غضب ابن الأشعث وسار بنفسه على رأس
جيش كبير، واستطاع أن يوقع بالخوارج الإباضية هزيمة ماحقة في ناحية (سرت) شرقي
طرابلس في سنة (144هـ/761م)، وقد قتل أبو الخطاب في تلك المعركة، كما ألحق ابن
الأشعث بالخوارج هزيمة ثانية بعد ذلك بشهرين.
عقب هاتين الهزيمتين قام عبد
الرحمن بن رستم خليفة أبي الخطاب وواليه على القيروان بترك القيروان مع أتباعه
متجها إلى ناحية تاهرت بالمغرب الأوسط، ودخل ابن الأشعث القيروان وقضى على من تبقى
فيها من الخوارج، وأعاد بناء سورها فتم ذلك في سنة (146هـ/763م).
وتعرضت فترة حكم ابن الأشعث لمصاعب
كبيرة وخلافات شائكة بين أفراد جنده فعزل عن إفريقية وحل محله الأغلب بن سالم ابن
عقال التميمي.
ولم يكن حظ الأغلب بأحسن من حظ
سلفه ابن الأشعث حيث ثار عليه أحد قادة جنده وهو الحسن بن حرب الكندي، الذي تمكن
من قتله في شعبان من سنة (150هـ/767م) كما قتل الحسن بن حرب في نفس المعركة.
واستقر رأي المنصور على ابتعاث
والٍ مجرب محنك إلى المغرب، فاختار عمر بن حفص بن عثمان بن قبيصة المهلبي الذي
اشتهر بحروبه مع الخوارج.
وكان عمر بن حفص رجلا شجاعا
وإداريا مجربا فدخل القيروان سنة (151هـ/768م)، وضبط أمور إفريقية في حزم وعنف
فسكنت الفتنة. ولكنه واجه بعد ثلاث سنوات من الهدوء هجمة عنيفة من الخوارج يقودهم
يعقوب بن حبيب بن يطوفت مما اضطره إلى ترك القيروان والانسحاب إلى إقليم الزاب
وتحصن في (طبنة) ، في حين حاصر الخارجي يعقوب القيروان حصارا شديدا، في حين تجمع
الخوارج من كل حدب وصوب وقاموا بحصار طبنة على عمر بن حفص، ولكن هذا صمد لهم
بشجاعة وبسالة دون أن يتمكن الخوارج من اقتحام طبنة. وقد قر قرار الخوارج استئصال
شأفة أهل السنة من إفريقية. وقلق أبو جعفر المنصور، وخاف أن يتمكن الخوارج من
الاستيلاء على القيروان، فسير يزيد بن حاتم بن قبيصة في قوة كبيرة لنجدة عمر بن
حفص، فلما علم عمر بذلك كبر عليه أن يستنقذه يزيد من الحصار، فخرج لقتال الخوارج
فقتل في حربهم يوم السبت 15 ذي الحجة من سنة (154هـ/770م). وأقبل يزيد في جيش كثيف
عدته - فيما روت كتب التاريخ - تسعون ألفا، والتقى مع جموع الخوارج قرب طرابلس،
ودار بين الجيشين قتال عنيف هلك فيه الألوف من الطرفين، وكانت نتيجة المعركة
انتصار يزيد بن حاتم على الخوارج في سنة (155هـ/771م) في 23 ربيع الأول منها.
وكانت هذه المعركة حاسمة بالنسبة لمصير السنة والجماعة في إفريقية، ولم تقم
للخوارج بعدها قائمة في إفريقية. ودخل يزيد القيروان وبدأ فترة من الرخاء والهدوء
والبناء دامت خمس عشرة سنة. حيث توفي يزيد في سنة (174هـ/790م). وقد اهتم يزيد بن
حاتم بالقيروان فاجتهد في عمارتها وتنظيم أسواقها وتجديد جامعها. وتم له ذلك سنة
(155هـ/771م). وكان إلى شجاعته وقدرته الإدارية رجلا كريما. كما كانت له عناية
بالزراعة وشؤون الريف.. وقد عد المؤرخون فترة حكمه الفترة الذهبية لحكم الولاة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق