حينما انطلقت الثورة السورية قبل ثلاث سنوات ونصف
.. على أيدي شباب يافعين .. وفتية مؤمنين .. بريئين .. صادقين .. ليس لهم مطمع في
منصب .. ولا جاه !!!
وليس لهم أمنية في الحياة إلا نيل الحرية .. التي
سمعوا عنها .. وشاهدوها بأم أعينهم على شاشات التلفاز .. وهي تولد على أرض تونس ..
ومصر .. وليبيا .. واليمن !!!
فانطلقوا لينافسوا تلك الشعوب الثائرة .. في مقارعة
الطغيان .. ومصارعة الإستبداد .. غير آبهين بالرصاص .. يُصب عليهم صباً .. من قبل
جنود فرعون الشام .. وهامان فارس .. وعلوج الشيعة !!! ولسان حالهم يقول للعالم
أجمع :
نحن أبناء
الشام .. نحن أحفاد خالد بن الوليد .. وأبي عبيدة الجراح .. وصلاح الدين الأيوبي
.. ويوسف العظمة .. لسنا أقل تعطشاً للحرية .. والعزة والكرامة .. من إخوتنا في
البلاد الثائرة !!!
ولسنا أقل شجاعة .. وبسالة .. وإباءً .. وطلباً
للمعالي .. من الآخرين !!!
كانوا يسخرون من جبروت .. وطغيان بشار وزبانيته في
الإصرار .. على سفك دماء الأبرياء !!!
وكانوا يستهزؤون بالموت الزؤام .. وهو يطاردهم في
كل مكان .. غير عابئين بالأشلاء الممزقة .. تنتثر في كل مكان !!!
كانوا مصرين على المضي في الثورة .. والمظاهرات ..
ضد الديكتاتورية .. والإستبداد .. مهما كثُرت التضحيات .. ومهما تدفقت أنهار
الدماء .. على تراب الشام المباركة !!!
إنهم كانوا يعلمون .. أن ثمن الحرية غالٍ .. ونفيس ..
ولابد من بذل .. وفداء .. وتضحية !!!
مرددين قول الشاعر الكبير أحمد شوقي :
ولا يبني الممالك .. كالضحايا ولا يُدني الحقوق .. ولا يُحقُ
ففي القتلى لأجيال .. حياةٌ وفي الأسرى فدى لهمو وعتقُ
وللحرية الحمراء ... بابٌ بكل يدٍ مضرجةٍ ... يُدقُ
كان يحدوهم الأمل أن تثور أيضاً شعوب العالم
الشقيقة .. والصديقة .. والبعيدة .. لتأييدهم .. ومؤازرتهم !!!
كان يظن .. بل .. كان يعتقد هؤلاء البرآء الثائرون ..
الأصفياء .. الأطهار .. أن الشعوب لابد وأن تثور ضد طواغيتها .. انتقاماً ..
وثأراً لهذه المجازر .. والدماء البشرية التي تُراق يومياً على أرض الشام .. والتي
تنتشر صورها عبر جميع وسائل الإعلام المختلفة .. وأن تصريحات هؤلاء الطواغيت
المنددة والمستنكرة لهذه الجرائم .. لابد
أن تُنفذ .. ولابد أن تردع طاغية الشام .. عن الإستمرار في القتل !!!
وما علم هؤلاء الطيبون .. أن المخلوقات البشرية في
هذا الزمن الأحلك في تاريخ البشرية .. قد تحولن إلى قطعان غنم .. وأن الذي يرعاهم
.. ويسوسهم هم الذئاب المفترسة !!!
ومع هذا استمر هؤلاء البرآء الثائرون .. في ثورتهم
.. وآلوا على أنفسهم أن يصبروا .. ويصابروا .. ويصمدوا .. ويتحملوا العنت ..
والعذاب .. والضنك .. وشظف العيش تحت الحصار .. والتجويع .. والتخريب .. والتدمير
!!!
ولكن .. والوعتاه .. واحسرتاه !!!
لم تكتف الذئاب الآدمية القابعة في كلٍ من قم .. وموسكو
.. وتل أبيب .. وواشنطن .. وفي عواصم عربية مختلفة .. من دعم فرعون الشام سراً وعلانية
.. تحت جنح الظلام .. وفي وضح النهار .. للإستمرار في القتل .. والحرق .. والعمل
على إطفاء جذوة الثورة المتأجج في قلوب الفتية المؤمنين !!!
بل كانوا يستعجلونه للقضاء على الثورة .. ويعطونه
مهلة تلو الأخرى .. لإطفاء جذوتها نهائياً !!!
وحينما عجز .. وفشل .. بالرغم من المدد اللامحدود ..
في كل وسائل الدعم المادية .. والمعنوية .. والعتاد .. والجنود .. أخذت هذه الذئاب
، تخطط .. وتنقب .. وتبحث عن مخلوقات ضعيفة .. هزيلة ظاهرها الخير .. والإيمان ..
ورفع شعارات طنانة .. رنانة عن الإسلام .. والجهاد .. ولكن باطنها .. إن لم يتضمن
السوء والشر .. فإنه لا يتضمن الخير الذي تتظاهر به .. لتوظفها في محاربة .. ليس
الأسد ومرتزقته .. بل في محاربة التنظيمات الجهادية الصادقة المخلصة .. التي
تُعتبر هي العدو الحقيقي لهذه الذئاب ، ولقائدها الذئب الأكبر .. القابع في واشنطن
، والذي سارع منذ عامين إلى وضع كل من جبهة النصرة .. وتنظيم الدولة الإسلامية على
لائحة الإرهاب !!!
والآن وقد انفجر البركان الأكبر في العصر الحديث ..
بركان ظهور تنظيم الدولة الإسلامية على أرض الواقع .. وسيطرته على أراضٍ شاسعة في
كل من العراق وسورية .. وإقامته دولة حقيقية .. فعلية .. عملية .. وإنجراره بكل
حماقة .. وطيش .. وخفة إلى إعلان دولته .. هي دولة الخلافة .. مما أحدث استفزازاً
كبيراً لكل أعداء الإسلام على اختلاف مشاربهم .. وجنسياتهم .. وألوانهم .. كما
أحدث في الوقت نفسه .. هرجاً .. ولغطاً في أوساط عامة المسلمين وخاصتهم .. إضافة
إلى الحركات .. والجماعات الإسلامية المتنوعة .. التي تباينت مواقفها .. بين مؤيد
على استحياء .. ومؤيد بشدة .. وبين مستنكر .. ومندد .. ورافض بقوة .. بل وداعٍ إلى
مقاتلته .. بحماسة منقطعة النظير .. وبدريئة من فتوى إبليسية !!!
وهكذا .. انحرفت الثورة الأطهر .. والأنقى ..
والأعظم في تاريخ ثورات الشعوب عن مسارها الصحيح .. وضاع صُنَاعها الأوائل ..
الشباب البرآء .. بين قتيل في ساحات المعارك .. أو قتيل تحت التعذيب .. أو مُشرد
.. أو مُهَجر في فيافي الصحراء .. أو في الخيام المتناثرة في بيداء الرمال القائظة
.. الصاقعة .. وامتطى صهوة جيادها .. الرعاع .. الرقعاء .. الرويبضاء .. فأعلنوا
وبكل صفاقة .. وبجاحة .. وعلى المكشوف .. أنهم سيكونون جنودَ إبليس الملعون ..
حامل راية الصليب .. الزنجي الأسود .. ليقاتلوا أهليهم .. وإخوانهم .. قبل بشار وزبانيته
.. وقبل تحقيق الهدف الرئيسي الذي لأجله إنطلقت الثورة !!!
ونسوا أو تناسوا المثل الشعبي !!!
أنا وأخي على إبن عمي !!!
وأنا وابن عمي على الغريب !!!
وداسوا بأرجلهم كل القيم الإيمانية .. والأخلاقية التي
إذا ضاعت .. ضاع كل شيء !!!
إذا الإيمان ضاع .. فلا أمان ... ولا دنيا لمن لم يحيي ديناً !!!
بل الأنكى .. والأغرب .. والأدهش .. أنه :
تطوعت دولة في الجزيرة العربية .. أن تمنح أراضيها
بالمجان لتدريب .. جنود إبليس الملعون .. لمقاتلة جنود المسلمين .. وهذه لأول مرة
منذ تشكيلها .. وتكوينها ، تقبل بهكذا مهمة !!!
الإثنين 27 ذو القعدة 1435
22 أيلول 2014
موفق مصطفى السباعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق