تمر
الثورة السورية عامة، بمرحلة غاية في الخطورة، على الساحة السورية كلها، حيث
الاختراقات الكبيرة، والعمالات المذهلة، والاختلالات الواسعة، والتخاذل الدولي،
والتآمر الطائفي، وضعف المدد، وقلة الموارد، وشبه انعدام للتنسيق، والخلافات
الداخلية، والنظام يرتكب جرائم فظيعة، يندى لها الجبين، ويقشعر منها البدن، ويرتجف
القلب من هول المصاب الأليم، الذي يلم بها.
هذه كلها
تعتبر، من أسباب تأخر النصر.
ما جرى
بحمص – عاصمة الثورة - قبل أيام، صورة من صور المأساة رغم بشائر الخير التي رافقت
الحدث – وما حوى في سلته من تشعبات، تدفع نحو الأمل الكبير، في النصر المبين.
كما لا
ننسى ما حدث في القصير الأبية الصامدة، قاهرة الطائفيين، أخلاف القرامطة المجرمين.
ما يحدث
بحلب – قلب الثورة - يمثل حالة خطر، وما يكون بدرعا – مهد الثورة – وما يحيط دمشق –
رأس الثورة وعمادها - من مخاطر، وغير ذلك من مناطق في إدلب الفداء، وحماة أنشودة التضحية التي لا تنقطع، والساحل
الجناح الثاني للثورة، وكل التراب السوري، يدفعنا لنكون أكثر يقظة ووعياً للحدث،
وما يدور فيه وحوله.
وهذا كله
مرجعه، إلى جملة القضايا التي ذكرنا طرفاً منها قبل قليل، والعلاج كذلك، يكمن في
عدة أسباب، مطلوب الأخذ بها، لنكون خطوة إلى الأمام، حتى التحرير المنشود، بعون
الله تعالى.
نحتاج
إلى مخ مركزي، يخطط ويفكر، بمفهوم استراتيجي، يرتب الأولويات، ويخطط بروح الهم
العام، ويفكر بعقل جمعي، مع شورى صادقة.
نريد
الاستعانة بأصحاب الخبرات الاختصاصية، بتجرد تام، مع إبعاد عناصر الوصولية
والتسلق.
التعاون
أهم عامل، حتى يحدث التكامل، من خلال رؤية كلية شاملة، تبحث عن النجاح بعيداً عن
الأنا والتعصب المقيت.
رغم وجود
كثير من المناطق المحررة، التي ربما بلغت
ناظم ينظمها، ولا خطة تلفها، ستين إلى السبعين بالمائة، من مجموع الأراضي
السورية، لكنها مزع هنا، وقطع هناك، بلا ناظم ينظمها، ولا خطة تلفها، ألاّ أن أهم
الثغرات التي يستغلها، نظام عصابة الإجرام، عدم وجود محافظة محررة بالكامل،
بالمفهوم الصادق للكلمة.
وهنا
يلعب نظام الجريمة الكبرى لعبته، من خلال أولويات واضحة، في محاولة التهام
الأجزاء، حيث يراها فرصة، قبل قدوم من يعقل المعنى، ويستطيع إدارته بفن رفيع
المستوى، يتناسب مع طبيعة الأزمة، وما يحوطها من معادلات النقص والاختلال.
( 2)
ولعل
محافظة دير الزور، من أكثر المحافظات ترشيحاً، لتكون محررة، وتتحول إلى قاعدة
انطلاق، للتحرير الشامل، والدير من المحافظات المنكوبة، التي تعاني نقصاً حاداً،
في كل متطلبات الحياة، ورغم هذا تعمل جاهدة على استمرار الثورة، حتى يسقط هذا
النظام المجرم.
المحافظة بحاجة إلى مد يد العون، وتوصيل جسور
المدد، والعمل على سد المطلوب، حسب الجهد والطاقة.
أقول هذا، مع تقديري للموقف الكامل من حيث
الرؤية والمنهج، لكل ما يحدث على كامل التراب السوري، والناس في كل مكان، يشكون الحاجة، ويبحثون عن
الإسناد، ولكن للأولويات أهميتها، وللحاجات مراتبها، والتركيز في جهد مبعثر، لا
ينتج عنه سوى مثله، بل أشد.
والتطورات
الأخيرة بمنطقة الفرات - جناح الثورة الأيمن – يمثل خطراً استراتيجياً على الثورة،
بحكم موقعها الجغرافي، ومواردها المهمة، وفي مقدمتها البترول، كما أنها محررة في
أغلب مناطقها، وغير ذلك من العوامل التي تدفع نحو الاهتمام بها، والمساعدة في
تحريرها، بل ينبغي العمل على تحرير البقية الباقية منها، التي ما زالت بيد النظام.
الوضع
بالفرات، يمثل خطراً استراتيجياً على الثورة كل الثورة، وليس على المحافظة وحدها، لأنها
الجناح اليمين لها، فهل لطائر أن يطير، وجناحه مهيض؟؟!!
كما أنها
تمثل حالة الصمود أمام إمدادات المؤيدين للنظام في العراق، فهي الحدودية معه،
والسد المنيع أمام القادمين منه.
وهناك
نقطة مهمة، وهي أن عنصر المشاغلة للنظام
الآن، والمدد للمحافظات بعد التحرير الكامل، حيث ستكون منطلق خير، لكل الثورة
السورية، والعكس بالعكس يذكر، وعلى الصعد كافة.
ولا
يفوتنا تذكير الائتلاف بهذا، ولفت الأنظار له، وكذلك الأركان، والحكومة المؤقتة، والجهات
الداعمة، والمنظمات العاملة، والتجمعات المعنية، فالأمر خطير، والمصاب جلل.
وعلى
أبناء سورية، أن يوحدوا الجهود، خصوصاً من الخيرين العاملين ، في العمل على مشروع
حماية محافظة الدير من السقوط بيد النظام، بل العمل على تحريرها، وبهذا تكون بداية
الخطة التي أشرنا لها.
وهذا
يقتضي جهداً متميزاً، وتعاوناً صادقاً – كل بما يستطيع - بعيداً عن لغة التلاوم،
المثيرة للفتنة، ولعبة تقاذف التهم، التي تعمل على الفرقة، وإشاعة روح اليأس.
فالذي
فيه خير، هو من يقدم شيئاً ينفع، أما اللغة الأخرى فكل أحد يجيدها.
وكما قال
النبي صلى الله عليه وسلم: ( فليقل خيراً، أو ليصمت ).
[ وقل
اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق