لنغوص قليلاً في أعماق النفس البشرية ومنه نكتشف أموراً كثيرة تبدو لنا من الوهلة الأولى أنها منعدمة الرؤيا ولا يمكن تجاوز ذلك الظلام أبداً , لكننا عندما نعود لجذور المشكلة نجد أن الظلام الذي نراه ماهو إلا وهم صنعناه في داخلنا , مما جعل عيوننا لاترى إلا الذي في داخلنا فقط
1- كل مجتمع لايخلو من سلطة عليا تنظم له شؤونه وتوفر له
الأمن والحماية وتحاسب المسيء وبغيابها يتحول من مجتمع منظم إلى سلطات أفراد تتحكم
بهم أخلاق أولئك الأفراد الأسرية والتربية الدينية والنشأة التي نشأ عليها مابين
الصلاح أو من عدمه
2- نستطيع رسم إطار عام في نشأة مجتمعنا السوري والتربية
الأخلاقية التي تراكمت عنده عبر أجيال متعاقبة موروثة ومُورَّثة ومتفاعلة مع البيئة
التي يعيش عليها , تبدأ من بداية القرن العشرين فصفة الرجولة كان مقياسها (إن لم
يسرق فهو ليس برجل !)
واستمرت تلك الحالة في زمن الاحتلال الفرنسي , والذي أنشأ
في مدرسته فئة من المجتمع السوري ومنتقاة بعناية و تعاملت مع الاحتلال بكل قوة
واخلاص ضد الوطن وشعبه في اعتمادها على فاقد الشيء لايعطيه ففقدوا الكرامة
والانتماء وباعوا أنفسهم للشيطان
3- استطاعت تلك الفئة السيطرة على السلطة بعد الاحتلال وكان
عملها الأول هو التخلص ممن ينطبق عليه قول هند زوج أبو سفيان قولها لرسول الله صلى
الله عليه وسلم (أو تزني الحرة يارسول الله ؟؟!!) فتم التخلص من الشرفاء والأحرار فالصالح
في المجتمع إما منسي أو مطارد أو سجين أو خارج البلاد ,وسوء الأخلاق وشرورها سادت
في المجتمع على حساب مكارمها
4- اعتقل الكثير من المخلصين واستشهد الكثير وتعطل الكثير ,
وأصبحت البيئة مناسبة لنشاط ومرعى ثلاث فئات
الأولى : ضاقت سبل الحياة عليه وليس مع الثورة أو ضدها وهذا الضيق جعل من
لسانه وتصرفاته سُم يُحقن في جسم الثوار
الثاني : كان ينظر للثورة أن وقتها سيكون قصير ونتيجة لهوى في نفسه وعمله
السوء السابق خاف على نفسه فاستعجل في الوقوف مع الثوار ولكن عندما طالت المدة
صاحبه اليأس واخذ ينادي بفشل الثورة
الثالث :يسمى في الغالب الطابور الخامس والذي زُرع لهذا الخصوص فأصبح يبحث
عن الأخطاء والتصرفات التي يمكن أن تثير غالبية الجماهير , في انتقاده وتهجمه على
رجالات لايمكن أن نحسبهم على الثورة إلا في الظاهر فقط
5- كل شبكات الاعلام العالمية لاتذكر أي تقدم للثوار وتركز
على أن قوات المجرم تتقدم والمعركة تذهب لصالح المجرم , وكأن الحرب الدائرة على
الساحة السورية بين جيشين متكافئين , ويؤيد ذلك النوعيات أعلاه ويصف الثورة بأبشع
الأوصاف ويترحم على الأيام الماضية ويشتاق للعودة إلى الحذاء العسكري الأسدي
والحياة وهو فوق رأسه وعلاماته على ظهره وزويه
6- كل من يعتقد أن الثورة الحقيقية تمثل غالبية الشعب فهو
مخطيء , فالثورة لاتمثل إلا نسبة قليلة جداً من المجتمع ولعل الثورة السورية تعتبر
الأكثر على مستوى الثورات كلها في نسبة المشاركين فيها
فالخيانة لاتقتصر على الاندساس أو الاغتيالات أو إيصال
معلومات فقط , وإنما المتتبع لنشاط الجواسيس أن مهمة بعضهم كانت تقتصر فقط على نوع
الطعام الذي يتناوله العدو , وبعضهم كان يتتبع الأخطاء ثم ينشرها أو يعمل على زرع
الفتنة بين العوائل , أو مهمته فقط نشر الاشاعات والترويج لها والخلاصة نقولها لكل
من باع نفسه بأي صورة أو شكل أو غامره اليأس نقول له ستنتصر أيها الثائر المخلص
لأنك لاتقاتل نظام حكم وإنما تقاتل قوى كثيرة جداً مرتزقة وطائفيين ودول كبيرة
الصين وروسيا وإيران ومن الدول العربية العراق والجزائر ومصر والسودان ولبنان ,
فمهما بلغت قوة عدوك فأنت الأقوى فالحق معك والله معك وقلوب الخيرين في العالم كله
معك .
د.عبدالغني حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق