من يوم ما قال شبيحة الأسد ومخابراته
ومجرموه: يحكم الأسد أو نحرق البلد. وجاءت قوى الطائفية والظلام، تساند هذه المقولة،
وتدعم هذا التوجه، فإن سورية – فعلاً – تحترق من طرفها إلى طرفها، ومرَت سورية بهذه
المحنة، في كل بلد من بلدانها، ومنطقة من مناطقها، وقرية من قراها، بهذه المحنة الكبيرة،
وهذا الاحتراق المريع، تارة بالمذابح الجماعية، والمجازر المروعة، والبراميل المتفجرة،
والذبح بالسكاكين والبلطات والفؤوس، وتارة بقصف لا يكاد يهدأ، على المدنيين والآمنين
العزل، وفي كثير من الأحيان بالغازات السامة، أو الكيماوي الذي حصد آلاف البشر جلهم
من الأطفال، خلال ساعات.
حقاً إن سورية تحترق، بشراً وحجراً
وبنية تحتية، حتى صار الوضع العام فيها، يحكي قصة نكبة كبيرة، ومحنة عظيمة، نادرة المثال.
ومن فصول المأساة في هذه الأيام ما
يجري لإخوتنا وأهلنا في دوما الحبيبة، دوما دمشق، دوما الشام، دوما الصبر والتضحية،
دوما الصمود والإباء، دوما عنوان التحدي لهؤلاء المجرمين الذين يرتكبون أعظم الجرائم
في حق أهلها الأبطال الغيارى، وناسها الثابتين.
المشهد في دوما، يقص علينا قصص، القتل
المريع، والدمار الفظيع، والمأساة المذهلة، والتخريب المدهش، الذي يحير الألباب، ومن
يتابع مشاهد الكارثة ببعض تفاصيلها، لا أشك لحظة واحدة أنه سيصاب بدوار يأخذه إلى عوالم
غير عالمه الذي يعيشه، هذا من رؤية الجزء، فكيف لو رأى المشهد كله.
أطفال تصرخ، نساء تستغيث، رجال مقهورون،
بيوت مهدمة، أشلاء ممزقة، أطراف مقطعة، بيوت تسقط على رؤوس ساكنيها، دماء تملأ الشوارع،
وترسم على الجدران، حكايات قصص، يندى لها الجبين.
والعالم يتفرج كأنه ينظر إلى مسرحية،
ذات مشاهد تمثيلية، فلا يحرك ساكناً، ولا نسمع منه حساً، ولقد مللنا الحديث عن تخاذل
المجتمع الدولي، ومؤسساته التي تكيل بالمكاييل المتعددة، وصرنا يائسين من ندائهم، لأنه
لا حياة لمن تنادي.
ولكننا لم نيأس من الأمة، أمة الخير
والبركة، التي عقدت بنواصيها معاني النجدة والغيرة، والدفاع عن المظلومين، ومناصرة
أهل الحق، والذود عن النفس والمالوالدين والعرض،وفيها الخير إلى يوم الدين، ونبينا
– صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم – يقول : المسلم أخ المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله،
ولا يسلمه ).
ويقول : من كان في حاجة أخيه، كان
الله في حاجته ).
يا أبناء هذه الأمة في كل مكان، شعب
سورية عامة، وأهل دوما خاصة، يريدون منكم :
1- الدعاء، اسألوا من بيده مقاليد السموات والأرض، أن يفرج عن أهلنا في هذا
البلد المنكوب المكلوم.
2- اعملوا ما تستطيعون – في حدود المتاح الممكن – من أجل مناصرة شعب سورية
عامة، ودوما خاصة، من وقفات احتجاجية، إلى بيانات منددة، إلى مواقف ضاغطة، إلى مظاهرات
عارمة، وبيانات مدوية.
3- إخواننا الإعلاميون، كل في مكانه ومن موقعه، اصنعوا ما تستطيعون من أجل
ايصال صوت إخوتكم في دوما وسورية، فالإعلام له أثر كبير، ودور مهم، ربما لا يؤديه سواه،
هذا في فضائية، وذاك في جريدة، وآخر في مجلة، ورابع في نشرة، وخامس في إذاعة، وهكذا
حتى نؤدي الذي علينا، ونعذر أمام الله.
4- اكتبوا وانشروا الحقائق، خصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن لها
أكبر الأثر، في التعاطف والتعاون والتراحم.
5- جمع التبرعات، وتقديم المعونات، لسد الحاجات، ورفع الكربات، عن أهلكم
وإخوانكم، فهذا من الواجبات، كما أفتى بهذا العلماء الأثبات، ولا يجوز لمن كان قادراً
أن يتوانى لحظة واحدة، في القيام بهذا الواجب، ورحم الله من أعان شعب سورية، لو بشق
تمرة، أو شطر كلمة.
6- فهل من قائل: لبيك يا دوما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق