في عام 1908م، أصبح حاكماً
لمدينة اللاذقية، وهي مدينة
وميناء هام على الساحل السوري. لم يلعب دوراً مهماً في فترة الصراع العربي
العثماني خلال السنوات (1916 – 1918م)، بقي في دمشق بعد هزيمة الأتراك في تشرين
الأول عام 1918م. وخلال الأيام الأربعة الفاصلة بين رحيل الأتراك ووصول الجيش
العربي، ألف حكومة مع مجموعة من وجهاء سورية في دمشق، وكانت هذه الحكومة
برئاسة الأمير سعيد الجزائري الذي كان يقيم
في دمشق في تلك الفترة. رفض السوريون اتفاقية سايكس - بيكو وأعلنوا استقلال بلادهم ضمن
حدودها الطبيعية في 8 آذار عام 1920م وتوجوا فيصل بن الحسين ملكاً عليهم.
في حزيران عام 1920م عين عطا
الأيوبي وزيراً للداخلية في حكومة علاء أحمد نظام الدين وذلك خلال حكم الملك فيصل.
هاجمت الجيوش
الفرنسية سورية لإخضاعها والسيطرة عليها. كان عطا
الأيوبي ضد هذا التدخل الفرنسي وأقام علاقات مع المناضلين السوريين وكان يعمل على
تمويل الثوار بالأسلحة والأموال، وإبراهيم هنانو، زعيم تنظيم
"حلب الثورة". في
اللاذقية، ويقال: إن غض النظر عن أنشطة عمر البيطار، ورفض بصفته وزيراً للداخلية،
إلقاء القبض على المتمردين، وكان يعطي الثوار المعلومات لوضع الكمائن على الحاميات
الفرنسية. كما كان وزيراً خلال معركة ميسلون الشهيرة حيث هُزم الجيش السوري من
جانب الجيش الفرنسي واستشهد في تلك المعركة زميله يوسف العظمة، وزير
الحربية.
أراد عطا
الأيوبي بعد معركة ميسلون اللجوء إلى
الوسائل الدبلوماسية لتحرير سورية وقبل بمنصب في الحكومة الموالية
لفرنسا. في آب عام 1920م، قامت مجموعة من الرجال المسلحين بمحاولة اغتياله وذلك في
منطقة حوران في جنوب سورية متهمة إياه بالخيانة لقبوله منصباً وزارياً تحت حكم
"الانتداب الفرنسي". فشلت محاولة الاغتيال في قتله أو حتى في إقناعه
بالتنحي وبقي في منصبه حتى عام 1922م، بعد أن أصبح وزيراً للعدل في الحكومة
الموالية لفرنسا برئاسة صبحي بركات، وحفظ منصبه
حتى بدء الانتفاضة الوطنية ضد الانتداب الفرنسي في عام 1925م. ويرى البعض أن الرجل
كان يستعمل مركزه لخدمة الثوار والعمل على استقلال سورية.
في عام 1928م
تحالف الأمير عطا الأيوبي مع "الكتلة الوطنية" دون
أن ينتسب رسميا إليها. كانت هذه الكتلة تدعو لتحرير سورية من خلال الوسائل
الدبلوماسية بدلاً من المقاومة المسلحة. خلال الثلاثينات من القرن العشرين، كان
الأيوبي يلعب دور الوسيط بين الجانبين.
تدهورت
العلاقات بين الكتلة الوطنية والفرنسيين تدهوراً حاداً في عام 1936م، ودعا قادة
التكتل الأمة باتفاق سري مع عطا الأيوبي إلى الإضراب العام الذي شل الحياة
التجارية، وقد برز في تلك الحقبة العصيبة الشيخ أحمد الإمام العنداني الذي كان
يلهب حماس الجماهير بخطبه النارية، ولما لم تتمكن حكومة الانتداب الفرنسي من القبض
عليه أطلقت عليه لقب (الشيخ المجهول). اعتقل المئات من السوريين وتعرضوا للضرب على
أيدي الجيش الفرنسي. استمرت هذه المحنة ستين يوماً وقد أحرجت فرنسا أمام المجتمع
الدولي. وتخوف الفرنسيون من انتشار الإضراب في المستعمرات الفرنسية في شمال
أفريقيا، عندها وعدت الحكومة الفرنسية بمعالجة مظالمها في سورية، ودعت أحد كبار
الكتلة مع وفد إلى باريس لمحادثات من أجل الاستقلال.
في الوقت
الذي كانت تناقش فيه الكتلة مستقبل سورية، تم حل حكومة تاج الدين الحسني وطلب المفوض
السامي الفرنسي هنري دي مرتال، من الأيوبي
تشكيل حكومة انتقاليه مستقلة للإشراف على شؤون الدولة. وقد تمكن رئيس الوزراء
الجديد من تكوين ائتلاف مجلس الوزراء ضم عناصر من الكتلة الوطنية والمؤيدين للوجود
الفرنسي. وعندما عادت الكتلة من فرنسا في أيلول عام 1936م، استقال الأيوبي من
منصبه بعد أن عملت حكومته لمدة 10 أشهر وكان قد أعلن الأيوبي مع رئيس الكتلة
الوطنية إنهاء الإضراب العام، وأعلن فوز الكتلة في التوصل إلى اتفاق مع فرنسا التي
تضمن استقلال سوريا على فترة 25 عاماً. صدق السوريون على هذا الاتفاق ولكن
الفرنسيين تراجعوا ورفضوه خوفاً من فقدان مستعمرة مهمة في العالم العربي وذلك إبان
اندلاع الحرب العالمية الثانية في أوروبا. في آذار عام 1943م، خلال الحرب العالمية
الثانية، قام الجنرال الفرنسي شارل ديغول بالهجوم على سوريا وذلك للقضاء على
الموالين لحكومة فيشي الموالية لألمانيا والمتمركزين في دمشق وقضى عليهم.
أصبح الأمير
عطا الأيوبي رئيساً للوزراء لفترة انتقالية ونصب نفسه أيضاً وزيراً للخارجية
والدفاع والداخلية وأشرف على الانتخابات الرئاسية. ترك منصبه في آب عام 1943م،
واستقال من الحياة السياسية وذلك إبان انتخاب الرئيس شكري القوتلي رئيساً
للدولة. كرمته الكتلة الوطنية إبان
الاستقلال في نيسان عام 1946م. وذلك للدور العظيم الذي لعبه في مساعدة الثوار
والكتلة الوطنية في تحقيق الاستقلال السوري. كان الأمير عطا الأيوبي قومياً كرس
نفسه لخدمة سورية واستقلالها ولم يكف يوماً عن
استعمال مركزه السياسي لتقديم الخدمات للثوار من أجل تحقيق الاستقلال. وبقي على
مبادئه حتى وفاته في عام 1951.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق