جميع السياسيين سواء كانوا من مؤيدي الأسد
أو من مخالفيه كانوا يتمنون أن يباشر الأسد أي خطوة باتجاه حلحلة الموقف !.
فالعالم الذي يساعد الأسد على بقاءه على سدة
الحكم في سورية ، يحاول بشتى الوسائل تبرير مواقفه من خلال المماطلة في اتخاذ الآليات
الفورية على الأرض ، علّه يبادر ويصدر أي قرار يمكن تنفيذه فعليا ، بحيث يشكل أرضية
لرفع الصوت عاليا نحو الخارج بأن هناك حراك نحو تطبيق مقررات الجامعة العربية ، وأن
الأسد وأزلامه يتجهون نحو التطبيق وبشكل جدي دون مراوغة.
لكن بنية النظام الأسدي لا تساعد على الحراك
السريع في أي اتجاه ، فتكوين العقل السياسي لرجالات الأسد لا تسمح لها التفكير بطريقة
تفاعلية مع المتغيرات، لأنها لا تملك بوصلة حقيقية تشير نحو المصلحة العليا للدولة
، وأن المؤشر الوحيد الذي تملكه هو مصلحة العائلة الحاكمة ، وهذا هو المؤشر الوحيد
الذي يملك آليات فعالة نحو اتخاذ إجراءات سريعة وجدية ، لأنها مجردة من المساءلة ،
وتحظى بحماية داخلية كاملة ، بعيدة عن القضاء ، وهذا ما يبرر تغير موقف النظام خلال
أيام قليلة من الرفض إلى القبول بالنسبة إلى المبادرة العربية .
وباعتبار أن هذا الإجراء يندرج ضمن هذا المفهوم
، لذلك لن يكون له أية مصداقية ، والآلية الوحيدة التي يكون لها جدوى؛ هي الضغط المستمر
سواء كان خارجيا ، أو داخليا ؛ وإشعاره بأن هناك تهديد جدي على كيانه. لضمان تنفيذ
أي بند من بنود المبادرة العربية التي تم الموافقة عليها من قبل هذا اللانظام .
طبعا هذا المنطق ينطبق على الجيش الأسدي كما
ينطبق على السياسيين الأسديين، فالجيش اللا عقائدي والمدجج بشتى أنواع الأسلحة لا يملك
تلك البوصلة التي يملكها أي جيش في العالم ، وباعتبار أنه جيش العائلة وليس جيش الوطن
، تجده مستعدا للقضاء على جميع المواطنين السوريين في سبيل الحفاظ على مصلحة العائلة
، مسخرا في سبيل ذلك كافة أنواع الأسلحة المحللة والمحرمة .
وتسري عليه ما يسري على السياسيين من آليات
، فهو لا يستطيع الدفاع عن البلد ساعات قليلة ، كونه لا يملك العقيدة القتالية اللازمة
لذلك ؛ بينما تجده يفنى في سبيل الحفاظ على هذه العائلة الحاكمة ، وبالتالي إن أرادت
أية قوى فاعلة تنفيذ مقررات الجامعة العربية بما يتعلق بسحب الجيش من المدن ، لن تستطيع
تنفيذ ذلك دون اللجوء إلى الضغط الفعلي على هذا الجيش .
فما بين النظام المأدلج والجيش المدجج يغيب
مفهوم الوطن ، ويحل مكانه مفهوم العصابة .
وطبعا تاريخ الأسد الأب والابن مليء بالشواهد
على ذلك ، ظهر جليا بعد اغتيال المرحوم الشهيد رفيق الحريري ، عندما سارع الأسد الابن
إلى سحب جيشه تحت الضغط العالمي من لبنان . وشاهدناه أيضا قبل ذلك عندما حشدت تركيا
جيشها على الحدود التركية على أثر قضية أوجلان ، عندما سارع الأسد الأب إلى تسوية الخلاف؛
وترحيل أوجلان خارج الأراضي السورية.
هذا الأمر يوصلنا إلى نتيجة مفادها أنه أن
أردنا تحصيل أي هدف من أهداف الثورة ، يجب أن نبقي الأسد تحت الضغط وأن لا نعتمد على
أي قرارات سواء صدرت عن الأسد نفسه ، أو صدرت عن جهة خارجية .
فلن يلجأ الأسد وأزلامة إلى تطبيق أي من بنودها
دونما ضغط حقيقي من قبل القوى الفاعلة والتي بيدها قوة التهديد على مصير الأسد
.
الدكتور
حسان الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق