الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2013-09-16

التمويل في الثورة – بقلم: شام صافي

بدأت الثورة بإخلاص أبنائها وإرادتهم الحقيقية في رفع الظلم وإصلاح البلاد وكف أيدي من يسمون بالأمن (الظلام) عن الناس وعن إنهاكهم وإنهاك المنظومة الأسدية التي تمنع تقدم البلاد وتسلب حرية العباد..

واستمرت الثورة على هذه الشاكلة سلمياً مقابل الرصاص حتى لم يعد هناك أي إمكانية للاستمرار على منوال واحد يتمثل بالمظاهرات والإعلام .. ودخل مع الانشقاقات استخدام السلاح ضد الظالمين.. بأسلحة فردية وبسيطة كان هدفه درء القتل عن النفس وحماية الأهل .. وشيئاً فشيئاً برزت الحاجة للمزيد مع الحاجة التي دعتها انتشار فكرة السلاح ضد الاستخدام المفرط للسلاح من قبل النظام وآليات أسلوبه في مواجهة الثورة.. ومع طول فترة الالتزام بالثورة برزت الحاجة للعاملين فيها بعد أن استهلكت الثورة والعمل لها كافة جهودهم ودمر النظام الممتلكات والبنى الأساسية للبلاد، فهل كان التمويل نعمة في الثورة أم نقمة؟


الحقيقة أنه لا جواب لأن الأمر مرتبط بتوطين النفس على عدم الانفتان بالمال بمعنى أن يصبح هو الهدف فإن كان باليد مع امتلاك كامل الحرية حتى من تعلق القلب والحاجات به يكون بذلك داعماً للهدف وليس أساساً، والأمر مرتبط بنفس الثائر المجاهد في أي مجال داعم للثورة، فإن ارتبط ارتباطاً كاملاً بالمادة فمعنى ذلك أنه قد اشتري بينما يقول تعالى: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم، والثورة في شعاراتها رفعت "هي لله لا للسلطة ولا للجاه" ولمن يعرف معنى الشعارات يعرف قيمة ما يقال ويعرف أن هذه الشعارات نبعت من نفوس الثائرين لما جعلوها شعاراً وتسمية لجمع عديدة بمعاني كثيرة مرتبطة بهذا المعنى،

وحتى يعلم كل ثائر ما مكانة التمويل من نفسه (إن كان) فليفترض وليتخيل أن الدعم قد توقف) فهل سيستمر حينها بالثورة على نفس السوية أم لا؟ إن انخفض بشكل كاسر فذلك معناه أن التمويل أفسده وأفسد نيته وإن تحولت نيته من ثورة إلى مهنة يكسب منها فقد ضاعت بوصلته، وأما إن كان يستعين بالتمويل (من مصدر نظيف) لتأمين حاجاته في خدمة الثورة بحيث إن انقطع عنه لا يتأثر عمله فيها فهذا سليم معافى من "فتنة التمويل"، والأفضل ألا يجعل عمله في الثورة ملوثاً "بارتباط" مالي لازم ما أمكن لأن لأكثر الممولين اتجاههم الذي سيتبع له أوامر .. وذلك يؤدي إلى سلب الحرية حتماً والمسير مع بوصلة مشوهة عن مسار الثورة الأصلح للوطن والناس فيه وما يخدم الشعب وثورته النقية التي قامت بداية ..

الأمر كله يتعلق بما في النفس من ارتباط، هل الارتباط بمنافع؟ أم الارتباط بإخلاص لأسس الثورة ومطالبها وعبر بوصلة ما يحمي الوطن والشعب؟ الثانية هي ما تطلبه الثورة النقية حثيثاً فالمخلصون هم من ستنهض على جهودهم الثورة بأهدافها التي يحلم السوريون بتحقيقها كما قامت في البداية ولازالت ..

هناك قول قد ينفع في هذا المقام: "من لم تكن لقمته من عمل يده، لم يكن قراره من رأسه" أما إن استطاع الثائر -وهذا شرط- أن يغيرها على اعتبار التمويل من باب المشاركة والتعاون ، بحيث يثبت بشكل حاسم على "قراره من رأسه ورأس إخوانه في الهدف" فلا ضير وإلا فالاستبدال والبحث عن سبل أسلم وأبقى هو الأفضل دوماً ..

الثبات والصبر في هذه المرحلة والقدرة على تجاوز الحاجة وفتنة المال هما الغربال الجديد الذي سيجعل العاقبة لمن يستحق أن يكون، ثورتنا ثورة عظيمة تختبر أدق ما في النفوس ليستثنى من يستثنى، وامتلاك المال باليد لا بالقلب هو ما يضمن الولاء النظيف .. وهذا يجعلنا نفكر في مرحلة قادمة ليوكن الهدف القادم في سورية الجديدة امتلاك القوة بأصنافها ،والمال قوة، لكن لا أن يكون عطاءً بل من طاقات الشعب وتخطيطه وعمله وجهده وعلمه.

البوصلة موجودة ، لا يتوه عنها مخلص صادق موضوعي حر،
والحال أشبه بشخص (الثائر) يحمل بوصلة ليحدد اتجاه مساره في أرض الصحراء .. حوله جهات عديدة متمثلة بآخرين تستخدم كل منها مغاطيساً مختلفاً مزيناً خاصاً، بها يشوش على إبرة بوصلة كل ثائر، والناجي من كل ذلك هو الثابت على الاتجاه الصحيح الذي لا يسمح لأي مفناطيس بالتشويش على مساره وهو المفلح بإذن الله.
وكل سبيل نهايته معروفة لمن ينظر في العواقب قبل الإقدام على أي عمل وما سيؤول الأمر إليه ويتخذ الأصح والأسلم ولو كان أشق عليه صابراً محتسباً، فالأمر "جهاد في سبيل الله" مختلف الألوان مع اختلاف الاختصاصات الثورية، ومن ثم يمضي كل منها متوكلاً على الله.

بقلم: شام صافي
15-9-2013



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق