اليوم لا يشبه البارحة
الذي رأى فيه جورج دبليو بوش وازعاً في منامه يحسّه على انقاذ شعب العراق من صدام حسين،
والذي فكّر فيه أن يخطو على خطى الرّحّالة المغامرين الذين لا يعودون إلى نقطة
الانطلاق من الطريق نفسه، فأراد أن يعود من العراق إلى البحر المتوسط عبر سورية، وإنما
يشبه اليوم البارحة عندما تصدّى الكيان الصهيوني لجورج بوش راجياً -على لسان مخابراته
( الموساد )- بأن يفكر مليّا في قضية إسقاط النظام السوريّ، لأنهم درسوا كل الاحتمالات
لما بعد نظام الأسد فلم يجدوا أفضل من بقائه لمصلحة أمن إسرائيل.
واليوم يشبه البارحة في
مطالبة النظام السوري بأن يصلح نفسه، وكانت كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية
السابقة تصرح بذلك، وتكرره مراراً بأساليب وصيغ متنوعة، وكان النظام السوري يطرب لكل
تصريح، ويدّعي معركة مع الإدارة الأمريكية ستنتهي بانتصاره المؤكد على هذه الإدارة،
ليس لأنه يستند إلى أسس القوة التي تحسم النزاع، وإنما لأنه واثق كل الثقة بأن المعركة
لاتعدو عن كونها تهويشات كلامية إعلامية، وهو مطمئن لما يقدم ويبذل ويتعاون مع الإدارة
المذكورة في محاربة ما يسمى بالإرهاب.
والذي لا يشبه البارحة
في هذا اليوم هو وجود أكثر من كونداليزا وأعلى مرتبة منها، بل وأعلى سقفاً حتى بالتصريحات
( بضرورة التنحي وليس إصلاح النفس)، وعلى رأسهم: أوباما، وساركوزي، وكاميرون، وميركل،
وأردوغان، وخادم الحرمين الشرفين، وأمير قطر و و و.....
والذي يشبه البارحة في
هذا اليوم هو:
1- موقف إسرائيل الداعم لبقاء النظام السوري والضامن
لبقاء الاحتجاجات الدولية في دائرة القول (رحم الله كونداليزا)، وزاد الله هيلري كلنتون
فهما وذكاء في تغليف تصريحاتها عندما قالت نحن نحترم رغبة الشعب السوري ولانتدخل في
شأن سوريا الداخلي عسكريا !!.
2- المعركة الإعلامية التي يديرها النظام بالحديث عن
المؤامرة والنصر على مخططات الأعداء.
ولكننا نرى في هذا اليوم
عناصر ومتغيرات جديدة:
1- الشعب السوري الأبي الثابت في الميدان، الذي لا
يرضى بأقل من الحرية وإسقاط النظام ومحاكمة رموزه.
2- الوجه القبيح للنظام المجرم القاتل في دمشق، الذي
بات سُبّة في جبين الإنسانية، ولعنة تاريخية في سجل من يؤيده.
3- وقوف أحرار العالم في جميع منابرهم الإعلامية والقانوية
مع قضية الشعب السوري العادلة.
إذا كان النظام الدكتاتوريّ
الفاشيّ في دمشق يستمد اطمئنانه من أسلوب الصراع السابق (البقاء للأقوى) في إقصاء الآخرين
وإنهائهم بطريقة الحيوان المفترس، ويحدد مسارات سلوكه في الحكم والتعامل مع الثورة
السورية انطلاقا من تلك الأسس البالية فهو غبي وواهم، لأن أسس الصراع ونتائجه لم تعد
كما هي.
فإن ثورة الشعب السوري
ستضع المختبئين وراء الشعارات الرنّانة الطنّانة الفارغة الجوفاء، جميعهم في عنق الزّجاجة،
وستضطرهم إلى الانتقال من دائرة الأقوال إلى دائرة الأفعال، وستكشف العُهر العالميّ
على حقيقته في رعاية الأنظمة الشمولية العميلة وعلى رأسها نظام القتلة في دمشق.
لقد تهاوت أركان الدكتاتوريات،
وبات أسلوب الإجرام والتهميش والاضطهاد بكل أنواعه غريبا على الحياة في عصر القرية الواحدة، والبركة
كل البركة في همّة شعبنا وتضحياته من أجل الخلاص القريب بإذن الله تعالى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق