اسألوا
الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وسلم‑ عن الشام وأهل الشام، وسيكون الرد حاسماً من
الصادق الصدوق: "ستجندون
أجناداً: جنداً بالشام وجنداً بالعراق وجنداً باليمن، قال عبد الله بن حوالة: فقمت
فقلت خِر لي (أي اختر لي) يا رسول الله فقال: عليكم بالشام فمن أبى فليلحق بيمنه، وليستق
من غُدُره، فإن الله عزّ وجل قد تكفل لي بالشام وأهله".
هؤلاء هم جند الشام الذين تكفل الله بهم، والذين أبهروا
العالم بشجاعتهم ورباطة جأشهم، وثبات جنانهم، فهم من سطر ملاحم البطولة، وأثبت
للعالمين أن الشعوب أقوى من حكامها، وإرادتها هي التي ستسود حالاً أو مآلاً، وأن
أساليب الإرهاب والقتل والتنكيل لن تنفع هؤلاء الطغاة، بل ستكون وبالاً وسيفاً
مسلطاً على رقابهم.
وإن شئتم فاسألوا سورية المباركة، بحاراتها وأزقتها
وشوارعها، اسألوا مبانيها الحديثة، وبيوتها العربية القديمة، اسألوا جدرانها
وشرفاتها ومشربياتها وكل ركن فيها، لتقص لكم أعاجيب الفداء والإقدام، ولتكون كل
ذرة شاهد عيان، على غدر من باع الأوطان، ولتحكي لكم فعال أبطالنا التي لا يعادلها
إلا فعال الكبار، الذين حكى لنا التاريخ حكاياتهم، وخطّها بحروف من نور.
فرباطة جأش هؤلاء الأشاوس لم تأتِ من فراغ، فهي نابعة من
إيمان عميق، وتسليم بقضاء الله وقدره، مصداقاً لما جاء في الحديث الصحيح عن رسولنا
– صلى الله عليه وسلم‑: " لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره حتى يعلم
أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه"، فهي رباطة
مبصرة، مبنية على حب الله عزّ وجل، ورغبة لبذل كل غال وثمين في سبيل إرضائه، وطمعا
فيما أعده الله سبحانه للمخلصين والشهداء من عباده.
وأما رباطة النظام الحاكم في بلادي، ومن وقف بجانبه من
الجهلة والمغفلين والمنتفعين، فهي رباطة عمياء، يتمثلها الأغبياء الذي لا يقدّورن
مآلات الأمور، ولا يفهمون إلا مصالحهم الآنية، دون تدبر لواقعهم وما ينتظرهم في
دنياهم قبل آخرتهم، فلا يستيقظون مما هم عليه إلا وقد داستهم أقدام شعوبهم،
وركلتهم أقدام الأطفال قبل الكبار، ثم ضمتهم أقفاص الاتهام، لمحاكمتهم عما اقترفوه
في حق الأبرياء من هذه الأمة.
فبعد المقارنة بين رباطة الأجواد ورباطة الأوغاد، أقول
شتان شتان بين رباطة جأش ورباطة جحش.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق