الشاعر عمران هو مولى بني تميم من
أتباع الإباضية، أبعده مذهبه عن شرور التعصب، فأبدع في وصف الشخصية الخارجية وأجاد
في تصوير حالتهم، وأطال في قصائده على عكس شعراء الخوارج فبلغت إحدى قصائده وهي
الرائية خمسة وخمسين بيتا. ومعظم شعره متصل بوقائع الإباضية وخاصة وقعة قديد، التي
انتصر فيها حمزة الخارجي على جيش الدولة الأموية. فيقول:
ما
بال همك ليس عنك بعازب … يمري سوابق دمعك المتساكب
وتبيت
تكتلئ النجوم بمقلـة … عبرى تسر بكل نجم دائــب
حذر
المنية أن تجيء بداهـة … لم أقض من تبع الشراة مآربـي
متأوهون
كأن في أجوافهـم … نارا تسعرها أكف حواطــب
تلقاهم
فتراهم من راكــع … أو ساجد متضرع أو ناحــب
يتلو
قوارع تمتري عبراتــه … فيجودها مري المري الحالــب
ومبرئين
من المعايب أحزروا … خصل المكارم أتقياء أطايــب
سائل
بيوم قديد عن وقعاتها … تخبرك عن وقعاتها بعجائـــب
الشاعر سميرة بن الجعد
هو من شعراء الخوارج القعدة، اتخذه
الحجاج بن يوسف الثقفي سميرا له، فلم يك يطلب شيئا من الحديث إلا وجد عنده منه
علما، وكان من أصحاب قطري بن الفجاءة، وكان قطري يومئذ يحارب المهلب، فبلغ قطريا
مكان سميرة من الحجاج فكتب إليه بأبيات يلومه على قعوده. فلما قرأ سميرة كتاب قطري
بكى وركب فرسه واخذ سلاحه، ولحق بقطري، وطلبه الحجاج فلم يقدر عليه، ولم يشعر
الحجاج إلا وكتاب قد بدر منه فيه شعر قطري الذي كان كتب به إليه، وفي أسفل الكتاب
إلى الحجاج أبيات شعر كتبها سميرة بن الجعد، منها:
فمن
مبلغ الحجاج أن سميـــرة … قلا كل دين غير دين الخـوارج
رأى
الناس إلا من رأى مثل رأيـه … ملاعين تراكين قصد المخـارج
فأقبلت
نحو الله بالله واثقــــا … وما كربتي غير الإله بفــارج
إلى
عصبة، أما النهار فإنهــــم … هم الأسد أسد الغيل عند التهايج
وأما
إذا ما الليل جن فإنهــــم … قيام كانواح النساء النواشــج
ينادون
للتحكيم، تالله إنهــــم … رأوا حكم عمرو كالريح الهوائج
وحكم
ابن قيس مثل ذاك فأعصموا … بحبل شديد المتن ليس بناهــج
ولسميرة بن الجعد العديد من
القصائد الشعرية يضمنها روح الخوارج ومن بعضها قوله:
عجبت
لحالات البلاء وللدهـر … وللحين يأتي المرء من حيث لا يدري
وللناس
يأتون الضلالة بعدمــا … أتاهم من الرحمن نور من البــدر
ولله
لا يخفى عليه صنيعنـــا … حفيظ علينا في المقام وفي
السفـر
علا
فوق عرش فوق سبع، ودونه … سماء يرى الرواح من دونها تجـري
شاعرة الخوارج الفارعة
بنت طريف بن الصلت، التغلبية الشيبانية
شاعرة خارجية من الفوارس. كانت تركب الخيل
وتقاتل، وعليها الدرع والمغفر. وهي أخت الوليد بن طريف الخارجي، اشتهرت بقصيدة لها
ترثي أخاها الوليد بن مطرف، وكانت تسلك سبيل الخنساء في مراثيها لأخيها صخر. وهذه
بعض أبيات من قصيدتها:
أيا
شجر الخابور مالك مورقا … كأنك لم تجزع على ابن طريف
فتى
لا يحب الزاد إلا من التقى… ولا المال إلا من قنا وسيـوف
كأنك
لم تشهد هناك ولم تقم… مقاما على الأعداء غير خفيف
ولها أيضا:
ذكرت
الوليد وأيامــه … إذ الأرض من شخصه بلقع
فأقبلت
أطلبه في السماء … كما يبتغي أنفه الأجــدع
أضاعك
قومك فليطلبوا … إفادة مثل الذي ضيــعوا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق