اللعبة القديمة الحديثة التي تُحاك منذ
زمن في أروقة المجتمع الدولي بشأن وضع حد لمسلسل أنهار الدماء التي تتدفق من أجساد
الشعب السوري لنحو خمس سنوات، ما كان منها معلناً أو بالخفاء، تصاعدت وتيرتها في
هذه الأيام، بعد سكوت وصمت مريب من المجتمع الدولي على المخلب الروسي المتمثل
بعشرات الطائرات الحربية الحديثة التي تجرب موسكو فاعليتها في سماء سورية لأول مرة،
لتزرع الموت والدمار في كل الأراضي السورية، وتجبر مئات الألوف على الهجرة إلى
خارج سورية أو إلى النزوح الداخلي بحثاً عن مكان يقيهم من صواريخ وقنابل هذه
الطائرات الفتاكة، التي لا تفرق بين ثائر ومدني، وطفل وشيخ وامرأة، أو مستشفى أو
دار عجزة أو مدرسة أو دور عبادة، وكل ذلك تحت غطاء محاربة الإرهاب، الذي أجمع الكل
أنه يتمثل في تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)،
وعاد الأسد الى دمشق وحيدا مع مدير
مكتبه، وبقي الشرع بموسكو لمقابلة المعارضة السورية المعتدلة والتمهيد للسلطة الانتقالية.
هكذا تخطط موسكو وتفصّل ليلبس السوريون
ما يحاك لهم، متناسية أن حقبة (سايكس بيكو) هي غير حقبة الثورة والثوار، فإذا ما
كان السوريون مغيبون في الماضي فهم اليوم حاضرون بكل الزخم والإرادة والتصميم،
فدون سورية اليوم بوحدة ترابها ونسيج مجتمعها وحرية شعبها وعيشه الكريم وإرادته
وقراره، لن تكون هناك حلول مهما تكالبت الأمم وأجمعت، فالقرار بيد السوريين وحدهم
وعلى موسكو وواشنطن وكل عواصم الدنيا أن تقر بذلك، وتدع سورية للسوريين للتوافق
على الحل بعيداً عن الإملاءات، فالشعب الذي قدم حتى الآن ما يزيد على 300 ألف شهيد
وأكثر من نصف مليون جريح ومفقود، وتهجير ونزوح أكثر من 13 مليون سوري لن يبخل
بتقديم المزيد حتى يتحقق النصر وينزاح كابوس حكم آل الأسد ونظامه وأركان حكمه عن
صدره {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق