في تاريخنا الإسلامي, تذكرالمراجع التاريخية, أن كتباً أحرقت لعلماء
وفلاسفة, لأسباب يطول ذكرها, مابين قصد التغيير,إلى صور المعارضة والتنفير, لبعضه
مبررات, ولأخرى خلاف في تقدير الموقف, بعضها أساسه الغيرة على الثوابت, والمحافظة
على الهوية, والخشية من ضياع مايصوغ حياة الأمة على أساس الفوز والنجاة.
والحق أن هؤلاء الذين فعلوا هذا كان بإمكانهم, أن يتصرفوا بطرق أخرى, تحافظ على
الثوابت, وبنفس الوقت تتجاوز مايمكن أن تنتقد عليه, من بعض الذين لهم رؤى أخرى.
والملاحظ أن هؤلاء لم تحرق كتبهم بسبب عمالة, أو خيانة أمة, أو خلل في تصور عمل
سياسي ساق نحو التخلي عن المظلومين, أو مساندة الطغاة, أو العبث غير الملتزم في
دائرة الخير والشر الذي يلامس واقع الأمة في مفصلية مهمة تمر بها,ولا كان لأن
فلاناً من أهل الفكر والعلم, تراجع عن إلزامات حقوق الناس العامة أو الخاصة.
وأياً كانت الرؤية, مهما كان الخلاف, وكيف كان تقدير الموقف, نبقى في دائرة
المألوف, في عالم النقد الإسلامي, الذي بينه من قواسم المشترك شيء كثير, رغم
التحفظ آنف الذكر من قبل بعض من يخالف.
لكن الجديد غير المألوف, أن تحرق كتب عالم من العلماء المشهورين, ممن كانت كتبهم
في يوم من الأيام مراجع على مستوى العالم الإسلامي, يشار لها بالبنان, وتعقد عليها
الأنامل,يتناقلها الناس, يقرؤونها بنهم, وربما وجدت في كثير من بيوت الناس, لسبب
جديد غير مألوف من قبل, ألا هو, أن هذه الكتب أحرقت, لأن مؤلفها يقف
إلى جانب المبطل, على حساب المحق, ويداهن الفاجر, على حساب الصالح, يتورط في
فتاوى تؤيد الظالم, وتحارب المظلومين, ينحاز انحيازاً كاملاً نحو السطان المجرم
الجلاد, ضد الضحية المجروح المكلوم المستضعف.
عندما تحرق كتب العالم لأنه لوى أعناق النصوص الشرعية, لصالح إرضاء سلطان, لم يعرف
عنه غير السوء, عندما ينزل نصوص الشرع لتحصيل دنيا بلون من ألوانها, وفجر في ذلك
أيما فجور, بصورة صاعقة, تحقق كارثة ليست عادية في عالم النوازل.
ألا يرى الذبح في كل مكان؟ ألا يشعر بآلام الناس؟ أليس له وجدان, يدفعه نحو
التعاطف مع المنكوبين؟ والله لو سكت لهان الخطب, ولخفت المشكلة, وربما التمس له
الناس العذر, أما والأمر هكذا, فقد عبر الناس عن سخطهم, بإحراق كتبه, وياله من
تعبير له دلائله, التي لو شعر بها هذا العالم, لقال: باطن الأرض, خير لي من ظاهرها
بعد اليوم. وياولتى كيف أستقبل غدي أمام جماهيري وشعبي وأمتي,بعد الذي فعلته بهم.
عندما تحرق كتب عالم, بسبب من هذه الأسباب التي ذكرنا, فهذه حالة جديدة,وصورة
غيرمألوفة من قبل, فهذا مؤشر خطر, عى حالة جديدة قي الأمة,سببها هذا العالم, الذي
سبب سنّ هذه السنة, فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم الدين, والأجر والثواب
لهؤلاء الذين ابتكروا هذا الابتكار الرائع, في التعبير السلمي,في رفض نهج هذا
العالم, واستنكار مايقوم به من عمل خبيث.
العالم إذا لم يكن قدوة, سيهان من الله في هذه الدنيا قبل الآخرة, وسيلفظه الناس
ويبرؤون منه, وتنزع محبته من القلوب, بينما إذا كان عالماً عاملاً, فإن الناس
يحملونه على الأكف, وهو المقدم فيهم, والمحترم الذي يقدم على الأب والأم, ويوضع
على الرؤوس, وفي المقل, فهل من متعظ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق