أولاً- الخوارج -ومنهم أمراء هذه
التنظيمات الضالة- ليسوا من أهل السّنّة والجماعة وإن ادَّعَوُا الانتساب إليها،
وهم مرتدُّون بظاهر نصّ النبي، بل يخرجون من الدّين بسرعةٍ دون أن يظهر عليهم شيءٌ
من الإسلام، وهو المعبَّرُ عنه بالمروق من الدّين كما يمرُقُ السّهم من
الرَّمِيَّة، ففي البخاري ومسلم قول النبي: "يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ
-وَلَمْ يَقُلْ: مِنْهَا- قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ ...
يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ". وقال في
سنن ابن ماجه: "يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ
الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ". وقال في مسند أحمد: "كِلَابُ
أَهْلِ النَّارِ، قَدْ كَانَ هَؤُلَاءِ مُسْلِمِينَ فَصَارُوا كُفَّارًا".
وقد وصفهم النبي في مسند أحمد بقوله: "هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ".
وقوله في سنن ابن ماجه: "كِلَابُ أَهْلِ النَّارِ".
ثانياً-أما التّعامل مع عناصر هذه
التنظيمات فيختلف؛ لأنّهم ثلاثةُ أصنافٍ:
الصنف الأول: المغترُّون بأمراء هذه
التنظيمات سواء كانوا من المهاجرين أو الأنصار، وأكثرهم صغار السن، أو طيبو القلب،
غرّهم ظاهرُ عباداتهم، ودعوتهم إلى الكتاب والسنة، والأمراء الخبيثون يستثمرون
دماءهم وجهادهم بذريعة (السمع والطاعة).
الصنف الثاني: المهاجرون الذين تفرغوا
للجهاد في بلاد الشام، وتلمَس منهم الإخلاص وحسن الخلق، وخاصة الإخوة القوقازيون،
وأكثر المصريين الذين تجد فيهم سيرة المهاجرين الأوائل، ككثير من المهاجرين الذين
لا ينتمون إلى هذه التنظيمات. والتعامل مع هذين القسمين هو بمنطق الإخوة بين
المسلمين من المهاجرين والأنصار؛ ولكن نبين لهم صفات الصنف الثالث من هؤلاء
الخوارج، وأنهم يستخدمونهم أداةً للوصول إلى غاياتهم الخبيثة، وقد تنبّه لضلالهم
بعض المهاجرين فأعلنوا انشقاقهم عنهم، وعلى المغترّين بهم أن يتنبّهوا لحقيقتهم،
وأنهم يُكَثِّرون سوادَهم، ويوالونهم، فينالهم قول الله تعالى: (...وَمَنْ
يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ...) (المائدة:51).
الصنف الثالث: أصحاب القرار في هذه
التنظيمات الذين تفرغوا للإمارة، ووجدوا في خيرات بلاد الشام مورِداً ثرّاً
للرّزق، فمكثوا في المقرّات، ونَسُوا نُصْرة أهل الشّام، واستخدموا أتباعهم عبيداً
للجهاد من أجل جمع الدنيا، وأنشأوا دولةً وهميّةً لذلك، ويتاجرون بدماء الصِّنفيْن
الأوّل والثّاني للوصول إلى غاياتهم، وأكثرهم من العراقيين منبع الخوارج الذين
يتقنون فن (الشقاق والنفاق والفتنة)؛ ثم بعض الليبيين والجزائريين والتونسيين الأجلاف
غلاظ القلوب، وهؤلاء تنطبق عليهم أكثر صفات الخوارج، وهم المعنيون في الخطاب هنا.
والواجب تجاههم:
أولاً- تحذيرُهم من خطورة منهجهم،
ودعوتُهم إلى الأخوة بين المهاجرين والأنصار؛ وإلى الاستجابة لنداء الله: (وَاعْتَصِمُوا
بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) (آل عمران:103)، وقوله: (إِنَّ
اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ
بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) (الصف: 4)، ودعوتهم إلى توحيد جهود الجيش الحر مع جهودهم
لتحرير بلاد الشام من هذا النظام الذي سام الناس سوء العذاب وأفسد البلاد والعباد،
والاستجابة لصيحات المستضعفين من أهل حمص والغوطة (مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ
وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ
الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا
وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا) (النساء: 75)، فلو قاتل الرتل الذي
أرسلوه إلى الباب وأعزاز جنود النظام وشبيحته لحررت حلب كاملة منذ زمن طويل.
ثانياً- إن لم يقتنعوا بالدعوة، ولم
يستجيبوا لأمر الله في التآخي والوحدة والتفرغ لجهاد النظام الكافر، واستمروا
بمحاربة الجيش الحر في المناطق المحررة، فليغادروا بلادنا، ويحكموا شرع الله في
بلادهم العراق وتونس وليبيا والجزيرة العربية ما داموا رجالاً مجاهدين؛ فإن سوريا
وأهلها يكفيهم ما تجرعوه من المآسي والآلام! وإلا فيجب مقاومتهم بشتى الطُّرق التي
قاومنا بها نظام بشار المجرم وأبيه من قبله: من المظاهرات، إلى العصيان المدني،
إلى القتال المسلح، ولا نحارب بقتالهم الإسلام بل هذه الفرقة الضالة التي
تُكَرِّهُ الناس في الإسلام، وقد مللنا من معادلة (سوريا الأسد)، فلن نقع في فخ (دولة
الشام الإسلامية)، والسبب في مقاومتهم أمران:
1-هم باغون معتدون على البلاد المحررة
يجب دفعهم عنها ولو بالقتال، ومن قتل في دفعهم فهو شهيدٌ إن شاء الله.
2-منهجهم منهج الخوارج فيجب قتالهم
وقتلهم أينما وجدوا –بنص النبي صلى الله عليه وسلم- فمن قتلهم كان له أجرٌ عظيمٌ،
ومن قتلوه فهو خير الشهداء، وأسوته في ذلك علي بن أبي طالب الذي قاتلهم فقتلهم، ثم
قتلوه اغتيالاً بيدِ أحدهم (عبد الرحمن بن ملجم)؛ فاغتيال أهل الحق على أيديهم
سنةٌ يرثونها عن بعضهم، ففي البخاري ومسلم قال رسول الله: "فَأَيْنَمَا
لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ
يَوْمَ القِيَامَةِ". وفي مسند أحمد قال النبي فيهم: "طُوبَى لِمَنْ
قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ ... مَنْ قَاتَلَهُمْ كَانَ أَوْلَى بِاللهِ مِنْهُمْ".
وقال في مسند أحمد وسنن ابن ماجه: "شَرُّ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ
السَّمَاءِ، وَخَيْرُ قَتِيلٍ مَنْ قَتَلُوا، كِلَابُ أَهْلِ النَّارِ، قَدْ كَانَ
هَؤُلَاءِ مُسْلِمِينَ فَصَارُوا كُفَّارًا". وفي مسند البزار: "يَقْتُلُهُمْ
خِيَارُ أُمَّتِي، وَهُمْ شِرَارُ أُمَّتِي". وفي كتاب السنة لابن أبي عاصم: "كُلَّمَا
خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ، كُلَّمَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ، كُلَّمَا خَرَجُوا
فَاقْتُلُوهُمْ". وفي البخاري ومسلم قال النبي: "لَئِنْ أَنَا
أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ"؛ أي استأصلهم فلا أبقي منهم
أحداً، وقد فعل ذلك بهم علي بن أبي طالب. ويستمر قتالهم حتى يرتدعوا عن أفعالهم
الشنيعة: من تكفير الجيش الحر، والتحكم بمقدرات البلاد.
ووصْفُ الصنف الثالث بالخوارج من باب
حسن الظن، وإن دقّقْنا النَّظَر نقول: لا نستبعد أن يكون بعض أصحاب القرار من
هؤلاء عملاءَ لإيران وحزب اللات ونوري المالكي والنظام السوري، يتسترون بالتقية
ويخدمون أسيادهم، وخاصة أن أصحاب القرار في هذه التنظيمات عراقيون، وإلا فما تفسير
جهادهم ضد الجيش الحر في الدّانا وجرابلس ومنبج والباب وأعزاز وعندان وحريتان ودير
الزور وحيان وترك جبهات القتال؟! وهل قتال أهل الإسلام هو الواجب أم قتال هذا
النظام المجرم؟ وهل جاؤوا لقتالنا أم لقتاله؟! وهل يجب أن نسمح لهم بالاعتداء على
نسائنا -كما حصل في الباب- وعلى أولادنا –كما حصل في الدانا- كي نتجنب غزوهم
للبلاد؟! فأين دعوتهم إلى إقامة شرع الله؟! أليس هو مجرد ستار وفخ ليقع شبابنا في
شراك اعتقادهم المنحرف وحرف هذا الشباب عن طريق الثورة وإدارة الظهر للعدو الباغي
الذي يقتل أطفالنا ونساءنا ورجالنا ويدمر مدننا وبلداتنا وقرانا وهو هدف الثوار
الأول؟!
===
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق