إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى
النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيمًا (56)سورة الأحزاب.
صلاة
الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم : الرحمة والثناء ورفع المقام، وإخبار
البشر بمكانته صلى الله عليه وسلم عند ربه، وصلاة الملائكة استغفار أهل السماء له
، فلما أمر المسلمون بالصلاة عليه اجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والأرضيّ
جميعا .
وعن
ابن عباس أن بني إسرائيل قالوا لموسى عليه السلام هل يصلي ربك ؟ فناداه ربه عز وجل
: يا موسى سألوك هل يصلي ربك فقل نعم .أنا أصلي وملائكتي على أنبيائي ورسلي فأنزل
الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم " إن الله وملائكته يصلون على النبي
يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما".
وقد أخبر سبحانه وتعالى بأنه يصلي على عباده
المؤمنين في قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه
بكرة وأصيلا هو الذي يصلي عليكم وملائكته " الآية وقال تعالى: " وبشر
الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم
صلوات من ربهم ورحمة .." .فالله تعالى يصلي على عباده المؤمنين ويرفع بصلاته
عليهم ذكرَهم ودرجاتهم.
وفي الحديث إن الله وملائكته يصلون على ميامن
الصفوف وفي الحديث الآخر اللهم صل على آل أبي أوفى وقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لامرأة جابر وقد سألته أن يصلي عليها وعلى زوجها صلى الله عليك وعلى زوجك .
وقد
كثرت الأحاديث الشريفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بالصلاة عليه
وكيفية الصلاة عليه ،منها:
ما
ذكره البخاري عن كعب بن عجرة قال : قيل يا رسول الله ؛أما السلام عليك فقد عرفناه
فكيف الصلاة ؟ قال "قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل
إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم
إنك حميد مجيد"
ومعنى
قولهم أما السلام عليك فقد عرفناه هو الذي في التشهد إذ كان يعلمهم إياه كما كان
يعلمهم السورة من القرآن وفيه السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
وعن
أبي مسعود الأنصاري قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن
عبادة ، فقال له بشير بن سعد أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك
؟ قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم "قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على
آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك
حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم "وقد رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن
جرير من حديث مالك وقال الترمذي حسن صحيح
وعن
فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في
صلاته لم يمجد الله ولم يصل على النبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجَّلَ
هذا ثم دعاه فقال له أو لغيره" إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد الله عز وجل
والثناء عليه ثم ليصل على النبي ثم ليدع بعدُ بما شاء " وعن عبد الله بن
مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أولى الناس بي يوم القيامة
أكثرهم علي صلاة ".تفرد بروايته الترمذي رحمه الله ثم قال هذا حديث حسن غريب.
وعن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال : كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال يا أيها الناس اذكروا
الله ،اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة ،جاء الموت بما فيه،جاء الموت بما
فيه" قال أبي قلت يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي ؟
قال ما شئت. قلت الربع ؟قال ما شئت ،فإن زدت فهو خير لك. قلت فالنصف ؟قال ما شئت ،فإن
زدت فهو خير لك. قلت فالثلثين؟ قال ما شئت ،فإن زدت فهو خير لك. قلت أجعل لك صلاتي
كلها ؟قال إذن تكفى همَّك ،ويغفرُ لك ذنبك " رواه الترمذيُّ ثم قال هذا حديث
حسن.
وعن
عبد الرحمن بن عوف قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوجه نحو صدفته(
محرابه ومكان تبتله) فدخل فاستقبل القبلة فخر ساجدا فأطال السجود حتى ظننت أن الله
قد قبض نفسه فيها فدنوت منه ثم جلست، فرفع رأسه فقال من هذا ؟ قلت عبد الرحمن قال
ما شأنك ؟ " قلت يا رسول الله سجدت سجدة خشيت أن يكون الله قبض روحك فيها .فقال
إن جبريل أتاني فبشرني أن الله عز وجل يقول لك من صلى عليك صليت عليه ومن سلم عليك
سلمت عليه فسجدت لله عز وجل شكرا ورواه إسماعيل بن إسحاق القاضي في كتابه عن يحيى
بن عبد الحميد عن الدراوردي عن عمرو بن عبد الواحد عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف
به .
وعن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة فلم يجد
أحدا يتبعه ففزع عمر فأتاه بمطهرة من خلفه فوجد النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا في
مشربة فتنحى عنه من خلفه حتى رفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه ،فقال "أحسنت
يا عمر حين وجدتني ساجدا فتنحيت عني. إن جبريل أتاني فقال من صلى عليك من أمتك
واحدة صلى الله عليه عشر صلوات ورفعه عشر درجات ".وقد اختار هذا الحديث
الحافظ الضياء المقدسي في كتابه المستخرج على الصحيحين .
وعن
أبي طلحة الأنصاري قال أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما طيب النفس يُرى في
وجهه البشرُ. قالوا يا رسول الله أصبحت اليوم طيب النفس يرى في وجهك البشر قال "أجل
أتاني آت من ربي عز وجل ،فقال: من صلى عليك من أمتك صلاة كتب الله له بها عشر
حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات ، ورَدَّ عليه مثلها " قال
القرطبي في تفسيره: وهذا أيضا إسناد جيد
وعن
عبد الله بن عمرو يقول : من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة صلى الله
عليه وملائكته لها سبعين صلاة فليقل عبدٌ من ذلك أو ليكثر .
وعن
أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أبخل الناس من ذكرت
عنده فلم يصل علي .
وعن
أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رغِم أنفُ رجل ذكرت عنده فلم
يصل عليَّ، ورغم أنف رجل دخل عليه شهر
رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له ،ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبرَ فلم يدخلاه
الجنة " رواه الترمذيُّ وقال حسن غريب.
وعن
أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا
الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم تِرَة يوم القيامة،فإن شاء عذبهم وإن
شاء غفر لهم "رواه الترمذي.
وعن
عبد الله بن عمرو بن العاص يقول إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا
سمعتم مؤذنا فقولوا مثل ما يقول ،ثم صلوا علي، فإنه من صلى عليَّ صلاة صلى الله
عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد
من عباد الله ،وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة " أخرجه
مسلم وأبو داود والترمذي .
وعن
فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : "كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم ،ثم قال اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي
أبواب رحمتك. وإذا خرج صلى على محمد وسلم ثم قال اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي
أبواب فضلك "
و
يستحب ختم الدعاء بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ،فعن عمر بن الخطاب قال :
الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك. رواه
الترمذيُّ
وعن
أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال : "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من
أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة .فأكثروا
عليَّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليَّ. قالوا يا رسول الله وكيف تعرض عليك
صلاتنا وقد أرَمْت ؟ يعني وقد بليت. قال إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد
الأنبياء "رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه ،وصححه ابن خزيمة وابن حبان
والدارقطني والنووي في الأذكار .
وتستحب
الصلاة والسلام عليه عند زيارة قبره صلى الله عليه وسلم. فعن أبي هريرة أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال ما منكم من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى
أرد عليه السلام" رواه أبو داود وصححه النووي في الأذكار
قال
النووي إذا صلى أحدُكم على النبي صلى الله عليه وسلم فليجمع بين الصلاة والتسليم
فلا يقتصر على أحدهما فلا يقول صلى الله عليه فقط ،ولا عليه السلام فقط ، إن الله
تعالى جمعهما في قوله:" يا أيها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما "
فالأولى أن يقال صلى الله عليه وسلم .
والصلاة
على النبي صلى الله عليه وسلم :
1-
شعارُ المسلمين .
2-
وفيه قُربى ودليلُ الحب.ودعاءٌ له صلى الله عليه وسلم.
3-
مدحٌ له عليه الصلاة والسلام وتكريمٌ ،فهو الهادي الذي به هدانا الله تعالى إليه
سبحانه.
4-
شهادةٌ بنبوّته ورسالته.
5-
التزامٌ بأمر الله وطاعته. والمحبُّ مطيعٌ لمحبوبه.
كنت
في محاضرة أكثرَ فيها المحاضرُ من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان أحد
العلمانيين حاضراً، فتساءل في نهاية المحاضرة معترضاً على ( تضييع الوقت) بكثرة
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
فقال
له المحاضر :أتغسل وجهك إن شعرت بالنعاس وأنت بين أصحابك لا تريد الانصراف عنهم؟
قال:
نعم.
قال
المحاضر : أتغسل وجهك إن شعرت بالعرق يملؤه ويحرق عينيك في حر الصيف ؟
قال
: نعم .
قال
المحاضر : أتغسل وجهك حين تستيقظ من النوم؟
قال
: نعم .
قال
المحاضر : لمثل هذا كله ولغيره ( أغسل وجهي) بالصلاة على الحبيب صلى الله عليه
وسلم.
...إنه
سبحانه يدعونا إلى طاعته بالصلاة على حبيبه وتعظيمه ، فما جاءنا الخير إلا عن
طريقه صلى الله عليه وسلم .....فهلاّ استجبنا للنداء ، فصلينا وأحببنا وأطعنا؟..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق