سألني أحد الإخوة، بعد نشر مقالي
( ثلاثية الثورة السورية) قائلاً : هل تعني في مقالك، ضرورة تخلي كل الأحزاب
والجماعات والتيارات، عن مناهجها، أم كيف ذلك ؟
وللتوضيح نبين ما يأتي:
من حق كل جماعة أو حركة أو حزب أو
تجمع أو تيار، أن يكون نفسه، ويقوي جماعته، ويتخذ لنفسه منهجاً خاصاً، يدافع عنه،
ويدعو له، ويربي أتباعه وأنصاره عليه، لأنه اجتهاد يدخل في إطار الإثراء، ولا مانع
منه، بل قد تدخل في عالم الوجوب، طالما الأمر ضمن ثوابت الأمة .
والذي تحدثت عنه، هو نقد حصر
الثورة العامة ثورة الشعب، بفكر معين، أو طابع محدد، وبذل كل ما في جهة ما لصبغ
الثورة بمناهجها، ونريد عند الحديث عن
الثورة، أن نتحلق حول القواسم المشتركة، من أجل نجاح الثورة، وتحقيق أهدافها.
فعلى كل الفصائل التي تعمل في
إطار الثورة، والعمل لها، أن تنتج توافقات عامة، وهي سبيل من سبل الفلاح والنجاح،
ولو أن ل فصيل أو جماعة، يعمل على جر الثورة إلى مربعه حصراً، فهذا يؤدي إلى تشرذم
وتضاد وفرقة، ومن ثم التنازع الذي يؤدي إلى الفشل.
نحن بحاجة إلى توافق منقذ.
فكل مرحلة لها خصائصها، وهذه
المرحلة التي يمر بها بلدنا، بحاجة إلى هذا الفقه، نحن في مرحلة ( وتعانوا) وفريضة
( واعتصموا).
والتنافس الإيجابي، ليس محله هذه
المرحلة الدقيقة، التي ستأتي على كل التجمعات، إن لم نستوعب حاجيات المرحلة
وضرورياتها.
فلا تعارض بين عام وخاص، كما يقول
علماء الأصول، فيعمل بالخاص فيما تناوله وبالعام في الباقي، وتكون النتيجة، أن
اختلاف التنوع يؤدي إلى حصول المساحات المشتركة، التي تقلل من اختلاف التضاد، إن
لم تكن تنهيه، إن صدقت النوايا.
ومعلوم في فقهنا، أنه إذا تعارضت
المصلحة الخاصة، مع المصلحة العامة، قدمت المصلحة العامة، ويتحمل الضرر الأصغر،
لدفع الضرر الأكبر.
فطوبى لمن سخر كل موارد جماعته،
بكل ما في سلتها من معان ومعادن، من أجل المصالح العامة للأمة.
بل لا خير في الفرد وأي تجمع، إن
لم يكن كذلك.
ومعلوم أيضاً أن التكوينات
والتنظيمات، إنما هي وسائط ووسائل، للوصول إلى تحقيق الواجب، على مبدأ ( ما لا يتم
الواجب إلا به فهو واجب )، فإن لم يكن ذلك كذلك، إذن هناك خلل في التصور، ودخن في
الفكر، وهنا يدخل الناس في دوائر التعصب، حيث تصبح الوسيلة غاية وهدفاً، وهذا لا
يقول به من عنده مسكة من معرفة شرعية، وفهم واقعي، ووعي سياسي.
فأنا مع تقوية كل التيارات
الوسطية العاملة في الساحة، على أن تعود قوتها – من خلال بناء قدراتها الذاتية –
على الثورة بالخير والبركة، ونجاح المشروع العام.
وإذا لم يكن هذا على هذه الصورة،
لا يمكن أن نترجم الفعل إلى واقع، مفيد ونافع ومؤثر، ففاقد الشيء لا يعطيه.
ما أحوجنا إلى وحدة الصف، وجمع
الكلمة، والتآلف والتحابب، ونبذ الفرقة، وتقديم المصلحة العامة على الخاصة،
والتآثر .
كل هذه المعاني، دليلها قول الله
تعالى : { ويؤثرون على أنفسهم ولو ان بهم خصاصة }
وجماعة الإخوان، هذا ديدنها، وعلى
ضوئه تسير، لذا رحبت بميثاق الشرف الثوري، وباركت بإطلاق المجلس الإسلامي السوري،
وهكذا نسعد بكل ما يخدم هذا المنهج الطيب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق