وأهل الدير عرفوا بالشجاعة والكرم،
والبذل والتضحية، والشيمة والفدائية، بما حباهم الله به من خصائص التمسك بقيم وتعاليم
الإسلام .
ونضالهم وجهادهم، ضد المستعمرين والغزاة،
عرفه القاصي والداني، ويستحق أن يكتب، بلغة العظة والعبرة والدرس، ليكون منهلاً للأجيال،
يتعلمون من صفحات تفاصيله، معاني الرفعة والكرامة والصمود والحرية .
وفي وقتنا الحاضر، وتاريخنا القريب، الذي كتب بصحائف
من نور، تلك المظاهرات الشعبية العارمة، لأبناء المحافظة، عام 1980 التي كانت تجوب
شوارع المدينة، بحماسة نادرة، وفدائية منقطعة النظير، متحدية الظلمة والمجرمين، المكممين
للأفواه، وحابسي الأنفاس، وزوار الفجر، والمعتدين على حقوق الإنسان، والممارسين للدكتاتورية
بأبعادها كافة، والناهبين للثروة .
ولم يخفها صوت الرصاص، الذي كان يصب صباً على المتظاهرين
السلميين، ولم يقعدها لون الدم، ولم يمنعها من التقدم، سقوط الشهداء، وأنين الجرحى،
وصياح النسوة، يعلنوها صرخة مدوية، في وجه
الذين جثموا على صدر شعبنا، وساموه سوء العذاب، ونشروا الفساد، حتى كان في كل مفاصل
الحياة .
وكان من نتاج ذلك، أن يستشهد قسم من
الشباب، برصاص الأجهزة الأمنية، حيث سيطر عليها جماعة من الذين لا يعرفون الرحمة، ولا
يوجد في قاموس حياتهم شيء اسمه الشفقة، ويعتقل ثلة من شباب ديرالزور، الذين كانوا جزءاً
من مجزرة تدمر، مع مجموعات أخرى، من سائر المحافظات الأخرى .
لتكون ملحمة تدمر، سجلاً مهماً في
تاريخ الثورة، وهي حلقة من حلقات الاحتقان التي عاشها شعبنا، يتكاتف مع مجموعة أخرى
من حزم الشر والسوء، من جرائم النظام وفظائعه، التي أنتجت هذه الثورة المباركة .
من هنا تجد أن أبناء الدير، بمدنه
وأريافه، يخرجون بمظاهرات سلمية، من بداية انطلاق الثورة بدرعا، ويكسرون حاجز الخوف،
من نفوس الناس، الذين تحولوا إلى كتلة معارضة، شديدة الفاعلية، قوية الأداء، عظيمة
العطاء، وكان من ثمار هذا التكاتف الشعبي، والتعاون الطيب، أن تحررت أكثر المحافظة
من هذا النظام المجرم .
ولا شك أن هذا ترك بصماته المؤلمة،
على الدير، بحكم أن هذا النظام المجرم، الذي يرتكب جرائم بحق المواطنين، على كلمة قالها
أحد الأحرار، أو مقالة كتبها، لذا لا عجب مه هذا النظام، الذي هذا وصفه طغياناً وفجوراً،
أن يقابل المظاهرات السلمية، والمعارضة المدنية، بالحديد والنار، والرصاص والقنابل،
والصواريخ والمدفعية، والطيران والغازات السامة، والكيماوي .
فتدمر المدينة، في أكثريتها الغالبة،
وتقصف المدن والبلدات والقرى، فينتشر الدمار والخراب أكثر، وتعم البلوى، فيكثر الشهداء
– رحمهم الله جميعاً – ويكون الجرحى بالآلاف، أما المعوقون فحدث عن هذا ولا حرج،ويصبح
كثير من أبناء المحافظة، لاجئين ومشردين، هنا وهناك .
المصاب كبير، والألم فظيع، والكارثة
كبيرة .
والناس، صابرون محتسبون، ثابتون، مصممون
على المضي في طريق الثورة، حتى يتحقق الهدف ما من أجله قامت، هذه الثورة، وتنعم سورية
بالحرية والاستقلال والعدل والكرامة وحقوق الإنسان.
( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
) .
من هنا نلفت أنظار الحكومة المؤقتة،
وقوى المعارضة، والجمعيات الخيرية، والمؤسسات الإنسانية، إلى مأساة هذه المحافظة، التي
تعاني من نقص حاد، في المواد الغذائية، والحاجات الطبية، ونرجو أن لا يكون بعدها النسبي،
عن الحدود مع تركيا، سبباً في حجب الخير عنها، فهل من قائل لبيك دير الزور، وهل من
مشمر يقوم بالواجب الشرعي والإنساني، لخدمة هذه المحافظة، وتلبية للحاجات الأساسية
لها تحقيقاً لمبدأ التكافل والتعاون، والسهر على تلبية حاجات الناس .
( والله في عون العبد ما دام العبد
في عون أخيه ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق