الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2015-05-06

في رثاء الشيخ رشدي مفتي - رحمه الله_ (بحر من العلم أم بحر مـــن الأدب) بقلم: محمد جميل جانودي

لم يتسنَّ لي أن ألتقيَه، كثيرًا، لكنني أنست بالجلوس إليه مرة أو مرتين على ما أذكر، كان ذلك بعد حدثني عنه، وعن مناقبه العم الكريم، والد زوجتي، عز الدين حاج يوسف، فأثار حديثه في قلبي لهفة وشوقًا إلى التعرف إليه، ولقائه، وهذا ما كان فقد رتب العم عز الدين موعدًا معه، وزرناه في بيته، في مدينة اللاذقية، المجاهدة الصابرة، ورحم الله العم عز الدين فقد كان صادقًا في كل كلمة قالها عنه، عن حماسه المنضبط، وعلمه الغزير، ورؤيته الثاقبة، وشجاعته المتزنة، وبعد نظره، وسداد قوله ورأيه،... والتقيته مرة أخرى على ما أذكر... وكم سمعت من شيخنا الكريم الشيخ عبد الباقي شريقي، ثناءً عليه، وتعدادًا لخصاله الطيبة، والأمر نفسه من كثيرين...
إنه الشيخ رشدي المفتي، معلم الأجيال، ومربي الرجال... الذي لقي وجه ربه مهاجرًا في سبيله، يوم الجمعة، الثاني عشر من رجب لعام ستة وثلاثين وأربعمئة وألف للهجرة النبوية الموافق للأول من أيار لعام خمسة عشر بعد الألفين من التقويم الميلادي... رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وأجزل عليه بالأجر والمثوبة.


بحر من العلم أم بحر مـــن الأدب****كلاهما جُمِعـا في فارسٍ عـــربي
في فارسٍ عُـــرفَتْ بالجُـود راحتُه****كانت مواقـــفه في منتهى العجبِ
لم يخــش في الله أن يلْـــــقى منيّته****آثـــاره حُفِـــظتْ في أنفسِ الكُتبِ
وقـــــاوم الــبغْــــي لم يأبَهْ لـه أبدًا****كم كان يصفعــه في أبلغ الخطبِ
ســـــلْ درة البحــر عما كان يفعله****في ساحةِ العلمِ أو في روضة الأدب
للــه درّكَ يا رُشْـــــديُّ مِـــنْ عَــلَمٍ****من آلِ مفتي ذوي الأفضالِ والحسبِ
هاجــرتَ للــه أو فـي اللـه مُحتسبًا****ما رمتَ في ذاك جمعَ المالِ والذهبِ
ما كنــــتَ فــي بــلَدٍ إلا وكنتَ لــهُ****ربــانَ تنـــقـذه في عـــالَمٍ لَجِـــبِ
لمّا ألمّـــتْ بأهــل الشــام نــــــازلةٌ****في ظـلّ طاغيةٍ مُسْـتَقْـذَرِ النّسبِ
رصــدتَ فعـلهمُ فـي كل ناقــصةٍ****من نشر فاحشةٍ في العجم والعربِ
آثرت سِجْـــنهم في قعْـــــر مظلمةٍ****عن أن تذلّ لهم في مرتع خصِبِ
فضحتَ سوأتَـــهم وخُـــبْث نيتـــهم****في أنهم تبـــــعٌ لكلّ مُغتـصِــــبِ
قـــاومتَ جهلهـــمُ بالعِــــلم تكْــنسُهُ****فاستنْفروا جنْدهم بالزور والكذبِ
بددتَ ظُلمتهـــم بالنّــــور فاحترقوا****وأرسلوا شؤمهــم حمالة الحطبِ
شمطاء قد نفـثت من حقدها حممًا****في نفسها زُرعت من غابر الحقب
قـابلْتهــا واثقــًا مـــــن أنها دجــلٌ****ليست سوى دمية في عالَمِ اللُّعــبِ
رُشــديُ أنتَ الذي أسستَ مدرسةً****فخــرّجـــتْ قمـمـًا وأكـرمَ النّجُـبِ
كانتْ مطيتـــك الصّعـــاب تركبها****ذلّــلتها فمضت تمشي بلا صخـبِ
نــاداك ربّـك في أيــــام مــكْـرمـةٍ****للشام إذ نُصِرت بالّرعبِ والرّهبِ
فجئتـه طائعًا، بالخــيـــر متشحـــًا****تــرجــوه منــزلةً في أرفع الرّتبِ

محمد جميل جانودي

هناك تعليق واحد:

  1. لا فض فوك، جزاك الله خيرا على مشاعركم الفياضة، وأحاسيسكم المرهفة، وكلماتكم الرائعة التي تمس شغاف القلوب، حلقت بنا في فضاءات وسيعة رحيبة من حياة شيخنا قبل أن يكون والدنا، بارك الله بكم، وجعلها شهادة حق تلقون بها الله عز وجل.

    ردحذف