لم يكن من قتلوا تحت التعذيب وبطرق
سادية على ايدي بيت الأسد - ومن جُيشوا طائفياً من العلويين بالذات _- من كانوا يُديرون
حفلات الموت والإعدام السادي في سجن تدمر بالعشرات أو المئات بل بالآلاف في حفلات كانت
تقام على المعتقلين أشبه ماتكون بحسينيات القمامات في قم، كان يتخللها شرب وسكر وعربدة
وقتل على المزاج،
وبالتالي لايجوز أن يُنظر الى هذا السجن بمنعزل عن كافة ممارسات هذا
النظام في كل الفروع والأقبية، ولكن في تدمر أعلاها وأشنعها، وهو مايجب البحث فيه جنائياً
ونفسياً، والغوص في أعماق هذه الحثالات الشبيهة بالبشر في الشكل بينما المضمون كائنات
لا كالكائنات، ومخلوقات لا كالمخلوقات، وبشر لا كالبشر، ليس لأنهم جاؤوا من عالم التوحش
والبيئة القذرة التي تربوا عليها، بل نحن من نظفناهم ورعيناهم وآويناهم من جوع لينقلبوا
علينا بكل هذا الحقد والكره تماماً كما فعل حزب الشيطان اللبناني انتساباً، الإيراني
روحاً، وتبعية على من آووهم من أهل حمص والغوطة وباقي الأجزاء السورية التي انقلبوا
عليها ليقفوا الى جانب القاتل، ليعضوا اليد التي امتدت اليهم بلا سبب، سوى ليُثبتوا
أنهم لم يكونوا اكثر من قاذورات ونتانات لم تكن تستحق إلا السحق، فكان يؤتى بالسجين
ليس لسبب كما ذكر وزير دفاع الأسدين القذرين مصطفى طلاس في مذكراته متفاخراً، انه كان
يعدم مابين المئتين الى الثلاثمائة معتقل اسبوعياً على مدار عشر سنوات الثمانينيات،
أي مايقارب العشرين ألف انسان من خيرة أبناء سورية من مهندسين وعلماء وأطباء ومعلمين
ونقابيين وغيره، يؤتى بهم من جميع المدن السورية، فيُتشفّى فيهم من أُناس نزعت الانسانية
من قلوبهم، عدا عن الحادثة الشهيرة التي أعدم فيها مايزيد عن ال 1200 معتقل وهم مُقيدون
بالسلاسل رمياً بالرصاص وقذفاً بالقنابل وإجهاداً على من تبقّى فيه روح إثر محاولة
اغتيال المجرم الطاغوت حافظ الأسد، ومن ثمّ التمثيل بالجثث ورميها للكلاب، وحرق ماتبقى،
وهذا ماكان عليه شان الكثير ممن قتلوا إجراماً وسادية وتصلية وعلواً وغروراً لأنه لم
يكن عليهم حسيب ولا رقيب، ولم يخطر على بال المنظمات الدولية ارسال بعثات للتأكد مما
كنّا نذكره، بل تلك المنظمات والدول الكبرى ومجلس الأمن من كانوا الغطاء لكل مايدور،
وقد أسلمونا إليهم ليفعلوا ماشاؤوا، كان ذلك بعيداً عن الأضواء والإعلام وبتعمية متعمدة
مما سُمّي بالمجتمع الدولي، ووثائق موجودة إلى الآن لم يكشفوا النقاب عنها، عدا عن
تصاوير الأقمار الصناعية لمذبحة حماة مأساة العصر آنذاك وغيرها من المذابح، وهم في
ثورتنا المباركة هذه يغطون المجرم بشار الخامنئي وعصاباته مع الطائفيين معه في وضح
النهار، فلم يصدر قرار واحد بإدانة حزب الشيطان بدخوله لسورية أو القوى الطائفية العراقية
والإيرانية وغيرهم على مذابحهم ومجازرهم التي ارتكبوها مع جزار سورية بشار، ولم نسمع
عن المجازر اليومية التي يرتكبها هؤلاء وقد صُنفت جميعا بمجازر حرب إبادة ضد الانسانية،
وهم لازالوا مستمرون في نهجهم غير مبالين بقوانين هم وضعوها، ليبقى خيار شعبنا الموت
ولا المذلة، ومالنا غيرك ياالله، ومستمرون حتى النصر بإذن الله
لتكون مناسبة تحرر سجن تدمر لاستعادة
الذكرى لما كان يجري في هذا السجن الرهيب الوحشي، الذي كانت تجري فيه حفلات التعذيب
اليومية على مدار السنين الطويلة التي قطُفت فيها أرواح أخيار سورية وممن أعرفهم ولازموني
ولازمتهم طويلاً، وكان علينا لزاماً أن نؤرخ لكل تلك الأحداث وأهوالها ونكشفها للعالم
أجمع، وقد قُتل فيها من القريبين أعزّ من أحببت وصادقت وآخيت ومن عرفت البشرية من الطهر
والنقاء، بل كان معظم من قضوا هناك ملائكة تمشي على الأرض، لتذكرني هذه المناسبة بزيارتي
لرابطة سجناء تدمر في حلب منذ سنتين، حيث التقيت بالعديد من هؤلاء الأحرار ممن كانوا
يحسبوني عليهم لولا أن أنجاني الله، وحدثوني عن فظائع كانت تُرتكب بحقهم، مما سندعه
لهم بالحديث عنه، ومنها اطعامهم للقاذورات، والتغوط فوق الطعام وإجبارهم على الأكل،
والتبول عليهم من الأعلى، وحفلات الحلاقة لمئتي سجين خلال عشر دقائق تؤدي الى نزفهم
للدماء من وجوههم ورؤوسهم، وما يؤديه رُسل الرحمة الأطباء فيهم عند المرض من أفانين
التنكيل كي يموت الشخص ولايطلب إسعافاً، الى الفدائيين الذين يذهبون لإحضار الطعام
وما يُلاقونه من الضرب بالكابلات والعصي مع محافظتهم على سلامة مايستطيعون من الطعام
غير الكافي أساساً، عدا عن حفلات التعذيب الجماعية اليومية والفردية بالكابلات والعصي
والكهرباء والدولاب والتعليق والتشبيح وغيره في ساحات وباحات السجن ومهاجعه وممراته
وحتى حماماته، وفي كل زاوية يجلسون فيها أو يتنقلون عليها وبدم بارد، عدا عن الإعدامات
اليومية للسجناء ممن يؤتى بهم من المحافظات بشكل مُستمر، وبالتالي كان من الواجب الحفاظ
على أبنية السجن وجدرانه لرواية ماكان يجري في هذا السجن السحيق لتوثيق كل تلك الجرائم
لمحاسبة آل الأسد المجرمين والجلادين وليس تدميره على يد هؤلاء الأغبياء الداعشيون
الذين محوا أثراً من أهم المعالم الدّالة على وحشية هؤلاء الزنادقة الفجرة النازيون
البرابرة القرامطة أعداء الله والإنسانية، الذين قامت عليهم أعظم ثورة، ليعلم العالم
حقيقة ماكان يجري في سورية وسجونها، ولما كانت الثورة التي بُذلت فيها كل تلك الدماء
والتضحيات، ولما كان كل هذا التهديم والترويع الدال على طبيعة العصابة التي كانت تحكم
سورية، والتي لم تكن إلا سجناً كبيراً ثار الشعب عليهم، كل الشعب ولن يعود إلا بالنصر
بإذن الله
وهنا تحضرني قصة طريفة أغرب من الخيال،
إذ جاء أحد ممن نجوا في سجن تدمر أثناء زيارتي لمقرهم في حلب " رابطة سجن تدمر
" وسلم علي وعانقي وسألني هلا عرفتني قلت : لا، فذكر اسمه ولم أعرفه، ثم أخرج
صورة من جيبه وألقاها إلي وقال ألم تذكرني قلت نعم أذكرك بهذه الصورة التي كان عمره
فيها عند اعتقاله وأخذه لتدمر 13 عام، وأمثاله الكثير الكثير من هذه الأعمار، وما الطفل
حمزة الخطيب ورفاقه الأصغر منه عنّا ببعيد، ومافعلوه بهم وبأجسادهم الغضّة والطرية،
إنه قد رجع بي الى الوراء 35 عام، هو لم يكن من جيلي بل كنت أكبره بأربع سنوات، وهو
تلميذ عند صديقي المهندس الشاب المخترع الرباني العالم الزاهد وليد طحان رحمه الله
تعالى ممن أعدموا في سجن تدمر، ولذلك لم أكن أتذكر اسمه، ولكن صورته مطبوعة في خيالي
حيث كان من حمائم المسجد، فذكّرني بأعز أحبابي ممن أعدمهم المجرم رفعت الأسد عام
1980 إثر محاولة اغتيال السفاح حافظ الأسد في دمشق، ولازلت أذكر أسماءهم ومنهم الأقرب
الى القلب معاذ صديق يحيى شقيق الروح مع خليل محمد الذي تفيض روحه براءة، وبهاء أسود
لاعب الكاراتيه الذي كان يُسعفنا وقت الضرورة، وعبد القادر ميزنازي الذي كنا نذهب لحديقتهم
ونسبح شهريا، وعبد الحكيم ربيع، وعبد المنعم كمال وأستاذنا معين الراوي الذي أخرج من
السجن وهو شبه ميت وغيرهم، فهلموا جميعاً لنستذكر أحبتنا في هذه المناسبة، ولنجعل لعنتنا
على الظالمين، إنه يمهل ولايهمل، لنسأله ان يُكرمنا بقتلهم فرداً فرداً ولايغادر منهم
أحداً إن شاء الله، وان يُبلغنا مصارعهم بأشنع وسائل القتل، لأن الجزاء من جنس العمل
مؤمن محمد نديم كويفاتيه mnq62@hotmail.com، كاتب وباحث - سياسي وإعلامي سوري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق