الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2015-05-30

دموع المجتمع الدولي الزائفة – بقلم: محمد فاروق الإمام

دعت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) إيرينا بوكوفا، إلى إنهاء ما وصفتها بـ"الأعمال العدائية" في مدينة تدمر، معتبرة أن القتال هناك يشكل خطراً على أحد أهم المواقع الأثرية في الشرق الأوسط وعلى سكانها المدنيين. وطالبت بحماية التراث الثقافي الفريد في تدمر" بحسب قولها.
ومن ناحيته، أعرب الأزهر عن "بالغ قلقه" من سيطرة تنظيم الدولة على مدينة تدمر الأثرية، وطالب في بيان المجتمع الدولي بسرعة التحرك والقيام بدوره للحيلولة دون قيام عناصر تنظيم الدولة "بطمس المعالم الحضارية والأثرية بالمدينة".

لا أعرف من أين ابدأ التعليق على هذه الدعوات التي تثير الاشمئزاز والقرف من هذا المجتمع المنافق الذي بات عنده الحجر أهم من الإنسان، مع الاعتزاز بكل ما يربطني بتاريخي الذي يمتد لأكثر من عشرة آلاف سنة، فإنني استغرب دعوة إيرينا بحماية التراث الثقافي في تدمر، ولم يخطر ببالها أن تذكر الآلاف من نزلاء سجن تدمر الرهيب، وما فعل بهم النظام على مدار خمس وثلاثين سنة، وما يمكن أن يكون قد ختم حياتهم بالتصفية الجسدية، كما يفعل عند فراره من كل موقع كان يدنس ترابه، فيقتل أسراه وسجنائه ومعتقليه بدم بارد، أم أنه حشرهم في حاويتاه ونقلهم إلى أماكن مجهولة، ليكونوا ورقة بيده يحقق من ورائها مكاسب في أي مفاوضات يمنّي نفسه بحدوثها.
حتى مشيخة الأزهر أبدت قلقها من سيطرة تنظيم الدولة على مدينة تدمر الأثرية، وطالبت المجتمع الدولي بسرعة التحرك للحؤول دون تدمير هذه الآثار والمعالم.
هذه المشيخة لم تستذكر لمرة واحدة في تاريخها سجن تدمر الرعيب، الذي وقعت فيه أكبر مجزرة عام 1980، عندما أجهزت عصابات سرايا الدفاع الأسدية على أكثر من ألف من نزلائه من العلماء والمفكرين والضباط والأطباء والمهندسين والجامعيين ونخب المجتمع السوري، ولم تستذكر هذه المشيخة المحاكم الاستثنائية التي كانت تحكم على العشرات والمئات يومياً بالإعدام، وتسفك دمهم على مدار الثلاثين سنة التي حكم فيها حافظ الأسد البلاد.
تباً لهذا المجتمع الدولي الذي يتباكى على أحجار تدمر ولم يحرك ساكناً لوقف شلالات الدماء التي تتدفق من أجساد أبناء بلدي على يد نمرود الشام، ولم يحرك ساكناً لوقف هجرة ونزوح الملايين من أبناء بلدي هرباً من براميل وصواريخ وقذائف الموت التي يصبها هذا النمرود الباغي على رؤوسهم منذ أربع سنوات!!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق