الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2014-06-10

انكسار الثورة السورية – بقلم: الدكتور عامر البو سلامة.



تمهيد
سؤال منهجي يطرح نفسه، وكلام استراتيجي لا بد أن يذكر، ومعنى في النفس يعتلج، يجب البوح به، وقضية أمرّ من العلقم، وأشد من السم الزعاف، لكن علينا أن نقتحم أسوارها، ونقف على مدلولاتها، حتى ندرك النتائج الكارثية، التي تترتب على هذا الأمر، والمخاطر التي تكتنف هذا الاحتمال، ومن ثم نعمل على تطبيق نواتج هذه المسألة تقديراً للحكم من بعد ذلك.


الثورة السورية خط الدفاع الأول.
الثورة السورية، خط الدفاع الأول، لأمن الأمة، في مفهومه العميق، وإدراكه البعيد، وفهمه الدقيق، ونظرته المستقبلية.
 وهي سد منيع، وجدار صد، في وجه مشروع طائفي، وشوكة في حلوق أصحاب المشروع الذين يريدون التهام سورية، ومن ثم سيلتهمون أجزاء كثيرة من الأمة، وملامح تمددهم معروفة معلومة، وبالتنسيق مع قوى عالمية، يعملون – من خلال اتفاق -على توزيع مناطق النفوذ بالمنطقة، وهنا يكون الخطر الكبير، والخطب الجلل، الذي يجب الالتفات إليه، ومقاومته، بكل المتاح من الوسائل والأساليب، وأدوات العمل الجاد، من خلال نظرة استراتيجية، تفهم المراد، وتخطط لإفشال البرنامج، وتستعد للتحديات، بسائر صنوف المقاومة، حتى يسقط هذا المشروع.

احتمالات النهاية، للحدث السوري.
والثورة السورية، هي مربط الفرس، وهي عقدة التحدي، وركيزة التعطيل لهذا المشروع، أو التمادي في جرمهم، حتى يشمل بعض بقاع الأمة، وفي هذا المشهد نكون أمام خيارين:
الأول: أن تفشل الثورة، وينتصر المشروع الطائفي – لا سمح الله – فهذا يعني، جملة من المسائل، وله كثير من المخاطر، وعدد من التداعيات، لأن الطائفيين لا يقف مشروعهم عند سورية، بل يتعداها إلى غيرها من دولنا الأخرى، فإذا سيطروا على سورية، اكتملت ملامح المشروع، وقويت شوكة أصحابه، وسيكونون في حالة زهو عسكري، ونشوة سياسية، يجعلهم على ما سوى سورية أقدر، بحكم جملة من القضايا، وكثير من التفصيلات، فانكسار الثورة السورية، علاوة على أنه سيضر كثيراً، بالشعب السوري، ويزيد الطين بلة، على أبناء سورية، وعلى الصعد كافة، من قتل أكثر، واستباحة لكل حرمة، وستكون كارثة الكوارث، وأم المصائب، ومجمع الطامات، ولا شك أن الشعب السوري، سيكون المتضرر الأكبر.
 إلاّ أن الأخطر من هذا، هو هذا النزوع الاستعماري النهم الجشع، الذي يحمله هؤلاء الطائفيون، تجاه الأمة وابتلاعها من جديد.
وساعتها لا ينفع الندم، ولا عض الأصابع، ولا التحسر، لأن الفاس أصبح في الراس.
الثاني: أن تنتصر الثورة، وهو الذي تبدو ملامحه، وتظهر علائمه بإذن الله – رغم كل القتل الوحشي، والتدمير الهمجي، والتخريب المصائبي، ومن مؤشرات ذلك، هذه الروح المعنوية العالية، التي يتمتع بها أبناء الشعب السوري، الصابر الثابت المحتسب، الذي ضرب أروع الأمثلة في الصمود والشجاعة والتضحية.
وانتصار الثورة، كسر من المنتصف لظهر هذا المشروع، وتحطيم لأصحابه، وقتل لأحلامهم البئيسة، التي تمتلأ حقداً على الأمة وتاريخها وحاضرها، ويرون ضرورة إحكام السيطرة على مستقبلها، حتى يتمكنوا من زمام السيطرة عليه.
على صخرة نجاح هذه الثورة، تكون سورية للأمة ردءاً وعوناً وسنداً، وستكون قاطعة لطريق الطموحات الطائفية، التي تخطط لما ذكرنا.
ولأنهم يدركون هذه الحقيقة، تجدهم يدخلون المعركة، بكل ما أوتوا من قوة، ضد أبناء شعبنا السوري، ويجيشون كل إمكاناتهم، ويسخرون جميع طاقاتهم، بهذه العدوانية التي تحرق الأخضر واليابس، فلا ترحم صغيراً، ولا توقر كبيراً، ولا تعرف لذي قدر قدره.
يفعلون هذا لأنهم يدركون، مفصلية هذه المعركة، وأنها ستكون الفاصلة، وأن انكسارهم فيها دمار لهم، وخراب لمشروعهم، هذا إن لم تكن نهايته، بانكسارهم في سورية، كما يتوقع كثير من المراقبين للحدث، والمحللين للمشهد، وفي هكذا مشهد يتجلى حجم القضية، من كل أبعادها، وسائر زواياها.

ناقوس الخطر يدق، فما المخرج ؟؟.
هذا الشعب الذي يقف في وجه هذا المشروع، بكل تفاصيله، يجب أن يساند، وينبغي أن تقف الأمة معه، بلا تردد، ولا تلكؤ، ولا انتظار، لأن  ناقوس الخطر، يدق ليل نهار، بلا توقف، ولا استراحة، بل لا يهدأ في ساعة من ليل أو نهار.
فهل عقل حكامنا هذا المعنى، وجعلوا الثورة السورية، وقضية الشعب السوري، على الدرجة الأولى من سلم الاهتمامات، التي ينبغي أن تأخذ حظها، من الجد والاجتهاد، والعمل والدعم، والتحرك الذي يكافأ الخطر، ويوازي المطلوب؟؟!!
أم أننا لا نشعر بالنار، إلاّ إذا أحرقت بيوتنا، ودمرت حياتنا ؟؟
وأرى المثل الشائع، ( أكلت يوم أكل الثور الأبيض) ينبغي أن يكون مكتوباً على منصات مطابخنا في عالم القرار.
ولا يظنن ظان، أنه يمكن أن ينجو من هؤلاء الطائفيين الحاقدين، من خلال علاقات دبلوماسية، واتفاقيات هامشية، فالأمر أكبر مما يتصوره المرء، والشمس لا تغطى بغربال، والألم الناتج عن مرض، لا تحله علبة عطر، فهل من عاقل، يدرك الدرس،  فيصنع على ضوء معطياته خططه وبرامجه.
وعلى الأمة، باختلاف تكويناتها، أن تعي هذه الحقيقة، وتبادر أكثر، في المناصرة والإسناد، وفي مقدمة هؤلاء، علماء الأمة، والمثقفون، والنخب، لتكون لهم المواقف السياسية الداعمة لمشروع الثورة السورية، وقضية الشعب السوري العادلة، ويعملون على دعم هذا الشعب المظلوم، الذي يبحث عن مشروع ضروري، لتحقيق قيم العدل والحق والحرية، وحقوق الإنسان، وهو يدفع عن نفسه غائلة هؤلاء الغزاة المعتدين، الذين يرتكبون أبشع الجرائم، في حقه.
ومن نافلة القول، التذكير بأن هذا المشروع، يحتاج من الحكام والشعوب العربية والإسلامية، وأحرار العالم، أن يدعم بلغة التعاطي الشامل، الذي يضمن نجاح المشروع، فنخرج من حالة القميص المرقع، إلى خريطة العمل المأمون.
( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).
ولا نغفل فضل من قدم، لشعب سورية، ولو شيئاً يسيراً، فالشكر لهم، وبوركت جهودهم.
( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق