الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2013-12-23

هل هناك دور لايران في ثورات الربيع العربي؟ - بقلم: طريف يوسف آغا


إذا نظرنا إلى مانتجت عنه ثورات الربيع العربي، وخاصة المصرية واليمنية والسورية، وذلك من حيث الجهة الاقليمية التي استفادت منها أكثر من غيرها بالاضافة لاسرائيل طبعاً، فلن نجد سوى إيران. وإذا تم ربط ذلك بما حدث خلال العقود الأخيرة، وكيف تحول كل من لبنان والعراق إلى محميتين إيرانيتين، فلا يسعنا إلى أن نسأل أنفسنا: هل هذا صدفة أم أن هناك مخططاً يتم تنفيذه على الأرض بالتدريج وبصمت؟


     طبعاً من البديهي تفسير الأمور بنتائجها وليس بظاهرها أو تفاصيلها، ولهذا سأمر على تلك الأحداث والثورات لنرى كيف صبت في النهاية في مصلحة إيران أكثر من غيرها.
المصرية: كان نظام مبارك، بالرغم من فساده على كافة المستويات، كان يشكل حلفاً إقليمياً قوياً مع المملكة السعودية ودول الجزيرة العربية والعراق والأردن في مواجهة المد الشيعي الذي تجاهر به حكومة طهران منذ وصول الملالي إلى السلطة عام 1979. تم حينها قطع العلاقات بين البلدين على خلفية استضافة السادات لشاه إيران المخلوع، وبالتالي فسقوط مبارك قبل عامين كان يعني بالنسبة لايران سقوط أحد ألد أعدائها الواقفين مع السعودية في وجه امتداد نفوذها. ولهذا رأينا كيف رحبت بانتصار الثورة المصرية وتم تبادل الزيارات الودية بين مرسي ونجاد وإعادة فتح السفارات ووعود إيران بمساعدات إقتصادية هائلة لمصر، كل هذا وسط دهشة العالمين العربي والاسلامي الذي لم يكن يتوقع هكذا سياسة من الاخوان المسلمين حيث الجميع يعرف أهداف إيران التوسعية المعلنة والمخفية. انقلاب السيسي، وأنا كنت وماأزال ضده كونه إنقلاباً عسكرياً، إلا أنه أعاد مصر إلى الحلف الاقليمي ضد إيران وحلفائها.
اليمنية: كذلك كان نظام صالح، وبالرغم من فساده، لاعباً قوياً ضمن هذا الحلف السني الذي تقوده السعودية ومصر في وجه المد الشيعي الايراني. وكلنا رأينا كيف شن حرباً لاهوادة فيها قبل نشوب الثورة بقليل على ميليشيات الحوثيين الشيعية المسلحة المدعومة من إيران والتي تعمل على نشر الفوضى وتشييع البلاد أو الانفصال بالشمال في مرحلة لاحقة. ورأينا كيف تدخلت السعودية عسكرياً لمساعدة حكومة اليمن في إخماد ذلك التمرد لأنها تعرف أن إيران تستهدفهما معاً وأنها ستكون التالية، خاصة وأن هناك الكثير من السعوديين الشيعة الذين يسكنون في المناطق الشرقية من المملكة ويتعاطفون مع إيران. إذاً فرحيل صالح، بالرغم من أنه أفرح الشعب اليمني، إلا أنه أفرح أيضاً حكام طهران لأنهم تخلصوا من عدو لدود آخر لهم، ونرى الحوثيين اليوم وقد عادوا لشن هجمات مسلحة ضد الجيش والقبائل في الشمال في محاولة لتوسيع نفوذهم. وتجدر الاشارة هنا أيضاً إلى دفع إيران لشيعة البحرين في بداية الثورات العربية لقلب نظام الحكم السني، فسارعت السعودية وتدخلت عسكرياً لافشالها.
السورية: قد يسأل البعض كيف استفادت إيران من الثورة هناك وهي التي نشبت ضد النظام العربي الوحيد الحليف لها في المنطقة؟ كلنا نعرف أن الأسد الأب كان متحالفاً مع إيران، ولكنه أيضاً كان حذراً في هذا التحالف بحيث لم يفتح لها الباب على مصراعيه لأنه كان يعرف أن هذا التحالف إنما أشبه بزواج المتعة أو المصلحة المؤقت كون الشيعة هم الأكثر عداءاً وكراهيةً للعلويين من أي شعب آخر، وأنهم لو وقعوا بيد الملالي فلن يرحموهم. ثم أتى الموت اللغز لباسل الأسد في حادث سيارة عام 1994 ليزيحه من لائحة الرئيس القادم ويضع بدلاً منه بشار الذي لم يكن يعرف حتى ماهي السياسة ليعرف ماهو بعد النظر. وهذا بدوره صب في مصلحة إيران وحقق لها أحلامها بفتح أبواب سورية على مصراعيها ودون أي قيد أو شرط، وهذا بالتالي يدعو للسؤال فيما إذا كان لها يد في حادثة السيارة إياها. نعم كانت إيران قبل الثورة السورية تتمتع بنفوذ إقتصادي واجتماعي وتشييعي، وبالتالي سياسي، ولكنها الآن وبعد تعسكر الثورة، صار لها نفوذ عسكري على الأرض متمثل بحرسها الثوري ومقاتلي حزب الله اللبناني والميليشيات العراقية واليمنية وغيرها، وهذا مادفع أحد ملاليها ليعلن مؤخراً أن سورية هي المحافظة الايرانية الخامسة والثلاثين. هذا التصريح وضع (رئيس المقاومة والممانعة) مع (جيشه الوطني العقائدي) مع (طائفته الكريمة) كلهم في خدمة الولي الفقيه في طهران. أما الاتفاق الايراني النووي الأخير مع الغرب فانما يشير إلى اعتراف هذا الغرب باحتلال إيران لسورية، تماماً كما سبق واعترف باحتلالها للبنان بواسطة حزب الله من خلال اتفاق الطائف واعترافه باحتلالها للعراق بعد الانسحاب الأمريكي. ولابد من الاشارة هنا إلى أن إجبار أمريكا للأسد الابن على سحب جيشه من لبنان عام 2005 أتى أيضاً لمصلحة إيران، فبعد أن كان القرار السياسي في لبنان سورياً- إيرانياً مشتركاً، أصبح بعد ذلك قراراً إيرانياً صرفاً.
     ليس هناك حتى الآن مايشير إلى دور إيراني في ثورات الربيع العربي إلا أنها كانت أكبر المستفيدين من نتائجها، كما يبدو أن الغربيين ومعهم الإسرائيليين راضين على توسع النفوذ الايراني على حساب العرب. السؤال هنا هل سينجح الحلف السعودي- المصري ومن معه في إيقاف هذا المد الشيعي الذي يسير باتجاههم أيضاً؟ أعتقد أن انتصار هذا الحلف سيكون صعباً من دون أن يضم إليه الدولة السنية الاقليمية الأقوى في المنطقة: تركيا، وإذا لم تحل دول هذا الحلف خلافاتها السياسية مع تركيا، فسنرى علم الدولة الفارسية يرفرف قريباً فوق قصور الحكم فيها.   
***
(يسمح بنشرها دون إذن مسبق)
بقلم: طريف يوسف آغا
كاتب وشاعر عربي سوري مغترب
عضو رابطة كتاب الثورة السورية
الاثنين 6 صفر 1435، 9 كانون الأول، ديسيمبر 2013
هيوستن / تكساس


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق