منذ
يومين شاهدت خبرا عن تشكيل جبهة جديدة للمعارضة تدعى ((المجلس الوطني الديمقراطي)) تنطلق من
باريس يقودها ثنائي الماضي والحاضر بقيادة الأب رفعت والابن ريبال ، يحثون فيه
الأسد على إعادة السلطة للسوريين .
في الوهلة الأولى ترامى إلى مخيليتي أن هذا
الرجل ربما رجع إلى رشده وأدرك حقيقة أن هذه العائلة قد أخطأت في حق الشعب السوري
وأنه آن الأوان لعودة الحياة السياسية في سورية إلى سابقة عهدها ، وأن هذه المرحلة
ضرورية للتكفير عن ما اقترفته أيديهم من جرائم ضد الإنسانية بحق هذا الشعب الأبي ،
وخاصة مجازر حماة وتدمر وغيرها ، والتي يعمل الكثير من الحقوقيين على لملمة بقايا
مستنداتها للمطالبة بمحاكمة عادلة ربما سنشهدها قريبا في المحاكم الدولية إن شاء
الله .
لقد بدا هذا الدعي حمامة سلام عندما صرح للعربية وقال أنه : "على الرئيس بشار أن
يبدأ بإصلاحات جدية ومقنعة للآخر ويبدأ بأن يقول للشعب السوري أنا لست بخالقكم بل
أنا منكم وفيكم وانتقدوني كما شئتم وقولوا عني ما شئتم فانا لكم وأنا منكم".
وفي مقابلة أخرى مع صحيفة "لو
فيغارو" الفرنسية قال أنه يجب وقف حمام الدم والتنحي عن السلطة وتسليم السلطة
إلى السوريين.
ووصل إلى نتيجة مفادها أنه لا يمكن لبشار أن
يبقى في السلطة من خلال مواصلة قتل شعبه.
معترفا أن من يحكم سورية ويأمر بالقتل هو
بشار وحده حيث أكد ( رفعت الأسد) ، ومن
خلال خبرته بالنظام، أن بشار وحده يُدير البلاد ، وأنه : "من يبتعد عن النظام
يُقتل".
لكن الملفت ما صرح به هذا المخلّص في لقاءه
مع الصحافة في باريس: أنه يجب توفير ضمانات لبشار تتعلق بسلامته لكي يتمكن من
الاستقالة ؛ وتسليم السلطة لشخص لديه دعم مالي؛ ويؤَمن استمرارية جماعة بشار بعد
الاستقالة ، وهذا يجب أن يكون شخصا من عائلته : ( أنا
أو سواي ) و أنه
إذا عمد بشار إلى تسليمه السلطة فإنه سوف يضمن سلامته .
طبعا كان هذا التصريح بعد أن أدرك أن :
"معنويات العلويين هابطة، وهم فقدوا ثقتهم بقدرة بشار على إخراجهم من الأزمة ،
ولكن الخشية من حصول أعمال انتقامية تدفعهم إلى التزام الصمت".
وبالرغم من وصول الطغمة الحاكمة في سورية إلى
نتيجة مفادها أن التطورات الحالية في سوريا سوف تنهي حكم آل الأسد في سوريا ، إلا
أنهم يسعون جاهدين إلى استغلال أي بادرة أمل في البقاء على سدة الحكم ، متناسين
أنه يوجد في سوريا شعب يحق له الاختيار والانتخاب وممارسة أبسط حقوقه في
الديمقراطية والحرية .
أيضا معتقدين أن كل هذه التضحيات التي
يتكبدها الشعب الثائر خلال الشهور التسعة ، كانت فقط من أجل تمهيد الطريق للرجل
الديمقراطي الواعد الذي نهب سورية في الماضي ويريد أن ينهب ما تبقى من خير
فيها، فربما نقصت خزانته قليلا لذلك أراد
إعادة ملئها من جيوب هذا الشعب.
إن الحق المسلوب من رفعت (باعتقاده) في
الثمانينات والذي كان قد قبض ثمنه من أخيه كل ما وجد في الخزانة السورية آنذاك بالإضافة
إلى ما اقترضه الأسد الأب من القذافي و الآخرين كي يرضيه بها؛ ويخرجه من السلطة
آنذاك ، لم يعد كافيا الآن ؛ وأصبح لزاما على الرجلين تبادل الأدوار فيسعى رفعت
الآن إلى دفع المال اللازم لبشار لإزاحته عن عرش سورية وتنصيب نفسه رئيسا شرعيا
جديدا ؛ بعد أن يدفع لبشار كل ما في
الخزينة السورية ويبدأ عهد جديد من السلب والنهب والفساد، ومن ثم يلجأ مضطرا إلى توريث
السلطه لربيب الديمقراطية الجديدة ريبال الابن، ويعود بعد ذلك حافظ الثاني ليطالب
ريبال بالحكم مقابل ما سيتوفر في خزينة البلاد من مال تم سلخه من رقاب الشعب
المقهور، وتدخل سورية في متوالية عددية بدايتها حافظ ونهايتها رفعت الرابع عشر .
ولا ضير مابين كل حافظ ورفعت أن يكون هناك
قرابين تقدم على مذبح الكرسي الأسدي من الشعب المقهور ، فالكرسي الأسدي لا يكتسب
شرعيته إلا بالقضاء على عشرات الألوف من الشهداء والجرحى والمفقودين و مئات الآلاف
من المساجين .
ربما قصدهم من وراء ذلك إعادة التركيبة
السكانية في سورية إلى التوازن من جديد !.
الدكتور حسان الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق