الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2013-12-04

هيكل سليمان وأبو سليمان رد على المتأملين بانضمام (الطائفة الكريمة) للثورة – بقلم: طريف يوسف آغا

     قد يعتقد البعض أن جمعي لهذين (السليمانين) في عنوان المقال هو مجرد صدفة أو تشابه أسماء، إلا أنه في الواقع ليس كذلك. فقد استعمل الاسرائيليون حجة البحث عن موقع (هيكل سليمان) لتهويد القدس وقضم الأراضي العربية لتوطين اليهود فيها، في حين أن الأسد الأب (أبو سليمان) لم يستعمل أي حجة لاستقدام أبناء طائفته العلوية إلى المدن الرئيسية، ودمشق خاصة، لتوطينهم فيها وبالمجان.


     وسياسة الاستيطان هي سياسة اتبعها الاستعمار في كل زمان ومكان، فاستعملها الفرنسيون في الجزائر والبريطانيون في الهند والايطاليون في ليبيا والاسبان والبرتغال في أمريكا اللاتينية وهكذا، وابتداء من بداية القرن العشرين استعملها اليهود في فلسطين ومازالوا حتى يومنا هذا يمارسون هذه السياسة. وطبعاً لاأحد يلوم أي دولة استعمارية على ممارسة سياسة عدوانية في البلد الذي تحتله، فهي أصلاً ماأتت إلا لتستغله وتنهبه وتتمتع بخيراته على حساب أصحابه الأصليين. ولكن أن يأت نظام يدعي القومية والوطنية والعروبة ليمارس نفس هذه السياسة، فهذا أمر يستحق الوقوف عنده ويستوجب في نفس الوقت وضع إشارات الاستفهام أمام تبعية وأهداف هذا النظام، ولاأعتقد أننا نكون قد ظلمناه كثيراً حين نضعه، بسبب تلك السياسة، في مصاف الأنظمة الاستعمارية السابقة الذكر، وإن كان يتكلم العربية ويحمل رئيسه وأركان حكمه هوية البلد.
     لقد عرف (أبو سليمان) منذ البداية أن استيلائه على الحكم في سورية هو الجزء الأسهل من عملية بنائه لدولته المافيوية الوراثية، والتي أشرت في العديد من مقالاتي السابقة أن هدفها الحقيقي هو منح الجولان لاسرائيل والحفاظ على أمنها وأمانها فيما بعد. ولاشك أنه لذلك قد عرف أن ثورة الشعب السوري عليه لابد وأنها آتية عاجلاً أو آجلاً حالما تتكشف أهدافه، وبالتالي فلم يجد أي حرج من تقليد جارته وحليفته العبرية، ومن قبلها باقي الدول الاستعمارية الآنفة الذكر. لقد أوحت خدعة (هيكل سليمان) لصاحبنا باحضار أبناء طائفته من قرى الساحل وتوطينهم في العاصمة دمشق بالمجان. فسريعاً بعد استيلائه على الحكم بانقلاب عسكري عام 1970، رأينا كيف خرجت إلى الوجود مجمعات سكنية عشوائية لم تكن موجودة، لتحيط بالعاصمة من كافة جهات ضواحيها إحاطة سلاسل السجان بيدي السجين. فخرجت إلى الوجود مساكن (الأسد) و(عش الورور) في ضاحية برزة شمال شرق العاصمة، ومساكن (86) في ضاحية المزة إلى الغرب ومساكن (العرين) و(الورود) في ضاحية قدسيا إلى الشمال الغربي ومساكن (التضامن) في ضاحية المخيم إلى الجنوب. ولاشك أن أهل دمشق ينظرون إلى هذه التجمعات نظرة الفلسطينيين إلى المستوطنات التي تحاول إسرائيل من خلالها فرض أمر واقع جديد من جهة والدفاع عن وجودها في حالة الخطر بتسليحها للمستوطنين من جهة ثانية.
    الفرق الجلي بين المستوطنات الاسرائيلية والمستوطنات العلوية أن حكومة الأولى تبنيها بمواصفات إنسانية تليق بسكن مواطنيها. في حين أن حكومة الثانية (تهب) الأرض مجاناً لأبناء (الطائفة الكريمة) ليقوموا بوضع مساكن عشوائية ومخالفة وأغلبها من مواد رخيصة كالتوتياء، ومن دون شوارع ممهدة ولاتليق حتى بسكن الحيوانات. وإن كان هذا يدل على شئ فيدل أن ذلك النظام يحتقر أبناء طائفته كما يحتقر أبناء الأغلبية السنية وباقي الأقليات، ولايرى فيهم بشراً بقدر مايرى فيهم خدماً له مهمتم تحقيق أهدافه ليس إلا. وإهماله مبادلة أسراه العلويين الواقعين في قبضة الجيش الحر، في حين مبادلته للأسرى الايرانيين واللبنانيين الشيعة، لأكبر دليل على ذلك. ولكن لو كانت هذه الطائفة كريمة حقاً، لرفضت أن تعيش على أرض مسروقة وتستمتع بخدمات مسروقة على مدى أربعين عاماً، ثم أن تسرق بيوت غيرها بحجة الدفاع عن (المقاومة والممانعة) بعد قيام الثورة. صحيح أن معظم أفرادها متخلفين وربما فقراء، ولكن لاأعتقد أن هناك من يختلف على تعريف السرقة والنهب، ناهيك على تعريف ماهية المجازر. فأرجو ممن مازالوا يطلقون على هؤلاء اللصوص بامتياز لقب (الطائفة الكريمة) أن يتوقفوا عن ذلك لأنه بات يثير القرف والسخرية في نفس الوقت، وكما يقول المثل (لو بدها تشتي لغيمت). العلويون الوحيدون الذين يستحقون هذا اللقب هم ممن وقف مع الثورة منذ بدايتها، والأكثر منهم استحقاقاً هم ممن وقف ضد النظام منذ البداية وعارضوه علناً أو ضمناً، أو على الأقل لم يتعاونوا معه، وللأسف فما أقل هؤلاء.
     المحرقة التي تتعرض لها (الطائفة الكريمة) اليوم، والتي يقال أنها ذهبت بحوالي 100 ألف منهم حتى الآن، ماعدا حوالي 200 ألف من بقية الشعب السوري، إنما جرهم إليها (أبو سليمان) حين أحضرهم من قراهم لبناء (هيكله) الأسدي. وبما أن تلك المحرقة تساعد إسرائيل أولاً على الاحتفاظ بالجولان وإيران ثانياً على إكمال مشروعها الصفوي بتشييع سورية، فلن أستغرب إن تم البرهان بالدليل القاطع في المستقبل أن والدة المذكور يهودية ووالده إيراني.
***
(يسمح بنشرها دون إذن مسبق)
بقلم: طريف يوسف آغا
كاتب وشاعر عربي سوري مغترب
عضو رابطة كتاب الثورة السورية
الاثنين 29 محرم 1435، 2 كانون الأول، ديسيمبر 2013
هيوستن / تكساس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق