الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2014-10-21

إنه ينادينا (27) - بقلم: الدكتور عثمان قدري مكانسي

" يا عبادِ ؛ لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون، الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ، ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تُحبرون ، يُطافُ عليهم بصحاف من ذهب وأكواب ، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذُ الأعينُ وأنتم فيها خالدون ، وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ، لكم فيها فواكه كثيرة منها تأكلون " الزخرف 68-73
ما أروع موقف عباد الله المؤمنين في هذا اليوم – يوم القيامة الرهيب - وهم خائفون من عذاب الله يسمعون النداء " يا عبادِ لا خوفٌ عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون"  فيرفع الخلائق رؤوسهم ويقولون : نحن عبادُ الله ، فإذا قال: "الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين"نكَّس الكفارُ رؤوسهم ويبقى الموحدون رافعي رؤوسهم، فإذا قال الثالثة "الذين آمنوا وكانوا يتقون :نكّس أهل الكبائر رؤوسهم وبقي أهل التقوى رافعين رؤوسهم وقد زال عنهم الخوف والحزن، فقد وعدهم الله تعالى بالنجاة والكرامة ولن يخذلهم الله أبداً ،فوعده الحق ،وقوله الحق سبحانه
 
يدخلون الجنة مع أمثالهم ونظرائهم ممن كانوا مثلهم في التقوى يتنعمون ويسعدون فقد كانوا يؤمنون ويعملون ،قال صلى الله عليه وسلم قال " إن أدنى أهل الجنة منزلة وأسفلهم درجة لَرجلٌ لا يدخل الجنة بعده أحدٌ، يفسح له في بصره مسيرة مائة عام في قصور من ذهب وخيام من لؤلؤ ليس فيها موضع شبر إلا معمورٌ يغدى عليه ويراح بسبعين ألف صحفة من ذهب ليس فيها صحفة إلا فيها لون ليس في الأخرى مثله ،شهوته في آخرها كشهوته في أولها لو نزل به جميع أهل الأرض لوسع عليهم مما أعطي لا ينقص ذلك مما أوتي شيئا "
 ذكر القرطبي رحمه الله أن أبا أمامة رضي الله عنه ذكرأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفس محمد بيده ليأخذن أحدكم اللقمة فيجعلها في فيه ،ثم يخطر على باله طعامٌ آخر فيتحول الطعام الذي في فيه على الذي اشتهى " ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم " وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون " وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن أدنى أهل الجنة منزلة من له لسبع درجات وهو على السادسة وفوقه السابعة وإن له ثلاثمئة خادم، ويغدى عليه ويراح كل يوم بثلاث مئة صحفة - ولا أعلمه إلا قال من ذهب - في كل صحفة لونٌ ليس في الأخرى وإنه ليلذ أوله كما يلذ آخره ومن الأشربة ثلثمائة إناء في كل إناء لون ليس في الآخر وإنه ليلذ أوله كما يلذ آخره، وإنه ليقول يا رب لو أذنت لي لأطعمت أهل الجنة وسقيتهم لم ينقص مما عندي شيء وإن له من الحور العين لاثنين وسبعين زوجة سوى أزواجه من الدنيا وإن الواحدة منهن لتأخذ مقعدها قدر ميل من الأرض " ومن دخل الجنة لم يخرج منها ، لايبغون عنها حولا .
عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لن يدخُلَ الجنَّةَ أحدٌ إلَّا برحمةِ اللهِ ، قالوا : ولا أنت يا رسولَ اللهِ ؟ قال : ولا أنا، إلَّا أن يتغمَّدنيَ اللهُ برحمتِه ، وقال بيدِه فوق رأسِه
رواه المنذري في الترغيب والترهيب ، لكنْ يقال لهم على وجه الفضل والمنّ " وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون " فأعمالهم الصالحة كانت سببا لشمول رحمة الله إياهم ودخولهم الجنة ولعل تفاوت الدرجات بحسب الأعمال الصالحات ، والله أعلم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار، فالكافرُ يرث المؤمنُ منزله من النار والمؤمنُ يرث الكافرُ منزله من الجنة " وذلك قوله تعالى " وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون " .
هذه صورة مشرقة لحالة المؤمنين الأتقياء الذين رضي الله عنهم وأرضاهم فأكرمهم في الدنيا بقوة الإيمان ويرضيهم في الآخرة برضوانه وكركه وجنانه سبحانه
أما المجرمون فهم في عذاب مستمر لا يهدأ ولا يضعف " إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون ، لايُفتّر عنهم وهم فيه مبلسون " سورة الزخرف 74-75 والمبلس من طرد من رحمة الله وحق عليه العذاب الدائم جزاء كفره واجترائه على الله واستكباره عن الحق، وهم الذين ظلموا أنفسهم حين كفروا وسخروا من الدعاة وعذبوهم وقتّلوهم ، فحين يطول عليهم العذاب ويرون الموت غايتهم وفيه انتهاء عذابهم يطلبون من مالك خازن النار أن يسأل ربه سبحانه أن يميتهم ،فإذا بالجواب قاصمة الظهر ودائمة الأحزان " قال : إنكم ما كثون" . ويالشدة فزعهم وطول أحزانهم حين يُزجرون ، كل ذلك العذاب أنهم كرهوا الحقّ وحاربوه وناصبوه العداء، ومكروا بالمؤمنين ودمّروا عليهم وكذّبوا الرسل والدعاة وآذوهم ..
فهل من مُدّكر ؟

إن الله تعالى ينادينا لنكون من عباده الصالحين الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، فهل نحن فاعلون؟ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق