أرسلت لي صحفية عربية .. جزائرية
المولد ..إسلامية العقيدة والفكر ..بنت بلد المليون شهيد..البلد الذي حكمته فرنسا
بجبروتها وطغيانها 130 سنة ..أطول فترة إستعمار حصلت في البلاد العربية ..
هذه الرسالة الكريمة عبر الشبكة
الإجتماعية ...
مرحبا دكتور واحي فيكم هذه الروج كما ننقل لكم
اعجابنا بكل ما يجود به قلمكم
ويسرنا ان نطرح عليكم بعض الاسئلة خاصة بالوضع
في مصر
كيف تقيمون الوضع المصري حاليا خاصة بعد اطلاق
سراح مبارك؟
وهل هذا يدعونا الى تغيير مصطلح
الربيع العربي على اعتبار أن بوصلة الآحدث انعكس بالسلب وحصد المصريون والسوريون
الشوك بدل الزهور؟
عموما دكتور نتظر كرمكم
الا ترون ان العرب قد وقعوا في الفخ بارادة منهم
شعوبا وقيادة،الشعوب من خلال اندفاعها ورغبتها الجامحة في التغيير والحكام من
ناحية خرجهم عن النص وتمسكم بالكرسي ولو على حساب مصلحة الوطن...
يجب أن نعلم علم
اليقين – إن كنا نؤمن بالله تعالى – أن الذي أحدث هذه الثورات في البلاد العربية
هو الله تعالى ...
إنه سبحانه أراد من هذه الثورات أن يفتح للمسلمين كوة .. لينطلقوا
منها بعد ذلك للتحرر .. والخروج من السجن الذي لبثوا فيه قرناً كاملاً منذ الحرب
العالمية الأولى .. ومؤامرات حسين مكماهون .. ووعد بلفور المشؤوم .. وسقوط الخلافة
الإسلامية ..
والدليل على أن الله تعالى هو القائد .. والموجه .. والباعث
لهذه الثورات هو:
قيام شخص نكرة .. مجهول .. بسيط .. غلبان يدعى محمد البوعزيزي
في تونس .. المحكومة بالحديد والنار .. بحرق نفسه إحتجاجاً على أوضاع بلده المزرية
.. المأساوية ..
فكانت الشرارة الأولى لإنطلاق الثورة .. وإحداث الصدمة المنبهة
.. التي أيقظت شعوبا كانت نائمة.. ردحا طويلا من الزمن..
كم من شخص في العالم حرقوا أنفسهم قبله .. وكم من أناس آخرين حرقوا
أنفسهم أيضاً بعده .. ولم يحصل شيء !!!
فلماذا هذا الشخص بالذات أحدث كل هذه التغييرات الهائلة ..
الكبيرة في خمسة بلدان عربية حتى الآن ؟؟؟
هل هو رسول من عند الله ؟؟؟
هل هو نبي من عند الله ؟؟؟
هل هو ولي من أولياء الله الصالحين ؟؟؟
هل هو عبد مُقَرَب .. صادق .. مخلص لله ؟؟؟
هنا مكمن السر الإلهي الذي يوحي .. ويشي بأن الله جل جلاله .. كان
الراعي الحصري والوحيد لهذه الإنطلاقة التحريرية !!!
وهذا الوصف ليس فيه –
كما يظن بعض الجهلاء المتزمتين - إنتقاصاً من مقام الربوبية الأسنى .. الأعلى ..
ولا يتعارض مع أسمائه وصفاته الحسنى إطلاقاً .. فهو سبحانه الخالق .. والمدبر .. والمتصرف
الوحيد الأوحد في هذا الكون ..
ويشي أيضاً .. بأن الله حينما يعلم من أحد من عبيده .. الصدق
والإخلاص .. فإنه سبحانه يُثَمره .. وينميه .. ويرعاه .. ويوجهه .. ويدعمه ليقوى
.. ويكبر .. وينتشر في الأرض .. ويحدث فيها أمراً جللاً !!!
وهذا ما كان .. وما حدث !!!
لقد فاجأت هذه الثورات .. الدنيا بكل مكوناتها !!!
وفاجأت العبيد النائمين تحت أقدام الطغاة من شرق وغرب .. وعرب
وعجم !!!
فاستيقظ الطغاة مذعورين .. مرعوبين .. خائفين أن ينتشر هذا
الزلزال في كل مكان .. فيقوض بنيانهم .. ويحطم عروشهم .. ويُفقد سيطرتهم على
عبيدهم !!!
فتداعوا كلهم .. ليحصنوا
أنفسهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً .. وليتعاملوا معه بالكيد والدهاء .. ويعالجوه
بالمكر والخبث !!!
وتعامل الذين يديرون شؤون هذه البلاد من وراء ستار .. مع كل
بلد بطريقة مختلفة عن البلد الآخر .. حسب موقعه الإستراتيجي .. وحسب درجة سيطرتهم
عليه .. وحسب المنافع والمصالح التي يؤمنها لهم !!!
فبالنسبة لمصر إرتأت أمريكا وتوابعها .. وهي الخبيرة في معرفة
طبيعتها منذ جمال عبد الناصر .. وطبيعة شعبها المسالم .. الهادئ .. الوادع .. أن
يضحكوا على الشعب المسكين .. الغلبان الذي ثار لأول مرة في تاريخه الطويل .. منذ
أن وُجدت مصر قبل 7 آلاف سنة .. بشكل عاطفي وقاد.. وأن يسايروا هيجانه الفائر ..
وأن يمتصوا غضبته العارمه .. بإعطائه قطعة حلوى واحدة لا شريك لها.. يمصها
ويتلهى بها .. وهو فرحان .. جذلان !!!
وكانت تلك الحلوى إقالة الرئيس عن الحكم فقط .. لا غير !!!
وما إن حصل على هذه الحلوى .. حتى أخذ يرقص .. ويتمايل طرباً
.. منتشياً .. مستمتعاً بمذاقها الحلو !!!
وهكذا عاد الشعب المسكين بمحض إرادته .. وموافقته إلى سجنه
القديم .. الذي حصلت له بعض التعديلات الخارجية المزخرفة .. مزهوا .. منتفشاً
ظاناً أنه حقق أكبر الإنتصارات .. بإزالة الحاكم العجوز !!!
ومن المضحك المبكي .. أنه قد انطلت هذه الخديعة أيضاً على عقول
الجماعات الإسلامية .. بكل مكوناتها الفكرية والتنظيمية .. فظنت أن هذه هي اللحظة
المناسبة لتحقيق هدف الإسلام .. في الهيمنة على الحياة بكل جوانبها!!!
وما درت أنه فخ قد نُصب لها .. وأُعد لها بخبث ومكر شديدين ..
ليضربوا الإسلام .. وينفروا الناس منه .. كما فعلوا سابقاً في الجزائر مع جبهة
الإنقاذ .. وفي فلسطين مع حركة حماس .. فلم يستفيدوا من هاتين التجربتين .. ولم
يسألوا أنفسهم .. كيف لهم أن يحكموا بلداً .. وزبانية الطاغوت من مخابرات وعسكر
وشرطة وقضاء وإعلام .. لا يزالون مسيطرين .. ومهيمنين عليه؟؟؟؟؟
وعليه:
أخذت تشارك وتساهم في صياغة الحياة الجديدة .. وغرها أنها وجدت
تجاوباً .. ومساندة .. ودعماً من الشعب المتلهف .. المتطلع إلى آفاق الحرية التي
يحققها له حكم الإسلام !!!
وما إن أخذ صوت الإسلام يقوى .. ويشتد .. ويعلو في سماء مصر ..
ويخيف .. ويزعج .. ويغيظ.. ويرعب أعداء الله من اليهود والصليبيين وتوابعهم .. حتى
بادروا بتنفيذ المكيدة المُعدة منذ زمن .. بطريقة إخراج عبيدهم .. وغلمانهم إلى
الشوارع .. وإضفاء عليهم أرقاماً فلكية .. لا تصدقها حتى عقول الأطفال .. ليهتفوا
للعسكر .. كي يعود ليحكمهم من جديد .. ويخلصهم من الحرية التي سئموا منها .. وملوا
ممارستها .. فهم لم يعتادوها .. واشتاقوا إلى حياة الذل .. والعبيد!!!
كما سبق وأن فعل بنو إسرائيل قديماً .. بعد أن حررهم الله من
ربقة العبودية لفرعون .. ومنحهم طعاماً لذيذاً .. المن والسلوى .. فلم يعجبهم ..
وطلبوا طعام الذل .. والمهانة الذي اعتادوا عليه فقالوا لموسى :
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ
فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا
وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى
بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ البقرة 61
وهكذا .. عادت مصر من
جديد إلى عهد الطغيان والإستبداد بشكل أشد وأسوأ .. مما كان سابقاً وبتأييد ..
ومباركة بعض الحثالات البشرية السخيفة .. التافهة .. المخدوعة .. المُغَرر بها !!!
الجمعة 25 محرم 1435
29 تشرين الثاني 2019
د/ موفق مصطفى السباعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق