دأب النظام الإيراني على دعم حليفه
السوري منذ انطلاقة الثورة السورية بشتى الوسائل والطرق، وحتى فترة قريبة لم يحسب الإيرانيون
للشعب السوري أي حساب، فكان دعمهم للنظام علنياً ودون أي تحفظ، فإلى جانب الدعم
المادي والتقني لم يتأخر الإيرانيون في دعمه إعلامياً، دون تفكير بخط الرجعة حال
سقوط النظام، حتى أنهم ربطوا أنفسهم بشكل وثيق بالنظام السوري، وكأن سقوط هذا النظام
هو سقوط للإيرانيين...
ولعلّ تخوفهم الشديد من سقوط
النظام السوري له مبرراته، فهذا السقوط سيكون ضربة كبيرة لمشروعهم في المنطقة
والذي خططوا له لعقود مضت، ومن أجله أنفقوا مليارات الدولارات، كما أن مليارات
أخرى أنفقت من أجل تسويق أنفسهم لدى الشارع العربي كحُماة للمقاومة وكمناهضين
للصهيونية العالمية والامبريالية الأمريكية...
يشعر الإيرانيون الآن أنهم يخسرون
كل شيء، فمن جهة يزداد شعورهم أن المراهنة على بقاء النظام السوري ربما يكون
خاسراً، ومن جهة أخرى يشعرون أن بضاعة "المقاومة" التي يبيعونها للشعوب
العربية بدأت بالكساد، وأن التأييد "الوهمي" الذي كانوا يحظون به في
الشارع العربي بدأ بالانحسار والتقوقع، وهذا تماماً ما دفعهم إلى إعادة ترتيب
أوراقهم، وتغيير أسلوبهم في التعاطي مع الثورة السورية...
فشهدنا في الفترة الأخيرة نبرة
إيرانية جديدة بدأت تظهر على ألسنة كبار سياسييها، بدأت بتصريح الرئيس الإيراني
محمود أحمدي نجاد ولحقه بذلك وزير خارجيته علي أكبر صالحي، بأنه يجب تحقيق مطالب
الشعب السوري، وانتهت بتصريحٍ جديدٍ لنجاد على التلفزيون البرتغالي في السابع من
أيلول الجاري يحث فيه بشار الأسد على وقف العنف تجاه المتظاهرين، معللاً ذلك بعدم
نجاعة الحل الأمني...
إذاً الشيء الوحيد الذي يمكن
تأكيده في التصريحات الإيرانية الأخيرة أن إيران غيّرت من سياستها في التعاطي مع
الملف السوري، أما غير المؤكد فهو ما إذا كانت إيران بالفعل تريد أن تتنصل من
حليفها الاستراتيجي بأسلوبها البرجماتي المعروف، أم أنها مجرد مناورة تريد من
خلالها لعب دور وسيط بين النظام ومعارضيه؟
والأرجح أن الإيرانيين يعلمون أن
نزيف الخسائر الذي يعانون منه حالياً لا يمكن إيقافه، لكنهم بمواقفهم الأخيرة
يريدون الحد من تأثير الثورة السورية على نفوذهم في المنطقة، وبذلك يقللون ما أمكن
من خسائرهم المتلاحقة... فهم بموقفهم الأخير يمسكون العصا من المنتصف، فمن جهة يغازلون
المعارضة السورية، ليحصلوا على مدخل لهم قد يتيح الفرصة للعب دور وسيط بين النظام
ومعارضيه للوصول إلى صيغة مقبولة بينهم، مقابل بقاء بشار الأسد على سدة الحكم، وما
يدلل على ذلك صمت النظام السوري تجاه هذه التصريحات الإيرانية رغم تكرارها مرات عدة
وبمناسبات مختلفة، ومن جهة أخرى يأمل الإيرانيون بلهجتهم الجديدة أن لا يخسروا كل
شيء في سورية ما بعد الأسد حال سقوط النظام، وأن يبقى لهم موطئ قدم يبنون فيه ما
تهدم من مشروعهم...
لكن الأخطاء المتتالية التي وقع
فيها الإيرانيون في تعاطيهم مع الملف السوري في فترة الثورة حجّم من هامش
المناورات التي يمكنهم اللعب بها، فقد انطبع في ذاكرة السوريين الضحايا الذين استشهدوا
أو جرحوا بفعل المعدات والتقنيات الإيرانية، بدءاً من العصي الكهربائية وصولاً إلى
القناصة المزروعين على أسطح البنايات، مروراً بالدعم التقني لكشف اتصالات الثوار وتحديد
أماكن تواجدهم، ولن ينسى أحد الدعم المالي الوفير الذي حظي به النظام والذي أطال
في عمره قليلاً...
وبناء على ما تقدم فإن إيران أمام خيارات
محدودة جداً، فإما أن تقوم بخطوات عملية وكبيرة تتجاوز التصريحات، لصالح إنهاء
ارتباطها بالنظام السوري، لتثبت على أرض الواقع أنها تنظر إلى مستقبل سورية بعيداً
عن آل الأسد، لكسب تأييد الشارع العربي حتى قبل الشارع السوري، وهو ما لا يتوقع
حدوثه في المرحلة الحالية، أو أن تستمر في دعم النظام وتتحمل بذلك التبعات والتي
تصل إلى إنهاء حلمها في زيادة نفوذها غرباً باتجاه الدول العربية، وإنهاء حالة
التعاطف التي كانت تحظى به عند البعض في الشارع العربي...
مقال جيد وتحليل هادئ موفق ولكن لا بد من الاخذ فى الاعتبار ان الشيعة عندهم منهج التقية فالسياسيون والعلماء والعامة عندهم سواء فى هذا الموضوع فيصرحون بشئ فى العلن ويفعلون عكسه فى الخفاء والامثلة كثيرة جدا لا مجال لذكرها
ردحذففايران وحزب الله وفكرة دولة الممانعة والمقاومة انكشفت الان ولا مجال لها بعض ان تعروا جميعا