الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2013-09-14

سورية اليوم إلى أين...؟؟ - د. مصطفى الحاج حامد

سورية إلى أين ..عنوان مقال لي كتبته بالتركية قبل عامين من هذا اليوم... ما وصلناه اليوم كان أحد المخاوف في ذلك المقال...لكن حينها، كان الكل يكاد يجزم على أن سقوط النظام قريباً جداً..وأن سورية الجديدة قاب قوسين أو أدنى، على عكس اليوم حيث أصبحت الإجابة على هذا السؤال ليست بالسهولة وأصبح الغموض يخيم على كثير من التطلعات والآمال.


المجلس الوطني السوري كان تشكيله ضرورة ظرفية وحاجة ماسة لتمثيل الثورة السورية بالخارج،لم يكن بالإمكان تشكيل مجلس في ذلك اليوم أفضل مما تم تشكيله لأسباب عديده،ورغم سلبياته لايزال المجلس الوطني هو الكتلة الرئيسية التي  تقود المعارضة حتى يومنا هذا.لم يستطع المجلس تحقيق طموحات الشباب الثائر لأسباب عديدة ،أهمها حرمانه من الدعم المادي الدولي، وعدم دعمه من قبل رجال الأعمال والتجار والهيئات والجماعات والمنظمات والمكونات السورية التي لم تتحلى بالنظرة الوطنية المستقبلية وأستعجلت القطاف و سعت لتعمل كل بأسمه لشراء الولاءات وضمان موطئ قدم بسوريا المستقبل.

وعد المجلس بالدعم أكثر من مرة ومن أكثر من جهة، إذا قام بتوسيع نفسه وضم كل المكونات السورية،وهذا ما عمله بالدوحة وقبلها،لكن الوعود كانت مجرد أوهام ومضيعة للوقت وشماعة للتهرب من الواجبات والإلتزامات.

 ما يحسب للمجلس أنه حافظ على أهداف الثورة ولم يتنازل ولم يفرض بأي من مطالب وشعارات الثوار بالداخل.لذلك لم يعجب الغرب ورفضته كلينتون وطالبت بتشكيل جديد.
طالب الغرب ومن معهم، المعارضة السورية وضغطوا عليها لتشكيل الإئتلاف ،وكانت الوعود لا حدود لها من أسلحة نوعية ،ودعم مادي وطبي وإغاثي....وجيئ بالشيخ معاذ ليضفي عليه القدسية والاحترام والشرعية...وهذا ماكان...مرت أشهر ولم نرى أي أثر لهذه الوعود...التي تحولت لضغوط جديدة للمطالبة بتوسيع الإئتلاف وتغير تركيبته التي يبدو أنها لم تحقق طموحات من ضغط لتشكيله.

حكومة السيد هيتو كانت جاهزة لإستلام مهامهما ،لكن باللحظة الأخيرة تم التخلي عنها من أصحابها نتيجة لحسابات تبين أنها خاطئة ولم تكن سوى سراب من الأوهام.

تأملنا وصول الدعم بعد توسعة الإئتلاف من جديد ، ووصول من كانت السفارات والقنصليات تضغط لدخولهم الهيئة السياسية،وتسلم قيادة جديدة رئاسة الإئتلاف...
لكن حتى هذا كله، لم يكن كافياً لتحرك نخوة أصدقاء الشعب السوري وداعميه بالكلام والتصريحات والبيانات فقط.ولم يصل المعارضة سوى الفتات القليل الذي لايسمن ولا يغني من  جوع.

كل الخطوط الحمراء سقطت ولم يحرك أحداً ساكناً...
أستخدام السلاح الثقيل لم يقلقهم..دخول المدن وتهديمها على رؤوس أصحابها...ذبح الأطفال والنساء وارتكاب المجازر لم تؤلمهم ولم توقظ وجدانهم
حتى جاء السلاح الكيماوي بهذه الدرجة ...
فرحنا بحماس وتهديدات أبوحسين أوباما وفرنسا هولاند وقوة كلام كاميرون....وقلنا جاءك الفرج ياشعبنا المسكين بعد عامين ونصف من القتل والتعذيب والتشريد ...والله قد ينصر عباده بتسليط الظالم على الظالم....
همد الحماس فجأة، وتراجعت الخطوات،وخمدت التهديدات، وأكتشفنا أن الهم والهدف ليس اسقاط النظام كما صرحوا بذلك أو الانتصار للشعب السوري المظلوم أو الدفاع عن شرف الانسانية...بل هو فقط السيطرة على السلاح الكيماوي الذي ربما قد يقع بأيدي المتطرفين والمتشددين أو الارهابيين كما يحلوا لهم تسميتهم....توضحت الصورة أكثر من ذلك ،فعرفنا أن قتل هذا العدد واستخدام السلاح الكيماوي هو أيضاً لا يهمهم إنما ما يريدونه هو فقط منع النظام من استخدامه مرة ثانية والسيطرة على هذا السلاح ،كي لا يقلق الابن المدلل اسرائيل..وكي ينام أبناؤها بهدوء ويحلموا بغد مشرق بدون أي كوابيس.
النظام الذي يجيد الانبطاح في اللحظة الأخيرة ويجيد المراوغة وتمييع الأمور وأن يبيع كل شيء من أجل البقاء بالسلطة...وجدها قشة النجاة وأمسك بيد روسيا لتنتشله الى شاطئ المماطلة وكسب الوقت من جديد....بل قد يكون النظام قد استخدم هذا السلاح قاصدا متعمدا خلط الأوراق ودفغ الغرب لمفاوضته على هذا السلاح، ليكون تسليمه بوابة الدخول والعودة للحظيرة الأوربية من جديد،كما دخلها بعد قتل الرئيس الحريري.يومها أيضاً سمعنا التهديدات والوعيد وأصبحنا نرى بشار في محكمة لاهاي يحاكم...أقاموا الدنيا ولم يقعدوها حينها..حتى استقبل بشار في قصر الاليزيه ومن بوابته العريضة..
المناطق المحررة هي الاخرى معضلة كبيرة ومؤلمة..تعيش في فراغ وتنشد الأمن والأمان ..لكن لا المجلس، الذي يحلو لكثير من الناس سبه وشتمه وتخوينه وهدمه أكثر من الانشغال بالعدو الحقيقي، هوقادر لاسترجاع دوره وملئ هذا الفراغ..ولا الإئتلاف بترهله وتفككه ووضعه الحالي قادر على الإمساك بزمام الأمور.

الكتائب العسكرية المنغلقة على نفسها، وكل منها تظن أنها الفرقة الناجية، تحتقر العمل السياسي وتستعلي على كل من هو خارجها....عاجزة ليس عن إدارة المناطق المحررة بل الاجابة عن كثير من الاسئلة والاستفسارات حول المستقبل....وإدارة الدولة القادمة.
مشاكلنا الصحية....آلام وجراح....التعليمية ....حدث ولا حرج.....الأمنية اختطاف وتخويف.....الاغاثية شراء ولاءات ومفاخرة بالجمعيات...المستقبل بعيون الاطفال لم يعد أحداً يراه من شدة ظلام الواقع.....
الفوضى العارمة هي التي تقتل البلد وتمنع أي محاولة للاصلاح واستعادة مقومات الاستقرار وبناء المؤسسات من جديد.. لتخفيف آثار وسلبيات الأزمة...مجرد محاولة التخفيف ..إن لم نستطع الحل بشكل جذري وكافي.

محاولات حرف الثورة عن مسيرتها ووئد أهدافها وتقويضها من الآن،أصبحت على مسمع ومرأى الجميع وماخفي منها أعظم وأشد...
مما لا شك فيه أن هناك وجها ناصعا آخراً لهذه الثورة...وايجابياتها وجوانبها المشرقة هي أيضاً كثيرة...
ولكن....في خضم هذه المعطيات والسلبيات والواقع الذي نعيشه ونحياه..
ألا يحق لنا أن نتسائل بعد عامين ونصف
الى أين نحن ذاهبون؟؟؟ وفي أي طريق سائرون؟؟ وبأي نفق نحن ماضون؟؟
والسؤال الأهم الذي ينتظرنا جميعاً هو
ألم يأن الوقت لعودة أصحاب الثورة الحقيقين لرشدهم وعقلهم ووجدانهم وحكمتهم..... والامساك بزمام الأمور،لتصحيح المسار ورسم خارطة الطريق من جديد؟؟
د.مصطفى الحاج حامد

Top of FormBottom of Form

طبيب وكاتب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق