على
ضوء رفض النظام الأسدي مقررات جامعة الدول العربية، ذكرني هذا الموقف بأنني كتبت
منذ مدة هذه المقالات التي أراها اليوم لازمة ومناسبة:
من
المؤلم أن يردد كثير من العرب المخدوعين بالنظام الأسدي، وبعضهم من الإسلاميين،
يرددون أنه نظام مقاومة وممانعة ضد الصهاينة، وهؤلاء لايرون سوى مايقوله إعلام
النظام الأسدي الذي يكذب ويموه ويجعل (التقية) دينه وديدنه، أما الحقيقة فهي
وقوف حافظ الأسد ثم ابنه بشار ضد العرب في مواقف صارخة كثيرة وهذه بعضها:
وقف
حافظ الأسد علناً جهاراً نهاراً مع فرس إيران ضد الشعب العربي العراقي وقد انتشرت
النكتة التي شاعت في سوريا وصارت مثلاً [غمز على اليسار واذهب على اليمين]
صارت حقيقة، تبين باطنية الأسد في السياسة السورية ، فهو نظام بعثي عربي قومي، وفي
العراق نظام بعثي قومي عربي، والمفروض يتحد هذان النظامان البعثييان، أما أن يقف
نظام الأسـد البعثي مع إيران (الفرس) ضـد نظام البعث العراقي، فهذه لا تفهم إلا
على مبدأ [غمز على اليسار واذهب على اليمين]([1]).
انفجرت
الحرب العراقية الإيرانية أواخر عام (1980م )، والعداء مستعر بين النظام البعثي
السوري والنظام البعثي العراقي، ولم يخطر في ذهن عربي يومذاك أن سوريا البعثية
القومية العربية العلمانية ؛ ستقف إلى جانب إيران الفرس ( الثورة الإسلامية ) ضد
عراق العرب البعثي القومي العلماني، ووقفت جميع الدول العربية إلى جانب العراق،
وفتحت دول الخليج العربي خزائن أموالها للعراق، وقدمت أموالاً طائلة لـه لأنها
اعتبرته يدافع عن البـوابة الشرقية للعالم العربي، انه يقف في وجـه الخميني الذي
نادى صراحة وعلناُ بتصدير الثورة الإيرانية.
إذن
كان العراق يعلن ويكرر أنه يحمي بوابة العرب الشرقية، وكانت إيران تطمح إلى مد
الثورة الشيعية إلى العراق، ونصفه من الشيعة، وفيه حزب شيعي قوي هو حزب الدعوة،
وإقامة تحالف مع نظام الأقليـة في سوريا، ومساعدة الشيعة في لبنان على استلام
الحكم، وهكذا تطوق إيران دول الخليج العربي عامة، والسعودية خاصة، عدوها اللدود
الأول، وبلد الحرمين الشريفين، قبلة المسلمين في العالم، وقدم النظام السـوري
لإيران التسهيلات التالية:
1 -منعت
العراق من تصدير نفطه عن طريق خط الأنابيب المار في سوريا، وحرمت الشعب السوري من
(650 ) مليون دولار سنوياً كانت تعود على سوريا من خط النفط العراقي. ومازال
موقفاً حتى سنوات طويلة [ أعتقد حتى وفاة حافظ الأسـد أو قبلها بقليل]، وكانت هذه
الخطوة أول رصاصة في قلب الاقتصاد السوري، وضربة كبيرة للاقتصاد العراقي البعثي،
حيث بدأ انهيار الليرة السورية بعد ذلك بعام واحد.
2 - سمحت
للطائرات الإيرانية بالهبوط في المطارات السورية في البادية السورية، كي تتزود
بالوقود، لتعود إلى قصف العراق الشقيق في طريق عودتها إلى إيران.
وهكذا
تتزود الطائرات الإيرانية بالوقود والصواريخ من إيران فتقصف العراق الشقيق البعثي،
وتهبط في المطارات السورية على حدود العراق كي تتزود ثانية ثم تقصف العراق في طريق
عودتها إلى إيـران.
3-
اشترت سوريا النفط الإيراني المنقول بالناقلات محاولة لتعويض حصتها من النفط
العراقي. وتشجيعاً للاقتصاد الإيراني إبان الحرب.
4 - استوردت الأسلحة من دول
غربية على اسمها لصالح إيران، عندما تظاهرت الدول الغربية أنها فرضت حظراً على
مبيعات السلاح لإيران.بتحريض من السوفيات أنفسهم ([2]).
5- أرسلت ضباط أمن ووحدات خاصة لتدريب القوات الإيرانية،
ومساعدتها في جبهات القتال، ويقول نظام صدام أنه أسـر بعضهم في الحرب .
6-
سهلت وصول الشيعة الخليجيين إلى سوريا ومنها إلى إيران للتدرب على الأعمال
العسكرية وعمليات التخريب. ومنحتهم جوازات سفر سورية لهذا الغرض.
1-
وهكذا
تناسـى حافظ الأسد أنه يجبر طلاب المدارس في سوريا على أن يهتفوا صباح كل يوم ( أمة عربية واحـدة ذات رسـالة خالـدة ).
وربما
برر بعضهم وقوف حافظ الأسد مع إيران تبريراً دينياً طائفياً، أماوقوفه مع الولايات
المتحدة ضد العراق، فلم يجد السياسيون له تبريراً سوى سياسة المكيافيللية التي آمن
بهاحافظ الأسد، وفسر بعضهم ذلك بأن الولايات
المتحدة وعدته بأنها ستضغط على إسرائيل للانسحاب من الجولان، واتضح في عام ( 1996م
) أنها لم تف بوعدها أولم تستطع ذلك.
أرسل حافظ الأســد قواته ( الجيش العقائدي
البعثي العربي القومي ) لتقاتل جنباً إلى جنب مع القوات الأمريكية والفرنسية
والبريطانية ( الأمبريالية كلها)، هذه الدول التي يسميها حافظ الأسد الإمبريالية،
وكم شتمها وعلمنا أن نشتمها، وحذرنا من مكرها وخداعها، واتهم بعض العرب بأنهم
عملاء لها، وكان يلصق تهمة التعامل معها بكل من يعاديه، وأولهم الإخوان المسلمون،
حيث كان يجبر تلاميذ المدارس في كل صباح خلال عقد الثمانينات على ترديد مايلي: (يسقط
الاستعمار والإمبريالية والصهيونية وعميلتهم عصابة الإخوان المسلمين)، ثم ها هو
يقف إلى جانب الصهيونية والإمبريـاليـة والاسـتعمار، ضد دولـة عربيـة، يحكمها نفس
الحزب وهو حزب البعث الذي أوصله إلى السلطة في سوريا.
2- جـاء في كتاب [مقاتل من الصحراء]عن عاصفة
الصحراء: (ص 268):
بعد غزو العراق للكويت، أوفد الرئيس حافظ الأسد
العماد علي أصلان ليناقش معي ما يمكن أن تقدمه سوريا، ويعرف عن الرئيس السوري بغضه
الشديد لصدام حسين أكثر من بغضنا له بكثير، كما أيقنت أنه ليس من السهل على سوريا
بصفتها حاملة راية القومية العربية أن تضم قواتها إلى قوات أمريكا في شن حرب على
دولة عربية أخرى.
3- الطائرات الأمريكية تحمي القوات السورية من
الصهاينة !!؟؟:
ويتابع الكاتب قوله: ثم أبحرت القوات السورية
تحت الحماية الجوية الأمريكية !! أي حماية الطائرات الأميركية التي تقلع من حملة
الطائرات في البحر الأبيض المتوسط، [وهي الطائرات التي ساهمت في تدمير الطائرات
العربية المصرية يوم (5/6/1967م)، وهذه الطائرات الفانتوم نفس الطائرات عند الكيان
الصهيوني، والطيار الإسرائيلي هو طيار أمريكي أيضاً لأن كثيرين منهم يحمل
الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية].
4- يتابع كاتب
مقاتل من الصحراء: ولفت
نظري قدرة دولتين لم تكونا على وفاق من قبل على التعاون بشكل فعال لمواجهة خطر
مشترك !! واستقبلت القوات السورية في ينبع وأصبت بخيبة أمل عندما عرفت أنهم أحضروا
دبابات (ت 62) فقط ولم يحضروا (ت 72 ) وعذرتهم لأنني أدرك أن عليهم حشد فرقتين على
الحدود العراقية لمواجهة صدام !!!. وضعت السوريين غرب مشاة البحرية الأمريكية، ثم
عرفت أن الأمريكيين لا يحبذون ذلك لأن دبابات السوريين تشبه دبابات العراقيين
وخافوا من التباس الأمر عليهم، لذلك استبدلت السوريين بالمصريين، وسحبت الفرقة
السورية إلى الخلف لتشكل احتياطي القوات المشتركة في المنطقة الشمالية....
5- أطقم السيطرة الجويـة الأمريكية مقبولة عند
الضباط الكبار السوريين فقط:
6- ويتابع الكاتب: وسارت
عمليات التنسيق بين أطقم السيطرة الجوية الأمريكية والقوات المشتركة على ما يرام،
وكانت العقبة الوحيدة هي أن السوريين لم يتحمسوا كثيراً للعمل مع هذه الأطقم
الأمريكية، ولست ألومهم على ذلك، وبدا الضيق على شوارتزكوف وقال: سوف
اسحبها فوراً، قلت له: إننا بحاجة لها، أرجوا أن تطلب من رجالك التحلي بالصبر،
وألا ترسلهم إلى السوريين الآن، وفي اجتماع مع اللواء علي حبيب (قائد
الفرقة السورية) قلت له: أرجوك أن تخبرني إذا كان لديكم أوامر تمنعكم من العمل مع
أطقم السيطرة الجوية الأمريكية ( وهي وحدات تميز الطيران وتتفاهم معـه)، فأنا أقدر
موقفكم وسأدافع عنه، أجاب: أبداً بل العكس، ليس لدينا أية مشكلة معها، نرحب بوجود
هذه الأطقم معنا، وأخبرني فيما بعد المقدم طيار عايض ثواب الجعيد أن السوريين
في المستويات الدنيا رفضوا قبول الأطقم الأمريكية من قبل، بينما كانت
مقبولة من الضباط الكبار فقط، واستغرقت تسوية المشكلة أياماً عدة، ثم وافق
السوريون على العمل مع الأمريكيين، كما أنهم عاملوهم معاملة طيبة وأكرموا وفادتهم،
وعندما ذهبت لزيارة القوات السورية، تناولت الغداء مع الضباط السوريين في حضور
أطقم السيطرة الجوية الأمريكية أيضاً، وسارت الأمور بين الجانبين على نحو أفضل مما
كنت أتوقع.
هكذا
لم يكن يتوقع الكاتب أن يتفاهم البعثيون مع الامبرياليين، والكاتب معذور لأن كل
إنسان عاقل لايستطيع أن يفهم ذلك، لأنـه مخالف للمنطق والمألوف، فلماذا نغمـز على
اليسـار ثم نذهب إلى اليميـن !!!؟
لماذا
نربـي أجيالنا على مدى بضع عقود على كـره الامبريالية، ثم نتعـاون معها على محاربة
اشـقائنا البعثيين في العراق.
وسنرى
في الموضوع القادم، كيف قتل حافظ الأسد الفلسطينين في لبنان، وأخرجهم منه، ثم كيف
يقف بشار الأسد مع المجرم القذافي ضد الشعب العربي الليبي....
...
[1] ـ زار نيكسون دمشق (1974م) وفي طريقه من
المطار إلى قصر الضيافة ، وعند دوار المطار الكبير ، سأله سائق سيارة الضياقة : هل
تريد الذهاب من اليمين أم اليسار ياسيدي ؟ فأجاب نيكسون : غريب منك هذا السؤال ،
ألا تعرف من نحن !!؟ ضع غماز اليمين واذهب يمين .... وبعد أشهر زار الرئيس الروسـي
دمشق ، وفي نفس المكان والسائق والسؤال أجاب الرئيس الروسي : غريب منك هذا السؤال
: ضع غماز اليسار واذهب على اليسار . وبعد مدة كان حافظ الأسـد خارج سوريا ولما
رجع من المطار وبنفس السيارة والسائق والمكان والسؤال : أجاب حافظ الأسد : غريب
منك هذا السؤال !!!؟ متى تفهم عليّ !!؟ ضـع غماز اليسـار واذهب يمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق