الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2014-05-14

من حرام بن ملحان إلى الثورة السورية – بقلم: أبو طلحة الحولي

في شهر صفر من السنة الرابعة للهجرة الله ، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو في سبعين من خيرة الصحابة ، وكانوا يُعرفون بالقرَّاء ، إلى أهل نجد ليعلموهم الإسلام ، فانطلقوا حتى نزلوا بئر معونة ،ثم بعثوا حَرَام بن مِلْحان برسالة من الرسول صلى الله عليه وسلم  إلى عامر بن الطفيل يدعوه إلى الإسلام . وكان عامر طاغية شرير ، لا يراعي عهد ولا ذمة ، فأشار إلى رجل فطعن حرام بن ملحان من الخلف في ظهره ، فخرجت من صدره ، فلما رأى حرام ذلك اخذ دمه بكفه ثم نضحه على وجهه وهو يقول " فزت ورب الكعبة ".


وفي هذه السرية استشهد عامر بن فهيرة رضي الله عنه ، وأثر عنه انه قال كلمة حرام بن ملحان " فزت والله " .

وهذا جبّار بن سلمى يقول : إن مما دعاني إلى الإسلام أني طعنت رجلاً منهم يومئذ بالرمح بين كتفيه ، فنظرت إلى سنان الرمح حين خرج من صدره فسمعته يقول ‏‏:‏‏ فزت والله فقلت في نفسي ‏‏:‏‏ ما فاز ألست قد قتلت الرجل ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ حتى سألت بعد ذلك عن قوله ، فقالوا ‏‏:‏‏ للشهادة ؛ فقلت ‏‏:‏‏ فاز لعمر الله . (سيرة ابن هشام )
إن سرية بئر معونة موجودة في كتب السنة النبوية ، وفي كتب السيرة النبوية فمن أراد المزيد فليرجع إليهم .. ولكن حديثي يبدأ من الصرخة المدوية التي هزت أرجاء الكون ، وزلزلت قلوب الأعداء ، وانشرحت لها صدور المؤمنين ، الصرخة التي أطلقها حرام بن ملحان ، وعامر بن فهيرة " فزت ورب الكعبة " ، " فزت والله "
وكثير يسأل أين الفوز في نهاية حرام بن ملحان ، وعامر بن فهيرة ، وفي شهداء بئر معونة ، وفي شهداء الإسلام في كل مكان وزمان ، وفي شهداء الثورة السورية ؟

يتساءل كثير من الناس عن هذا كيف فاز وقد قتل ؟ يتساءلون بتعجب واستغراب وإنكار .. ، كما تساءل جبار بن سلمى " ما فاز ألست قد قتلت الرجل؟ " وهذا التساؤل يردده الكثير من المشاهدين والمتابعين لما يجري في سوريا ، أين النصر في الثورة السورية ؟ وأين الفوز في أحداثها ومجريات أمورها ؟ وأين الخير فيها ؟ وقد قتل من قتل ، وفقد من فقد ، وهرب من هرب ، ولجأ من لجأ ، وشرد من شرد ، كم جراح أثخنت ، وأطراف مزقت ، وبيوت هدمت ، وحياة عطلت ؟ وكم أحياء دمرت على ساكنيها  ؟ فدفنت البشر والحياة  والحيوانات والنباتات ؟ وكم ..؟ وكم... ؟

هذه التساؤلات جاء جوابها على لسان جبار بن سلمى القاتل نفسه ، فقد احتار في معنى ومفهوم وكيفية هذا الفوز !! وكان هناك إلحاح شديد من نفسه لمعرفة الجواب ، فسأل عن معنى قوله " فزت والله " ، فقالوا له الشهادة ، ودخول الجنة ، والنجاة من النار  ، فأسلم رضي الله عنه .

إن مفهوم الفوز في الإسلام مفهوم جميل متميز ، له نكهته الخاصة ، وله دلالته القيمة ، فهو مفهوم مختلف عن مفاهيم الأديان والمذاهب والمصطلحات الفلسفية ..

فالفوز الحقيقي ، مرتبط بالله سبحانه ، توكلا وإنابة وعبودية ، ولذا لا يمكن استيراد الفوز { وما النصر إلا من عند الله  العزيز الحكيم }( آل عمران : 126)
لقد ودع الشهيد الدنيا ، ودمه يسيل ، فلم يصرخ انجدوني ، ساعدوني ، حياتي ، لا أريد أن أموت ، أنقذوني ....

إنه يودع الدنيا ويستقبل الآخرة وهو مؤمن أن الدنيا طريق إلى الآخرة ، وان الدنيا ليست بدار استقرار ، وان الدنيا ليست أهلا للفوز ، وإنما الفوز كل الفوز في الموت في سبيل الله .. وأن الفوز كل الفوز في الخروج من الدنيا ، ودخول الجنة ، والنجاة من النار .

{ إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق. إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير } (البروج:10-11)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق