الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2014-10-29

العمل الإسلامي والقلم النسوي – بقلم: الدكتور عامر البو سلامة.


لا بد من مقدمات ممهدة، بين يدي الفكرة:
الأولى: لا أعتقد بمعادلة، القلم الذكوري، والقلم النسائي، ولا أقول بها، ولا أميز بينهما بأي نوع من أنواع التمايز، فالكاتب كاتب، دون النظر إلى جنسه، ولكل كاتب له بصمته، من حيث الأسلوب، واختيار المفردات والجمل، في التعبير عن مراده، وإيصال رسالته للآخرين.
ولا أنكر وجود بعض الفوارق العاطفية والنفسية، التي لا تؤثر على أصل الفكرة، بل قد تكون سبباً في إثراء المراد، وهو المطلوب.
أقول هذا حتى أقطع على المثبطين، الذين يمتطون صهوة هذه التفرقة، ليدخلوا إلى الموضوع، من غير بابه، ومن ثم يحاولون الوصول بنا إلى الأبواب الموصدة، أو الرجوع إلى الأصل، من أجل الإبطال، وهو ما يعرف عند المناطقة بالدور والتسلسل، أو نعود إلى الحوار البيزنطي المقعد.


لا نريد هذا، لأن عصرنا، هو عصر السرعة، وعصر التسابق في المجالات كافة، ولا أقول نحن في زمن ( لعبة الكراسي الموسيقية) ولكن في وقت صارت العولمة سمة الحياة بكل شعبها، وسائر مفرداتها، حتى صار العالم كأنه قرية صغيرة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً، وهذا لا شك له استحقاقاته وأصول للتعامل معه، فالذي لا يعيش عصره، لا يستحق الحياة الكريمة.
دعونا ننهج منهج التكامل بين الذكور والإناث، ودعونا من لغة التصارع والخصام، وافتعال الأزمات، والحديث عن المجتمعات الذكورية، وما تحمل في بطنها من معاني الحنق والحسد والبغضاء، لتكون الفكرة مشجباً نعلق عليه كل مفردات تخلفنا وجهلنا وفشلنا.
الثانية : أعلم تماماً، أن تاريخنا زاهر بأعلام النساء، ومليء بتراجم الفضليات والأديبات والعالمات والمربيات، وما كتب ابن الخطيب العمري بعنوان ( الروضة الفيحاء في أعلام النساء )، يعطينا صورة عن جهود النساء القلمية، وما كتبه عمر رضا كحالة ( معجم أعلام النساء) و ( الشاعرات العربيات المسلمات ) ليس عنا ببعيد. وما كتبه الدكتور محمد مطيع الحافظ ( أعلام النساء الدمشقيات ) يجلي الصورة في زاوية من زواياها، وكذلك ما كتبه مشهور حسن سلمان ( عناية المرأة بالحديث) يسلط الضوء على جانب من الحقيقة الإيجابية في هذا المجال، وكتب غير هؤلاء ما يدلل على نفس الفكرة.
 ولكن، أريد من هذا أن لا يكون حوارنا حوار طرشان، ونحاول – من خلال البحث المخلص - الوصول إلى الهدف المرجو من الفكرة التي سأكتبها، لأننا كلما أردنا مناقشة الفكرة للبناء، جرَنا بعض الأحبة إلى مربعات الفخر، وهذا حاصل وطيب، لكن شريطة أن لا يفعل بنا فعل الإقعاد، في وقت نحن فيه بحاجة ماسة، إلى لغة الإنهاض.
الثالثة : لا فرق بين الذكر والأنثى، في عالم العلم، والساحة بينهما ساحة تنافس، مفتوحة على كل الاحتمالات، ورب امرأة فاقت كثيراً من الرجال، ورب رجل كان أمة، وهكذا، لنصل إلى قوانين التدهور والازدهار، والسقوط والنهوض، وكل واحدة لها أسبابها ونتائجها، من هنا ينص أهل العلم، على أن المرأة مثل الرجل، سواء بسواء، في هذا الباب، فيمكن أن تكون المرأة مفتية، وراوية وعالمة ومربية، ومفسرة ومحدثة، وأديبة وكاتبة، بل هذا من لوازم النجاح الحضاري، في مشروع الأمة.
[ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًاإِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ]
( وطلب العلم فريضة على كل مسلم) ، كما جاء في حديث نبينا – صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - والمسلمة تدخل بهذا الخطاب إجماعاً، ليتأكد هذا المعنى الذي نشير إليه.
الرابعة : حاجة الأمة إلى المعلمات والعالمات والمؤلفات والأديبات، والصحفيات والكاتبات، حاجة ماسة، ويجب على المرأة أن تسد جزءاً من الفراغ الذي يحدث. ( وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب )، فدور الكلمة بكل أنواعها، ومنها الكلمة المكتوبة والمقروءة، له أهمية بالغة، ورب كلمة سارت بذكرها الركبان، تحدث تغييراً لا يخطر لك على بال، ورب كتاب طبعت منه ملايين النسخ، ورب مقالة قرأها آلاف الناس، وهكذا، وهذه المقروءات، لا شك أنها تترك بصماتها على القاريء، إن حالاً وإن مآلاً .
حاجة الأمة إلى القلم النسائي:
المرأة شقيقة الرجل ( إنما النساء شقائق الرجال )، وهي كما يعبر عن ذلك بقولهم: المرأة نصف المجتمع، والنصف الثاني لها تأثير كبير عليه.
فكيف لنا أن نعطل هذا الشطر المهم، في حياة الأمة، والأصل أننا في عالم النهوض نستنفر الجهود، ونوظف الطاقات، ونستثمر الكفاءات، حتى نصل إلى المراد، في صناعة المشروع الحضاري.
أي خسارة نجنيها ؟ وأي تراجع نمارسه؟ حيث نعمل على توقيف عجلة الإنتاج العلمي، بتعطيل هذا الجزء المهم في حياة الأمم والشعوب ؟
من أسف أن نقول : إن غيرنا سبقنا في هذا المجال الحيوي والمهم، فعملوا على تشجيع القلم النسوي، حتى صار عندهم، مجموعة كبيرة من الكاتبات والأديبات المؤثرات، اللواتي صار لهن وزن كبير، وقراء، ومعجبون، وأصبحنا نعاني من حضورهن الواسع، بين الناس، وفي صفوف الجماهير، بسبب الأفكار الدخيلة التي يبثونها من خلال القلم النسوي، غير النظيف.
بينما نحن ما زلنا نبحث الموضوع، ونبحث عن فائدة القلم النسوي، أو نناقش قضية وضع اسم المرأة صريحاً على الكتاب أو المقال، أم نكتفي بذكر الكنى ؟!
نريد الأديبة التي تنافس بقوة، يجب أن نوجد الكاتبة الصحفية، التي تكون على مستوى العصر، نبحث عن الباحثة التي تخدم المشروع النهضوي للأمة، لا بد من صناعة، نعم صناعة!! المفكرات المبدعات، والمحللات الاستراتيجيات، نريد مفسرة لكتاب الله، نفتش عن شارحة لديوان من دواوين السنة، بلغة العصر، وفقه الواقع، واستشراف المستقبل.
واليوم نحتاج كذلك إلى المدونات بعلم، وكاتبات التغريدات المفيدة بفن كاتبي مؤثر، وهكذا حتى نصل إلى السطر الذي يكتب من خلال رسالة صغيرة، ومن خلال إتقان هذا العلم، نخرج من طور الغثائية، إلى عالم التأثير البنّاء.
كل هذا لا يتم إلاّ من خلال مشروع، يدرس بدقة، وتوضع له خطة، وترسم له آليات عمل، وتتوفر له أدوات الفكرة، ثم تتحقق هذه الصناعة الرائدة، التي سيعم نفعها الأجيال.
ويبقى السؤال المهم، يطرح نفسه بقوة : مسؤولية من هذا الأمر؟
فيكون الجواب : إنما هي مسؤولية عامة، منها الفردية : وتبدأ من الإرادة الصلبة، والتصميم على الوصول، إلى امتلاك أدوات النجاح في هذا العمل، مروراً بالدربة والتجربة والمراس، حتى نصل إلى النضج.
وجماعية : من خلال مراكز البحوث، ومعاقل الدراسات، وبيوت التنمية البشرية، والتدريب على المهارات، ومراكز العناية بالنابهين والمتفوقين والمتميزين.
ولا شك أن على عاتق رواد العمل الإسلامي، أمانة كبيرة، في رعاية هذا الجانب، لسد الثغرة، وترميم الخلل.

رحم الله أحد شيوخنا، الذي كان يردد دائماً : اللهم وفقني إلى تأليف كتاب تقرؤه الأجيال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق