الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2014-07-02

داعش ... وإعلان الخلافة - م. محمد فقيه

أعلن المتحدث باسم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المدعو أبو محمد العدناني إلى إعلان قيام دولة الخلافة الإسلامية ورقعتها بين حلب والموصل  وسماها دولة الإسلام لتصبح خلافة إسلامية مفتوحة وقابلة للتوسع على جميع بلدان العالم الإسلامي بعد إزالة الحدود وكسر وثن وصنم الوطنية وذلك في يوم الأحد الأول من رمضان 1435 هجرية الموافق 29/ 6/ 2014 وبايع  خليفة لها أمير داعش الملقب بأبي بكر البغدادي .


لن نقف أمام بعض العبارات كالوطنية ووثنها .... فهناك ما هو أهم لنقاشه ألا وهو إعلان الخلافة ومبايعة البغدادي لها .
وأما قيام دولة خلافة إسلامية على نهج النبوة فهذا مطلب وغاية كل مسلم صادق مخلص بعموم الأمر، مع تحقيق الشروط اللازمة لقيامها في المكان والزمان المناسبين .
وأما إذا اعتبرنا ذلك الذي دعت إليه داعش هو دار خلافة وليس مجرد إمارة إسلامية أو دولة  فلنتحقق من ذلك أولاً مما ورد في سنتنا وكتب علمائنا وفقهائنا عن الخلافة العامة الراشدة  وخليفة المسلمين بعد الملك العضوض والحكم الجبري الذي نعيشه اليوم في أغلب حكومات الدول المسلمة .
أما إذا كان المقصود بخلافة أبي بكر البغدادي بأنها خلافة راشدة على منهاج النبوة ولجميع المسلمين ... فهذا أمر قد بين العلماء خطأه وبعده عن نهج الصواب والشرع قبل البغدادي وخلافته المزعومة بمئات السنين لأنها تناقض ذلك في نقاط عديدة ذكر العلماء أربعة عشر بنداً في ذلك يجب أن تتوفر جميعها معاً في الخليفة المنتظر للطائفة المنصورة .... وسنقف عند بندين منها فقط :

 
1 ــ الخلافة الراشدة لا يبقى فيها المسجد الأقصى تحت إمرة غير المسلمين لأنه أصبح من أرض الإسلام منذ الفتح العمري ولا يكون هناك دولة ليهود على أرض المسلمين فلا رشد مع سقوط أرض الإسلام  ولا يتحقق ذلك إلا في خلافة المهدي الذي ينطق له ولجنده الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله ورائي يهودي فأقتله ويصلي خلفه المسيح الحبيب عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام .


2 - الخلافة الراشدة لا تكون إلا لمن يخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاءه الراشدين الأربع على أمر المسلمين ، ولا يتحقق ذلك إلا بالعمل بعملهم وإكمال مسيرتهم فلا يكون الخليفة الراشد راشداً حتى يُهدى بهدى من عند الله ، فيكون بذلك في مرتبة الصحابة الراشدين المبشرين بالجنة وإن كان هو غير مبشرًا بالجنة ، ولذلك لا تكون الخلافة الراشدة في نهاية الزمان بعد انتهاء زمان الحكم الجبري إلا للمهدي المبشر بهداه من الله مثلما بُشر الخلفاء الراشدون المهديين الأربع من قبله ، والذي دلّ عليهم تفرّدهم بزمان الخلافة الراشدة الثلاثين عاماً واستيعابه لفترة حكمهم وخلافتهم , فلا راشد بعدهم إلّا من بشر مثلهم بالهدى من الله على سبيل التعيين ، ولا معين بالهدى في آخر الزمان إلّا المهدي ، الذي هو من عترة الرسول صلى الله عليه وسلم .  

وبالطبع لن نقف كثيرا عند مناقشة ماورد أعلاه لنعلم أن شروط الخلافة الراشدة لا تتحقق بهذه الخلافة المعلنة ولا بخليفتها المزعوم وما ورد عن صفاته في سنتنا المشرفة بأنه رجل من المدينة المنورة من بيت النبوة ( حسنياً وليس حسينياً ) اسمه محمد بن عبدالله يهاجر الى مكة فيبايعه المسلمون بين الركن والمقام .

وأما إذاكانت إمارة إسلامية على طريق دولة الخلافة الراشدة وإرهاصات لها  ، فإننا سنقف عند داعش ونهجها في المناطق التي بسطت سيطرتها عليها لنرى مطابقتها لشرع الله ونهج رسوله .
  كانت تصرفات داعش بعيدة عن هدي الإسلام وأخلاقه ومعاملاته وحدوده ، تكفر المجاهدين وتستبيح دماءهم ، وقد  قدمت نموذجاً منفراً عن الإسلام في المناطق التي بسطت نفوذها عليها ... في نفس الوقت هادنت الطغاة وأعداء المسلمين فلم تهاجمهم وكرّست عملها للسيطرة على المناطق التي حرّرها وسيطر عليها المجاهدون ، وقاموا بأعمال من التمثيل وقطع الرؤوس وحنث الوعود  ونقض العهود والغدر وتفجير السيارات المفخخة وسط المجاهدين ، لا بل وسط النساء والأطفال وكل ذلك موثق ومثبت .
كما أنهم رفضوا التحاكم الى كتاب الله وشرعه القويم وأبو إلّا أن يستمروا في نهجهم الدموي والإجرامي ضد المجاهدين خدمة مجانية للطاغوت وأعوانه ، ولم  يستجيبوا لنداءات العلماء العاملين والحريصين على مصلحة المسلمين ، بل إن بعضهم كان لهم منظراً ومفكراً وصاحباً وصديقاً ، فلما خالف هواهم  شنّوا عليه حملاتهم الجاهلية الهوجاء ، وأثبتوا للجميع أنّهم في أحسن أحوالهم :
فئة باغية يجب محاربتها لإيقافها عن بغيها وعودتها إلى الحق .
يقول تعالى : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين . ) الحجرات – 9  
كل هذه الأعمال وغيرها التي نهى الإسلام عنها لا يمكن أن تصدر من جماعة إسلامية فضلاً أن تدعو إلى دولة إسلامية وخلافة ، وتجبر الناس على بيعتها ومن أبى يكفر ويستباح دمه ... ولو بايعها مجرم سابق فرّ من العدالة ، أو لص متسلق ليغنم من ورائها ، أو منافق ليصل إلى مآربه لاستقبلوه في صفوفهم وأكرموا وفادته وجعلوا منه أميراً !!! .
وإن كانت إمارة إسلامية تسير على هدي الاسلام ونهجه القويم حقيقة ، مع عدم توفر هذا الأمر في داعش فلا يجوز لها أن تكفر المسلمين إذا تخلفوا عن بيعتها ناهيك عن استباحة دمائهم وهذه جريمة أخرى أكبر وهذا نهج الخوارج وديدن الجاهلين .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (  
لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً )
وهو حديث عن ابن عمر صحيح على شروط الشيخين .
ومن شروط إقامة الدولة أن يتوفر فيها على الأقل :
الخليفة المسلم  العادل ، وكوادر للنهوض بها وكفاءات لتشغل مرافقها ، وأن يكون لها التمكين في الرقعة التي تسيطر عليها وحماية أهلها من خطر الأعداء .
فالخليفة العادل الذي بايعوه رجل مجهول بالنسبة للمسلمين لم يخرج يوماً على المسلمين ويعلن عن شخصيته الحقيقية ، فهل يجوز للمسلمين مبايعة مجهول ملثم ؟ هل هي بيعة أم حفلة تنكرية في محفل ماسوني ؟؟؟!!! .
وأما الكفاءات والإمكانيات والكوادر فلم يستطيعوا خلال أشهر في المناطق التي احتلوها من الجيش الحر والكتائب الإسلامية التي بسطوا سيطرتهم عليها ، بتسيير أمر واحد في مجال الصحة أو التعليم أو الماء أو الكهربا أو الاتصالات أو المواصلات أو ..... غيرها فضلاً عن تنظيف الشوارع من القمامة التي عجزوا عن إزالتها في أبسط القرى والمدن الصغيرة ، حتى كان البعض يتهكم على أميرهم ويقول أبا قمامة بدلاَ من أبي أسامة ، بعد أن غزت القمامة شوارع البلدة ولم يستطع إزالتها بعد شهور من الوعود ! .
وأما حماية دولتهم المزعومة من الأعداء والخطر الخارجي .... أمام التحدي الأمريكي وقوته وتكنولوجيته ... والفرس ...وإسرائيل ... وغيرهم ، فما هو إلا ضرب من الخيال وضحك على الذات ... ومنتهى المهازل .
وما حصل في أفغانستان والعراق عبرة لمن كان له عقل .
وحتى لا يساء فهم ما أرمي إليه من المتعجلين ، لست في هذا أدعو إلى الاستسلام أمام جبروت قوات العدوالغاشم  ... بل الجهاد مستمر إلى يوم القيامة لكن ما أعنيه قيام دولة وإعلان خلافة يقتضي قوة ومنعة تصون أهلها وتحمي حدودها.  
في الوقت نفسه كان رجال داعش حريصون على تطبيق الحدود الجائرة في أيام الحرب ، وإصدار المراسيم الأميرية المبتدعة ، وتطبيق تعزيرات أشد من الحدود لتهم لم يعاقب عليها الشرع خلال مسيرة المسلمين ، من اليوم الذي أسس فيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم دولته في المدينة إلى أن هدمت الخلافة الإسلامية في استنبول   1924
                     
لو كان دعاة هذه الخلافة صادقين حقاً ، لبايعهم المسلمون في سورية والعراق وغيرها وساروا معهم إلى الموت يتحدون العالم أجمع .
لكن من يقنع كتائب المجاهدين الصادقين المخلصين الذين حرروا الجزء الأكبر من سورية وقدموا آلاف الشهداء ...الأحرار والنصرة وفيلق الشام وجيش المجاهدين والزنكيين والتوحيد والدروع والصقور والفاروق وجيش الإسلام وأجناد الشام ...................و غيرهم الكثير، وقد ذاقوا جميعاً الويلات ، من غدرهم وعبواتهم الناسفة وتنسيقهم مع النظام لتسليمه مناطق بعد الانسحاب منها ... التي احتلوها قبل ذلك من الجيش الحر .
من يصدقهم من الشعب السوري والعراقي المسلم بعد تكفيره وقد ذاقوا منه الويلات ، وبعد أن قدّموا للناس إسلاماً قزماً مشوهاً منفراً لا يجيد غير القتل وقطع الرؤوس والظلم ونهب البيوت وسرقة السلاح من الكتائب والمجاهدين ... وإصدار الأحكام الظالمة الجائرة باسم الإسلام ! .
لو أنهم دعوا لصلح مع تلك الكتائب والألوية والجبهات بصدق .... ربما صدقناهم .
لو أنهم اتجهوا الى نقاط التماس مع عصابات بشار وشبيحته وحرروا مناطق جديدة وخاضوا معارك ضد الطاغوت وأعوانه ... ربما نتغاضى عن الماضي ونقول صفحة جديدة ! .
لوأنهم هاجموا الفرقة 17 التي تقبع فيها عصابات النظام المجرم في الرقة وهم يعيشون إلى جانبهم بهناءة وأمان منذ احتلوا الرقة ! .
لو أنهم نسقوا مع الجيش الحر والكتائب الإسلامية لخوض معركة ضد عصابات النظام وشبيحته لطردهم من المناطق التي يسيطرون عليها ، بدلاً من أن ينسحبوا من عدة نقاط وقرى في ريف حلب ليسلموها للشبيحة الأسدية وميليشيات حالش والباسيج وعصابات البطاط ! .
لو أنهم لم يهاجموا المجاهدين الذين يجاهدون ضد ظلم الطاغوت وعصاباته التشبيحية في البوكمال ويستميتوا في قتالهم ... والعدوالمجرم بعصاباته وشبيحته قريباً منهم في دير الزور ... ولم يحركوا ساكناً ضد العدو .... وقد استشرسوا واستماتوا ضد الثوار والمجاهدين ليحتلوا مدينة البوكمال ويطردوا منها المجاهدين !!! .
بعد هذا ... وغيره الكثير الكثير ... هل تجدون مصدقين لكم بين عامة المسلمين ... والثوار والمجاهدين .... والناشطين والإعلاميين الذين كانوا هدفكم المفضل وصيدكم الثمين !!! .

هذا ما يتابعه جميع الناس من المهتمين .... وأما ما خفي ولا يعلمه إلّا البعض ...
فهو أشد وأقسى ..... وأمرّ وأنكى ! .
الخلاصة :
إنها مؤمرة جديدة ... تصدرها وتسوّقها قيادتهم الخفية بأجندتها المشبوهة ...
وقودها : عناصر الدولة المخلصين المغفلين ....
ويدفع ثمنها : أمة المسلمين عامة وفي المنطقة خاصة .
لتقديم مسوغ على طبق من ذهب  للغرب والروس وإسرائيل وإيران وملحقاتها  بشار والمالكي ... وبعض حكام العربان الذين لا يحفظون بعد تعليمات الأسياد : ( إلا سمعنا وأطعنا )  لضرب المسلمين السنة في المنطقة كاملاً ....
إنها الحلقة الثانية في الحرب على الإسلام من المسلسل  الجديد  ( 11 سبتمبر  2001 ) .

م. محمد فقيه
الأثنين : الثاني من رمضان 1435...

الموافق 30 / حزيران / 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق