الشعب السوري, شعب
أبي, لا يمد يده, ولا يسأل الناس إلحافاً, يعرف هذا القاصي والداني, ممن عرف هذا
الشعب عن قرب, واحتك به بصورة مباشرة.....يأكل التراب إن جاع, ويعصر الصخر ليشرب,
يفضل هذا على مد اليد, الكرامة عند هذا الشعب منهج, والعفة دين, والإباء شرف,
والشجاعة مسار وقيمة, وعدم النوم على الضيم, سيرة وتراث, اعتاد أن تكون يده عليا,
ويرفض السفالة بكل ألوانها وطعومها وأشكالها وروائحها, يذكرنا هذا الشعب, بالأجيال
الخيريةالأولى, التي ثبتت وصمدت وصبرت وضحت, شعب طرد الفرنسيين شرّ طرده, وهزم
التتار, حتى ولوا الأدبار, وفي أرضهم هزم الصليبيون, واندحرت قوى الاستعمار على
يديه, وكان هذا البلد أرض رباط, والتاريخ يشهد كم ضحى هذا الشعب, وكم قدم من شهداء.
لا نقول هذا تعصباً -
كلا وحاشا- ولكنها الحقيقة, التي تنادي على نفسها بظهور وجلاء, والشهود الحضاري
يبرزها بألقها الزاهي, الذي يمتع سامعيه وناظريه.
فلا غرو!! لأنها
بلاد الشام, التي ورد في فضلها كثير من الأدلة الشرعية, حتى خاطب نبينا - صلى الله
عليه وآله وسلم- الأمة بقوله: إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم), والحديث صحيح.
واليوم يمر البلد
بأزمة, بداياتها كانت منذ ما يزيد على أربعين عام, والشعب في محنة, اتسعت
رقعتها, حتى شملت كل أبناء هذا الشعب, وتعمقت جراحها حتى وصلت النخاع, وفجر العدو
بها حتى أسمع أنينها كل صاحب ضمير حي, وهم صابرون صامدون, مصممون على الإستمرار,
مهما كلف ذلك من تضحيات, بصدور عارية, يتلقون الرصاص, ويتحدون المدفع والدبابة,
ولسان الحال والمقال لهذا الشعب: لن نركع إلاّ لله, لن نذل لهذا النظام الفاجر
وشبيحته الفجرة, سنستمر رغم هدم البيوت, سنثبت رغم قتل الأطفال, سنمضي في طريقنا
رغم رائحة الدم التي تنبعث من كل زاوية, سنبقى على هذا الطريق رغم السجون,....لا توقف
حتى يسقط هذا النظام, لا نلين رغم الألم, لا نستكين رغم الجراح, لن ننحني رغم
الرياح العاتية, لن ننكسر رغم كل الضربات, كل ذلك بإذن الله تعالى وعونه.
شعب هذا حاله, يجب أن
نقف إلى جانبه, شعب هذا وضعه لا يجوز لنا أن نخذله, حرام علينا أن نسلمه لبشار
المجرم وشبيحته وأجهزته الظالمة, إن هذا الشعب الأبي الذي لا يسأل الناس إلحافاً
كما قدمنا, واجب علينا أن نسانده بكل ما أوتينا من قوة, نسانده بالمال وبالدعاء,
بالإعلام وما أدراك ما الإعلام, بالقلم , بالقصيدة, بالأنشودة والمظاهرة, ولا يجوز
لنا التهاون في هذا الأمر والتساهل فيه, لأنه واجب شرعي, وضرورة إنسانية, لمن كان
له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد, والعالم كله يرى المذابح والمجازر التي ترتكب في
حق هذا الشعب الوفي البار, فنريد الموقف الذي يتناسب مع واقع الأمر, فيؤدى الواجب,
ويتحقق العدل, والدنيا ما زالت بخير, والحمد لله.
لا يكون مؤمناً حقاً,
من بات شبعان وهو يرى إخوانه, على هذه الحال, ولا يمد يد العون لهم, لا
يكون إنساناً كامل الإنسانية, وهو يرى ما يجري للشعب السوري, وهو يلهو ويعبث,
ولا يمد يد العون لإخوانه هؤلاء, إن الذي لا يحس بآلام الآخرين عليه أن يصنف نفسه
في دائرة من لا يعرف قلبه الر حمة, ومن لا يرحم الناس لا يرحمه الله, كما جاء في
الحديث الصحيح.
إن مشروع الشعب
السوري, في إسقاط النظام, مشروع عظيم, يستحق أن يساند , ويقف كل الناس معه, فزوال
هذا النظام خير لسورية, وأمان لدول الجوار من أمة العرب, وتسلم من شره أمة
الإسلام, فزوال النظام السوري المجرم الخائن, فريضة شرعية, وضرورة سياسية,
وحالة إنسانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق