لما رأى النظام , أن الثورة السلمية, تنطلق في كثير من
الأحيان من بيوت الله تعالى, كأثر طبيعي عن الدور
الريادي للمسجد, وتحقيق رسالته في الواقع, سخر أزلامه من المحسوبين على العلم
والعلماء؛ من أجل تشويه هذه الحقيقة الربانية, بأوصاف غير لائقة, وتهم بهتان كلها,
وكذب صريح, ولف ودوران, وفيه على رواد المساجد عدوان, والتفاف واضح على الحكم
الشرعي في هذه المسألة؛ وليّ ظاهرٌ (عينك عينك) لأعناق النصوص, وحرفٌ وقح لسياق
كلام علماء الأئمة الأعلام, في هذه المسألة, توظيفاً للفتوى التي تصب في صالح
النظام, وخدمة جلية للشيطان, وعدواناً على هذا الشعب الثائر, الذي يريد الخير
للعباد والبلدان.
وفي المقالة
الأولى, كان الرد عليهم في هذا الشأن, مع بيان حقيقة رسالة المسجد من الناحية
الشرعية, فلا داعي للإعادة, فالتكرار مذموم في كثير من الأحوال.
والنظام وشبيحته, ومخابراته وأزلامه
المأجورون, عندما أيقنوا أن فتاوى هؤلاء المحسوبين على العلماء, لم تُجدِ نفعاً,
ولم تثنِ رواد المساجد, وخطبائها الصالحين, وعلمائها الغيورين, عن أداء واجبهم
الشرعيّ, في مساندة هذه الثورة, والوقوف إلى جانبها, ومناصرة هذا الشعب المنكوب
ومساندته في محنته, بقول الحق, وتحقيق الفتوى الشجاعة المحررة, التي يقولها العالم
الذي لا يخشى إلاّ الله. لم يرق للنظام هذا - وهو الذي يريد علماء على مقاسه, هو
يفصل وهم يلبسون- فلجأ إلى أسلوبه المعهود, في القمع والإرهاب, والقتل والتدمير,
والتخريب والإفساد في الأرض, تارة بقصف المساجد, ومحاولة تدميرها على رؤوس روادها,
وأخرى بتدمير مآذنها, وفي كثير من الأحيان باقتحام المساجد وانتهاك حرمتها, وحرق
المصاحف, والدوس عليها وتمزقيها - والعياذ بالله تعالى- ويعتدون على المصلين
بالضرب والإيذاء والترويع, وفي شهر رمضان , شهر البركة والسلام والأمان, ويستهدفون
العلماء, حتى يصل الأمر إلى الشروع بالقتل.
إن الاعتداء على كتاب الله تعالى, القرآن
الكريم, جريمة عظمى, وكبيرة يقشعر منها البدن, بكل المقاييس, هذا الكتاب الذي لا
يأتيه الباطل من بين يديه, ولا من خلفه, حبل الله المتين الذي من تمسك به هدي إلى
صراط مستقيم, ومن جعله إمامه لا يضل أبداً, هو النور والضياء والروح, ودستور
المسلم, والبركة والسعادة والذكر المبين, إنه كلام الله -عز وجل- وما أدراك ما
كتاب الله!!!
هذا الكتاب الكريم, يتطاول عليه,
الأقزام من حثالات البشر, من مجرمي النظام السوري, فا الأمر له دلالته, وعليه يمكن
أن نؤسس لمعنى لابدّ أن يقال في ساعة من الساعات, ولهذا الأمر بصورته هذه, تداعيات
تنذر بخطر هذا النظام, وتعلن عن هويته, بكل أبعادها, وهنا لا بد من وقفة لمن ألقى
السمع وهو شهيد. والمفروض أن يكون هذا من كل الإتجاهات, لأنها قضية عامة, لا تخص
قوماً دون آخرين, ومن خلال هذا تكون البرهنة على صدق الإعتدال, وحقيقة الإنصاف.
فعلى الشعوب
المسلمة, في كل مكان أن تكون لها وقفة, تزلزل أركان هذا النظام, وتقضّ مضاجعه,
فالقرآن الكريم ليس ملكاً للسوريين, القرآن كتاب الله وكلامه كما قلنا, وهو كتاب
العقيدة والإيمان, والشريعة والإحسان, بالنسبة للمسلمين.
الله أكبر!!! يا
غارة الدين, ثم يا همة المؤمنين الموحدين, فالخطب جلل, والأمر خطير, إنه العدوان
الصارخ, والضلال المبين, الذي لم يفعله على مدار التاريخ, إلاّ عتاولة الضلال,
وأعداء الإنسانية.
ولا أدري في مثل
هذه الحالة, ماذا يقول المساندون للنظام وحلفاؤه, عن مثل هذه الجرائم التي ترتكب,
هنا وهناك!!!؟؟؟ أرجوا أن نسمع رأياً آخر
من الذين نسمعهم ينافحون عن هذا النظام, وإلاّ ففي الأمر إن.
والحذر من محاولة إقناعنا بقولهم: هذه حالات
فردية لا يبنى عليها شيء, ولا يؤسس عليها أمر, لأن هذا عليه ردّان:
الأول- إن هذه
الحالات, ليست قليلة وعارضة, بل هي كثيرة ومتكررة, ويشهد بهذا القاصي والداني, من
داخل سورية. كما أنها ليست جديدة, فأيام حماة في اثنين وثمانين, أحرقوا المصاحف
وداسوها, وهي مسألة موثقة, وسيأتي اليوم الذي تفتح فيه هذه الملفات, ويحق الحق,
ويعاقب أعداء كتاب الله وكلامه, من خلال المحاكم الشرعية الوطنية العادلة, بإذن
الله تعالى.
الثاني- لم نسمع
من النظام يوماً استنكاراً لمثل هذه الأفعال؛ وتجريم القائمين بهذه الأفعال,
ومعاقبتهم, بل ربما من يسمع مني هذا الكلام, ممن يعرف النظام على حقيقته, سيقول
لي: إيش تقول يا رجل؟ ما هذه المطالب التي تطالب بها؟؟
والمساجد بيوت الله- عز وجل- وبناؤها من
تعظيم شعائر الله, والذي يبني مسجدا لله, ولو كان صغيراً, يبني الله له بيتاً في
الجنة, كما صرح بذلك الحديث الصحيح, والرجل المعلق قلبه بالمسجد, سيكون من السبعة
الذين يظلهم الله في ظله, يوم لا ظل إلاّ ظله, وفيها تقام الصلوات خمس مرّات في
اليوم والليلة, وتعقد فيه حِلَق العلم, وفرَض الله علينا صلاة الجمعة, وفيها
خطبتها, وهكذا فإن بناء المساجد وإعمارها بكل أنواع العمارة, من ثوابت هذا الدين.
قال تعالى: ( إنما
يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر).
الله تعالى يأمر
ببنائها وإحيائها وإعمارها, وشبيحة النظام يهدمونها, ويعتدون على روادها, وعباد
الله فيها, فلا أدري هل هذا صدفة؟؟؟ أم أنه أمر مقصود ومتعمد ومبرمج, ومخطط
له!!!؟؟؟ كل الدلائل تشير إلى الأمر الثاني, ولو كان بشار حاول إقناعنا, بأن الذي
هدم المآذن هم الثوار!!! دون حياء منه أو خجل, أو احترام لعقول الناس, حيث يظن أنه
الوحيد الذي يفهم, وكل الناس مغفلون, وما علم هذا المغفل الكبير, أن الناس صاحون
له, وكاشفون ألاعيبه, وعارفون كل أساليبه, وفنون مَكرِهِ, فشعبنا- بفضل من الله-
واع لا تفوته مثل هذه الأكاذيب, مهما كان الغلاف الذي تغلف به, والزينة التي توضع
عليه.
جاء في الحديث
المتفق عليه, عن أنس- رضي الله عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: (
البصاق في المسجد خطيئة) فكيف بمن يهدم المآذن, ويحطم الأثاث, ويخرب كل ما يراه
أمامه في المسجد؟؟؟
مرّت على بعض
مدننا, أنه لم تقم فيها صلاة الجمعة, وفي بعض الأحيان تغلق مساجد معينة, ويكتبون
عليها- زوراً وبهتاناً- (المسجد مغلق للإصلاح) وكلنا يعلم ما معنى هذا, وما دلالته
عبر التاريخ, ومن هم الذين فعلوا هذا, ولماذا.
(ومن أظلم ممن منع
مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها) فالأمر جِدّ خطير, والقوم لهم
(أجندة) مرعبة, ينبغي التعامل معها بما تستحق من اهتمام وعناية.
واستهداف العلماء,
ورثة الأنبياء, أمر له دلالته كذلك, وحق العالم على الأمة أن يحترم, ويوضع على
الرؤوس, وبين المُقـل, لا أن يهان ويضرب ويدمى, في بيت من بيوت الله تعالى, وهو ما
فُعل مع شيخ القرآء في بلاد الشام العلامة كريم راجح, الإمام الصامد الصابر- حفظه
الله وبارك الله فيه- وكذلك الشيخ أسامة الرفاعي- نسأل الله له الشفاء العاجل-
وغير هؤلاء من أهل العلم العاملين.
ومن هنا, لزم على
منظمة التعاون الإسلامي, أن يكون لها موقف صريح وواضح, قوي وجريء, من هذه
الإنتهاكات الهمجية, والتجاوزات البربرية, تجاه مقدساتنا وشعائرنا الدينية التي
يجب أن تعظم.
أين علماء
الأزهر؟؟ وأين جمعيات العلماء بمصر الحبيبة.
أين علماء
الزيتونة؟؟ بل أين علماء المغرب على امتداده؟
أين علماء
الخليج؟؟؟ وأين علماء العراق؟
أين علماء الأمة؟؟
فالمطلوب منهم أن يكون لهم موقف, يعبر عن الموقف الشرعي, الذي لا يجوز إلاّ أن يُبيّن,
ومن كتمه أُلجم بلجام من نار يوم القيامة.
لقد جاوز الظالمون المدى, وانتهكوا الحرمات,
وداسوا على المقدسات, وعبثوا بالأمور الشرعيات في العرصات.
لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إيمان وإسلام
فأين أنت يا أمة
الإسلام؟؟؟؟!!!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق