الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2015-05-22

الزوجة في الشعر العربي الحديث – بقلم: الدكتورة زينب بيره جكلي

كان الشعر العربي الحديث ولا يزال صدى لنفس قائله، وترجمانا لما في واقع الحياة،  وقد بدت فيه المرأة عند كثير من شعراء  العصر سامية النفس،رفيعة القدر،  مشاركة في بناء الحضارة الإسلامية المجيدة، وكان حب الزوجة هو الأسمى الذي لاتشوبه شائبة، ولا تشينه علاقة منحرفة . فشريكة الحياة تشعر مع بعلها بالمودة والمحبة، وتشاركه في بناء أسرة على أسس سليمة وقويمة .
    والرجل الواعي يختار شريكة حياته من البيئة التي يحياها، لامن الوسط الأجنبي، لأنه يريد لزوجه أن تكون قرة عين له بطهرها ونقائها، وأن تعيش لأسرتها لا للهوها، وأن تكون رمز التضحية، تحث زوجها على الخير وتغدق عليه من برها وحنانها ما يساعده على مواصلة دربه في حياته، يقول د. عارف الشيخ في مثلها :
أنت سمراء قد اخترتك كوني لي حبيبة
أنت طهر ونقاء أنت عنوان الفضيلـة
أنت دفء وحنان أنت للعاني شفــاء
أنت للشاعر إحساس وللحـادي حـداء

   و لهذا يندد الشاعر د. ماجد عرسان الكيالي بمن يتزوج أجنبية لشقرة شعرها ولقدها المياد، ويبين للمجتمع أن أمثال هذا لن يجني من زواجه إلا التعب والحسرة، وأولاده لن ينشؤوا  على قيمنا، خلافا للمرأة المسلمة التي عاشت لأمتها وأمجادها، يقول في ذلك :
يامن مضى عبر الفضا     ء إلى ديـار الغرب طارا
وغــــــــدوت تصحب زوجة     ماري أو الشقـراء ســــارة
لا شيء يجنـــــــــــي زوجها     إلا الشقــــــــــاوة والخســــــــــارة
أنا بنت إسلامــي الذي   أرسى لنا أسمى حضــــــــــــارة
   وتطالعنا صورة الزوجة في الشعر الحديث واحة يلجأ إليها زوجها كلما هدته متاعب الحياة وأرزاؤها،لتعينه على تخطي الصعاب، يقول د. محمد الناشد في ذلك :
فلكم أتيتك كلما نزفت      مني الجراح فكنت لي عونا
   وهي تنصحه إن حاد عن الطريق ولو بعض الحيدة حتى يستقيم سلوكه، ويحسن فعله، يقول حاكيا ذلك :
               قـوِّم مسيرك بالإرادة أولا     تلقى ضياء الحق قد أبقاها
               وتعود نفسك للمكارم عروة    وثقى هفت للخير في مبناها
    ويعد الشاعر د. مانع سعيد العتيبة رسام الحياة الزوجية ومرشد القرينة إلى طباع الرجل،
فبعض النساء يرين الحياة الزوجية بمنظار الوهم لا الحقيقة، وينسون أن من واجبهن التضحية والعطاء، ولذلك يقوم الشعراء خطواتهن، ويبينون لهن أن الزواج عبادة ومسؤولية  قبل أن يكون همسات ونظرات، يقول العتيبة  للمرأة :
ماهو الحب يا فتاة، أجيبي ؟      نظرات  …تودد همسات ؟
أم هو السهد في العيون مقيم ؟    أم هو الصوم والتقى والصلاة ؟
  كما يبين لها أن الزواج ليس ثوبا تزدهي به، وإنما هو اعتراف بمكانة البعل، الذي يقدم لها ما تشاء بلا حدود، وأن الحب عطاء وتضحيات، وتحقيق لرغبات الزوج حتى يسعد شريكة عمره، يقول في ذلك :
 تظنين الهوى ثوبا ثمينــا       به تزدهين أو تستعرضينا ؟
                  صغيرة إن حبي ليس ثوبا       ولست مفصِّـلا ما تلبسينـا
                  أتمتنـعــــــــــيـن عن بـذل قليل       وبــــذلي فــاق ما تتصورينا؟
   والزوج ينشد من قرينته الراحة والهدوء النفسي، ويريد من صاحبته أن تكون به عطوفا، وأن تتيح له الوقت الكافي ليأخذ قسطا من الراحة في بيت الزوجية، يقول الشاعر نفسه :
مُـــــتعبٌ والصمـــــــت راحة     وأنا أحتــــــــــــــاج راحة
 فاسكتي لو بعض يوم     ودعي عنك الفصاحة
فهــــــبيـــــــنــي صـدر أم      فيه للعطـــــــــــف مساحــة
وقد يتذلل الرجل لزوجته ليكسب مودتها، لكنه لايرضى أن يذل أمامها، أو أن تقيد تصرفاته مهما هددت وتوعدت، يقول الشاعر في محاولة لتوعية الزوجة :
هددتني الريح لكن     لست بالسهل القنوع
لم أعش إلا عزيزا    ترفض النفس خنوعي
    ويقول ساخرا ممن تشتط في دلالها لجمالها :
من أنت حتى تطلبي إذلالــي       وتحركـي بجهالة زلزالـي
  ومن الرجال من لايحتمل العتاب، ويروح يطلب من شريكة عمره أن تتجنب ما يحزنه، وأن تكون ابتسامتها مشرقة، وأن تغفر له أخطاءه لأن عين المحب عن كل عيب كليلة، والحسنات يذهبن السيئات، يقول العتيبة مقدما نفسية الرجال للنساء ليعشن في أمان وسلام :
لا تفتحي أبواب ماض أغلقت     بيديك أنت فخلفـها مأساتـي
هاتي ابتسامتك التي إن أشرقت     غابت همومي واختفت آهاتي
               في الحب تغتفر الخطايا كلـها        فالسيئـــــــات تزول بالحسنــات
   ويذكر العشماوي الزوجة بحق زوجها عليها، ويطلب منها أن تستغفر ربها مما اقترفت في حقه، ويبين لها أنه سيسعى إلى مافيه خير، والموفق هو الله سبحانه، يقول :
إن كنت أذنبت في شأني فلا جزع     ذنب المنيب إلى الرحمن مغفور
            مني اجتهــاد وسعي في مناكبها        ومنـــــــك يارب توفيــــــــــــق وتيسيـر
    وتعاتب الزوجة أحيانا قرينها لتنكره لها بعد أن كان وفيا، وتبين له أن الرابطة الزوجية التي أوثق الله سبحانه عراها تجعل الزوجين يعيشان بروح سامية في ظل المحبة والمودة،  تقول عزة خادم في ذلك
ما لذاك العهد أمست ريحه     تدفع الموج إلى شط المنية
إنمــــــــا الحب كتـاب خـالد       فيه أيــــــام وأشــــــــواق سميــــــــــة
قدست أسماء من قد صانه     بـــــــوثــــــاق وعهــــــــــــــــــود أبديـة
   وقد تحتدم الخلافات الزوجية فيحاول الرجل أن يوقف الحياة ولو إلى حين لئلا تنفصم عروتها، وذلك ليتدبر كل منهما أمره، وليكون قراره مبنيا على أسس سليمة لا على ساعة طيش وغضب، يقول الشاعر :
لنجمد الخــــطـــــــوات حتى ينجلي     هذا الضبــــــاب فلا أريد مزيـدا
أخشى إذا أقبلت نحوك عاصفا     بضباب صدك أن أصير بعيدا
              أما الصـدود فلن يــــزيدك فتـــنـــــــة       بل قــــــد يـــــزيد طـــــريقنـــــا تعقيــدا
     ويفترق الزوجان أحيانا ولكن الرجل يحس بعد فراقها بوحشة البيت، إذغدا صحراء لاحس فيها ولا أنيس، وأطفئت منه جذوة السعادة، إنه يتذكرها في كل جلسة على المقعد، وفي كل خطوة في فناء الدار، ويروح يرجو المولى أن يجعل اللقاء بينهما خاتمة أمرهما:
 شقي أنا بعـــــــــد الحبيب ومنزلـي        يضيـــــــــق بحزنـي بعد أن كان وافيـا
هنا كانت الخطوات تنشر عطرها      وما زال هذا العطر في القلب ساريا
           أصلي وأدعو الله في كل لحظـة       بجعـــــــل ختـــــــــــــــــام البعـــــــد فينا التلاقيــا
    فإذا ما عادت شريكة العمر إلى عش الزوجية طلب منها السماح على ما جناه في حقها :
                   حبيبي إليك أسلم أمري    وأطلب منك الرضا والسماح
    و عادت إليه بسمته، ونسي ما كان بينهما :
عادت البسمة للثغر كأنه    لم يكن بالأمس يشكو حر أنة
    ولكنه مع ذلك ينصحها أن تعيش مع الواقع لا مع الخيال، فالحياة أخذ ورد، والمرأة التي تراعي مشاعر زوجها لا تعيب عليه أمرا،وإلا فالنهاية لن تكون مرضية :
لي كلمة سأقولهــا ببساطة     لن أستعيــــــــــر فصاحـة الخطباء
إن لم تجمعنا الحقيقة فالهوى     وهم، وليس الوهم من أهوائي
أتحبني وترى بأني مخطـئ     عين المحــــــــــبـة لاترى أخطائي
أنا مخطئ أم كان بي داء فلم     تصف الدواء لكي يتم شفائي
    هذا بعض ما صوره شعراؤنا في العصر الحديث من واقع الحياة الزوجية، وذلك ليبصروا المرأة بالحياة الزوجية لئلا تعيش مع الوهم فتكون النتيجة غير حميدة، وتنتهي إلى مانراه اليوم من مآس عصيبة .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق