من
الممكن أن نطلق عليها اسم (فانتازيا سياسية ) هذه أولاً
وثانياً بعد قليل
لنفترض
هناك شخصان يتحاوران وهما سوريان مؤيدان للثورة السورية
الشخصان
لهما هدف واحد , وفي نفس الوقت يحملان نفس الهًمّ ويبحثان عن طرق يمكن من خلالها
الوصول لتحقيق الهدف ومن ثم إزاحة الهمَ عن كاهليهما المتعبان .
في سوريا
توجد حرب طاحنة مضى عليها ثلاث سنوات أحرقت الأخضر واليابس ودمرت الحجر والبشر
وهجرها أهلوها , ولا بد من الوصول إلى السلام عن طريق تحقيق الهدف
فقال
الأول :
الفانتازيا
, ثم سكت قليلاً ورفع نظره إلى السماء , ومن ثم أعاد رأسه لحالته الطبيعية وقال
لصاحبه لقد وجدت الحل ؟؟!!
فقال له
صاحبه أرجوك قله لي قبل أن تنسى ؟
قال (الفانتازيا)
هي كلمة تستخدم في التأمل الفكري والسحر والخيال , ومواردها من الأساطير والحكايات
الشعبية , وعن طريق ماتعنيه الكلمة سأصل من خلالها لتحليل عميق جداً , عن سبب تأخر
انتصار الثورة السورية , هذه الكلمة تراها موجودة عند أجندات معظم الثوار , تبتعد
عن العلم وعن الواقعية وتشترك معظمها في التأمل وأن الحلم سيتحقق بأسلوب سحري تلقف
ماصنع الساحرون الآخرون من أفاعي سحرية لتعيش العصا الذي بيده فقط , كما فعلت عصى
موسى عليه السلام بأفاعي السحرة
ياصديقي فالفانتازيا تراها واضحة جلية عند معظم
مقاتلينا , فالواقعية غابت عن الجميع وواقعية الحرب هي ليست غاية وإنما وسيلة
لتحقيق السلم والأمان والعدل , وفانتازيا المجاهدين أن الحرب هي وسيلة للموت
والشهادة وليست وسيلة للسلم والحياة
وهنا
علينا البحث عن السبب المباشر والذي جعل الثوار يتبنون فكرة التأمل والسحر والخيال
عن فكرة ( أن الحرب ليست غاية بحد ذاتها
وإنما هي وسيلة يضطر فيها الانسان من أجل السلام )
في الحرب
لايوجد منتصر ولكن يوجد رابح وخاسر , والواقعية
في الحرب هو استثمار المكتسبات والربح فيها , وهذه المكتسبات واستثمارها
لايمكن الفائدة منها مالم تكن هناك سلطة سياسية تديرها , فالمحارب عندما يتسلم
السلطة , سينتقل من حرب إلى حرب ليقدم مزيداً من الخراب والدمار
لذلك لم
أجد عند الثوار أو ممن يدعون أنهم يمثلون الثورة سياسياً ....سياسي واحد يستطيع أن
يكون أو بالأحرى عنده القدرة على أن يكون قادراً على حمل المسئولية العسكرية
وتطويعها سياسياً ليمثل هنا وحش كاسر مفترس , وتطويعها سياسياً في أن يكون ثعلباً
مراوغاً يجعل من المستحيل ممكن ويكون بيده
ثم سكت
ليترك المجال لصاحبه , فعقب على كلامه وقال :
ورد في
اسطورة يونانية أن (نركسوس ) كان آية في الجمال وعشق نفسه حتى الموت عندما رأى
نفسه في المرآة , ومنها انطلق اسم النرجسية حب النفس والغرور والتكبر على الجميع ,
وهذه النرجسية موجودة في معظم الكتائب المقاتلة وتعتبر أنها هي الأفضل والنرجسية
تملأها من الأعلى إلى أخمص القدمين وحال مشروعها سيكون كحال (نركسوس ) اليوناني
فقد
تشكلت قيادتان وتجمعات سياسية وكل مسئول فيها عنده هدف المنصب ونرجسيته تقع على
تلك الكرسي المعلقة في الهواء , وجمع حوله وضم إلى التكتل موال وماسح وغبي , وتم
استبعاد صاحب الفكر والعقل والسياسة , حتى تبقى الفوائد والمكتسبات الآنية تصله
لذلك
ياصديقي لنبحث عن الأشخاص أو قد نجد الصفات المطلوبة عندنا نحن الاثنان وسنجد
حتماً من يماثلنا في الرؤى والفكر وأن الحرب هي وسيلة للسلم وليس هدف من أجل الحرب
للحرب , أو سيكون أفضل منا وأعلانا في رؤاه , فلنبحث عن القيادة السياسية والتي
تستطيع تطويع الأعداء أو تحييدهم وزيادة دعم الأصدقاء وكسب أصدقاء جدد , فلن
تستطيع الوقوف في وجه العاصفة مالم تتحايل عليها
ففي
داخلك ليث لاتتنازل ولا تتخلى عن شراسته أبداً ولكن تحتاج لأن تلبس جلد الثعلب
ومكره , وفي أوقات يلزمك جلد الحمل .
د.عبدالغني
حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق