً وراء القضبان ينتظر الحساب في الدنيا قبل الآخرة ....فجعله الله عبرة لمن يعتبر.

أما طاغية ليبيا!! وما أدراك ما طاغية ليبيا؟ .....مخلوق سفيه أحمق جعل نفسه إلهاً فوق البشر، آتاه الله ملك بلد شاسع واسع يعوم فوق بحيرة من الذهب الأسود، وأعطاه من الأموال مافاق كنوز قارون وفرعون وهامان......فسار سيرة المجانين السفهاء، وضيع البلاد والعباد. وعندما قامت ثورة الشعب الليبي المباركة طار صوابه ولجأ إلى القتل والبطش وسفك الدماء بلا حساب ...وجاءته النصائح من كل مكان توجهه إلى طريق مشرِّف يخرجه من أزمته، ويحفظ له ماء وجهه فأبى، وانتهى به المطاف إلى شر قتلة في جحر الجرذان الذي وصف به شعبه.....والجزاء من جنس العمل، فالقذافي أمعن في قتل شعبه فكان القتل جزاؤه....وبن علي شرد شعبه فكان الطرد والتهجير من نصيبه.... وحسني مبارك سجن عشرات الآلاف، وحاكمهم محاكمات هزلية فجاءه السجن والمحاكمة ، فتجرع من نفس الكأس التي أذاقها لشعبه.......قال تعالى:{ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[العنكبوت:40].

وإذا أتينا إلى طغاة الشام، وعلى رأسهم شيطانهم الأكبر حافظ وكل من انحدر من سلالته النجسة القذرة ومن شايعهم من أتباع وأنصار، فإن العقل يَحَارُ بما يصفهم، لقد جمعوا رذائل الطغاة كلها، من تشريد للشعب السوري بلغ الملايين، ومن قتل جاوز المائة ألف ، ومن سجون ومعتقلات وتعذيب تشيب لهوله الولدان .....وزادوا على ذلك بالاعتداء على الأموال والأعراض وانتهاك كل قيم ومحرمات الأمة من دين وعقيدة وشرف ونخوة وإباء......جمعوا النقائص كلها، فلا يوجد على وجه البسيطة في عالمنا المعاصر نظام قاس شرس مجرم سفّاك أفّاك كهذا النظام الأسدي، ومع ذلك فقد تلاقى الشرق والغرب من عرب وعجم وروم على بقائه والمحافظة عليه، وبذلوا في ذلك المستحيل .....نصحوه بالإصلاح وألحوا عليه بأن يبادر فيقود هو بنفسه المسيرة، فسار بعكس ما نصحوا، أعطوه مهلة وراء أخرى كي يعيد ترتيب أوراق البيت ليبقى في السلطة، و صمتوا عن قتله وتجبره وانتهاكه لكل القيم والمثل.....ومع ذلك استمر في همجيته وبربريته لا يقيم اعتباراً لرب الأرض والسماء...ولا أهمية أو قيمة لبشر صديقاً كان أوعدواً.............. إن المشهد واضح لا غبش فيه....إنهم يقتلون ويدمرون ويعيثون في الأرض فساداً .......ولكنهم من حيث يشعرون أولا يشعرون يخربون بيوتهم بأيديهم، وينحرون أنفسهم بأنفسهم، ويحفرون قبورهم بمعاولهم، إن نهايتهم قاب قوسين أو أدنى ...لاشك في ذلك، وسيكون سقوطهم مدويّاً يملأ الآفاق، مثلهم كمثل كرة الثلج التي تنحدر إلى الهاوية ، ويزداد تسارعها ويتعاظم حجمها إلى أن تصدم القاع بدوي هائل يصمّ الآذان، ويملأ أجواء الفضاء بغبارها المتناثر في كل مكان .

إن الله يمهل ولا يهمل ....ولن يخيب الله أبدا آمال شعبنا الثائر المجاهد في تدمير هذا النظام المجرم الأفاك، سينفرط عقدهم وسينهار سلطانهم ...ونترقب فيهم بإذنه تعالى مصيراً رهيباً أسودا يوازي سيئاتهم ويكافئ أعمالهم القذره التي تنؤ بحملها الجبال..... ولن يكون بأي حال من الأحوال إلاّ أسوأ وأعظم من مصارع من سبقوهم من الطغاة ...قتلاً ....وتشريداً...وسجناً.

سينالهم ما نال أسلافهم من اليهود فهم من صنائعهم، وهم وإن لم يكونوا يهوداً في أصلهم إلاّ إنهم يهود في عقلهم وفكرهم وقلبهم، بل أعظم وأسوأ!!! قال ربنا عز وجل في سورة الحشر:  {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ}.

نتضرع إلى الله بقلوب خاشعة أن يحفظ الشام وأهلها وأن ينجز في أهلها الأخيار الأبرار نصره الموعود، وأن ينزل نقمته وعذابه في حكّامها الأشرار......قال تعالى في سورة الدخان:  
( كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ (29). – صدق الله العظيم-
                                                                                                                                      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق