الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2015-10-12

"جران العود" والزواج الثاني – بقلم: الدكتور عثمان قدري مكانسي

هو جِران العَود الحارث بن عامر . لقب عامرٌ جرانَ العَود لأنه كان قد اتخذ جلداً من جران ( عنق ) العَود،  وهو ( الجمل المسنّ ) ليضرب به امرأتيه !.
وهو من أهل النصف الثاني من القرن السادس الميلادي ، ولعله أدرك السنوات الأولى من القرن السابع .. وذكر الأماكن التي وردت في أشعاره تدل على أنه من أهل العالية في الشمال الغربي من نجد ، قريباً من الحجاز .
يبدو أنه قد تزوج مراراً وأنه قد جمع بين امرأتين ، ولم يكن – على ما يبدو – سعيداًفي زواجه قط. ومع ذلك فقد جرب حظه مرة أخرى ، وكانت السن قد تقدمت به .. وهو شاعر فصيح العبارة، لطيف المعاني ،مرح خفيف الروح يخلط الهزل بالجد  شعره سهل عذب ، وفنونه الغزل والوصف.

وفي هذه القصيدة التي أوردتها لهذا الشاعر يصف ما لقيه من متاعب في زواجه ، بعد أن كان أُغرم بجمال مرأة ، ودفع لآلها مهراً كبيراً ، ثم تزوجها على امرأة كانت عنده ، فلقي منهما ما لقيه ! ... وفي القصيدة شيء من المرح كثير،  ودعابة ينشرح لها قلوب الواقعين فيما وقع فيه الشاعر،  ومن يود أن يقع فيه ولمّا يفعل !.
ألا لا يغُرّنّ امراً نوفليّةٌ = على الرأس ، بعدي ، أو ترائبُ وُضّحُ  -1
ولا فاحمٌ يُسقى الدّهانَ كأنه = أساودُ يَزهاها لعينيكَ أبطُحُ            -2
وأذنابُ خيلٍ عُلِّقت في عقيصة = تَرى قُرطَها من تحتها يتطوّحُ      -3
فإن الفتى المغرورَ يعطي تِلادَه = ويعطي الثنا من مالِه ، ثم يُفضحُ    -4
ويغدو بمسحاحٍ كأنّ عظامَها = محاجنُ أعراها اللحاءُ المشبِّحُ           -5
فتلك التي حكّمْتُ في المال أهلَها = وما كلُّ مبتاعٍ من الناس يربحُ       -6
لقد كان لي عن ضَرّتين – عدِمتُني - = وعمّا ألاقي منهما متزَحزَحُ   -7
هما الغولُ والسِّعلاةُ ، حلقِيَ منهما = مخَدّشُ ما بين التراقي مُجَرَّحُ      -8
تُداورُني في البيت حتى تَكُبَّني = وعينِيَ من نحو الهِراوةِ تَلمَحُ          -9
وقد عوّدَتْني الوقذَ ثم تجرُّني = إلى الماء مَغشِيّاً عليّ أُرَنَّحُ              -10
ولم أرَ كالموقوذِ تُرجى حياتُه= إذا لم يَرُعْه الماءُ ساعةَ يُنضَحُ            -11
أقول لنفسي : أين كانت؟ وقد أرى = رجالاً قياماً ، والنساءُ تُسبِّحُ        -12
خذا نصفَ مالي واترُكا ليَ نصفَه = وبِيْنا بذمٍّ ، فالتعزُّبُ أرْوَحُ           -13
ألاقي الخنا والبَرْحَ من أم حازمٍ= وما كنت ألقى من رُزَيْنةَ أبرحُ           -14
تُصَبُّرُ عينيها وتعصِب رأسها = وتغدو غُدُوَّ الذئب والبوُمُ يضبَحُ          -15
ترى رأسَها في كل مَبدىً ومَحضَرٍ= شعاليلَ لم يُمْشَطْ ولا هو يَسْرَحُ        -16
وإنْ سَرّحَتْه كان مثلَ عقاربٍ= تشولُ بأذنابٍ قِصارٍ وتَرمَحُ                    -17
ولمّا التقَيْنا غُدوَةً طالَ بيننا = سبابٌ وقذفٌ بالحجارة مِطْرَحُ                      -18
أُجَلّي إليها من بعيدٍ ، وأتّقي = حجارتَها حقّاً ولا أتَمَزَّحُ                             -19
عَمَدْتُ لِعَوْدٍ فالتَحَيتُ جِرانَه = ولَلْكيْسُ أمضى في الأمور وأنْجَحُ               -20
خذا حَذَراً يا خُلّتيّ فإنني = رأيتُ جِرانَ العَوْد قد كان يصلُحُ                       -21
                                 *******
1-نوفلية : غطاء تضعه المرأة على رأسها ليبدو شعرها أكبر حجماً وأعلى ارتفاعاً.
التريبة : جانب الصدر .  وضح : بيض .  يجب أن لا يغتر الإنسان بالجمال الصناعي .
2-الأساود : حيات سوداء .   الأبطح : بطن الوادي .  شعر فاحم يلتوي كالحيات السوداوات
3-الضفائر كثيفة طويلة كذنب الحصان .
4-الثنا عكس التلاد ، والتلاد القديم .  يدفع الجاهل كل ماله للمرأة التي يغتر بها .
5-المرأة المسحاح : السريعة المشي ، وهذا عيب في المرأة . المحجن : العصا المعقوف . والمشبح : المقشر . .. تبدو المرأة دون زينة على حقيقتها جلداً وعظاماً فقط.
8- السعلاة : أنثى الغول .
9- تناوره الأولى حتى تكبه على وجهه ، ثم تضربه بالعصا الغليظة !.
10- 11- فإذا غاب عن الوعي رشت عليه الماء ليصحو .
12- تسبح : تعجب .  يتعجب الرجال والنساء مما تفعل به زوجتاه .
13- يعرض عليهما نصف ماله إذا طلّقهما فحياة العزوبية أهون من بقائه معهما .
14- الخنا : قبيح الكلام . البرح : الأذى . يرى منهما السب والأذى .
15- تصبير العينين : صبغ ما حولهما . وضبح البوم : نعيبه : لا تتركانه ليلاً ولا نهاراً شتماً وسباً وإيذاءً .
16- المبدى : البادية . المحضر : المدن . الشعلول : الشعر المنفوش . لا تهتمان بزينتهما أبداً
17- فإن سرحت إحداهما شعرها رفعته كذنب العقرب تضرب به من خلفها .
20- 21-  الخلة : الزوجة ...  ليتقي شرهما عمد إلى عنق البعير فسلخه ، واتخذه سوطاُ يؤدبهما به ، وهذا ما يفعله العاقل مع زوجتيه الناشزتين .





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق