بداية أعتذر من كل
قادة دول الخليج للصراحة التي أريد مخاطبتهم بها، لعلمي مسبقاً أن الصراحة جارحة
في بعض الأحيان، وبما أنني محب وصديق صدوق لدول الخليج التي أمضيت في بعضها
(الكويت) أحلى وأجمل سنوات صباي فيها (1956-1960)، وكنت حينها ألمس أن هناك خطأ ما
يرتكب من قبل القائمين على الشأن في تلك البلاد رغم صغر سني، ومن بين هذه الأخطاء
التي نعيش تداعياتها اليوم، دخول الإيراني إلى الكويت بدون أية وثائق، ثم تسهيل الإقامة
والعمل ومن ثم الجنسية (الإيرانيون المجنسون في الكويت قد يعادلون تعداد أهل
الكويت الأصليين إن لم يتفوقوا عليهم عدداً)، ومعاملة الأوروبي كصديق يحق له ما لا
يحق لغيره، ومعاملة الآسيوي على أنه رفيق؛ وبالتالي تسهيل إقامته وتدبير عمله، أما
العربي فكان بنظرهم أجنبياً يضيّق عليه في الإقامة والعمل ويظل في موقع المتهم
الذي قد يعكر صفو الأمن في البلاد، وهذا الأمر ينسحب على معظم دول الخليج، فقد
عملت في الإمارات في المجال الإعلامي لسنتين (1998-2000) ووجدت هناك العجب العجاب،
لأنك إذا ما قصدت الأسواق أو المحلات العامة أو مؤسسات الدولة وخاصة البنوك فإنك
لن تلتقي بإنسان يتكلم العربية، وإذا وجدت العربي في تلك البلد فإنه مضيق عليه حتى
الخناق وهو في نظرهم إرهابي يجب التخلص منه، ففي كل يوم هناك قوافل من النخب
العربية من أصحاب الكفاءات محجوزة في قاعات التسفير إلى بلدانها.
ما دفعني إلى نكئ
الجرح والخوض في كتابة هذا الموضوع الشائك هو الحالة التي وصلت إليها بلدان الخليج
التي لا تحسد عليها من الترهل والانغماس في الدنيا وأحوالها بعيداً عما يخطط لها
ويراد بها دون التنبه لما يحاك لها، واللامبالاة التي تعيشها بفعل عدم إجادة قراءة
الواقع وما يخطط له الجار العدو، وما تمخض عنه اجتماع وزراء داخلية دول مجلس
التعاون في جدة يوم الأربعاء 1 تشرين الأول، الذي تم على خلفية ما يشهده اليمن (الجار
الجنوبي للسعودية) من أحداث، وتقييم المستجدات والتطورات على الساحة اليمنية
ومخاطرها وانعكاساتها المباشرة على الأمن المحلي والإقليمي لدول المجلس.
وقد أعرب وزراء داخلية دول الخليج،
بحسب ما جاء في بيانهم عن شجبهم لـ”الأعمال التي تمت في اليمن الشقيق بقوة
السلاح”، واستنكروا “عمليات النهب والتسلط على مقدرات الشعب اليمني".
ودعوا إلى "ضرورة إعادة كافة
المقار والمؤسسات الرسمية للدولة اليمنية وتسليم كافة الأسلحة وكل ما تم نهبه من
عتاد عسكري وأموال عامة وخاصة"، وفقا لوكالة الأنباء السعودية.
وقالوا إن "دول مجلس التعاون لدول
الخليج العربية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التدخلات الخارجية الفئوية".
بيان وزراء الداخلية الخليجيين يذكرني
ببيان الحكام العرب الذين أعربوا عن شجبهم واستنكارهم لإعلان قيام دولة إسرائيل
عام 1948، ثم قرار الحكام العرب آنذاك، بغباء وسذاجة، إرسال جيوشهم إلى فلسطين،
وكانت النكبة التي لا نزال نعيش تداعياتها إلى اليوم.
واليوم تسارع دول الخليج، استجابة لطلب
أمريكا والغرب، المشاركة في التحالف العالمي لمحاربة الإرهاب في العراق والشام،
ولتقع دول الخليج بالخطأ الذي وقعت فيه الدول العربية عام 1948، وكان الأجدر بهذه
الدول أن تفكر ملياً بالعواقب والتداعيات، فلو أن الحكومات العربية سلحت وأمدت أهل
فلسطين بعشر أسلحة جيوشها وعتادها آنذاك لما كانت إسرائيل، ولو أن أهل الخليج
اليوم أمدوا إخوانهم السوريين والعراقيين بخمس ما لديهم من سلاح وعتاد لما كان
هناك لا (داعش ولا حالش) ولا ربع مليون شهيد وأكثر من خمسة ملايين من اللاجئين
وأكثر من عشرة ملايين من النازحين!!
فإلى متى سيظل الحكام العرب يقررون
الحج والناس راجعة!!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق