الحمد لله رب العالمين وأزكى الصلاة وأتم
التسليم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين وبعد:
منذ أن قامت الثورة السورية في أواخر
السبعينيات من القرن الماضي وهي ثابتة على المبدأ صامدة في وجه الظلم الطغيان
الأسدي بالرغم من كل محاولات التشويه والتشكيك والتزوير، وذلك بتوفيق ورعاية من
الله لأبنائها، وأيضا وبرغم كل الظروف والعقبات التي واجهتها الحركة والثورة سواء
من قبل النظام الأسدي الفاشي وأعوانه أو ما تعرضت له من انتكاسات ومؤامرات سواء
أكانت داخلية أو خارجية عبر مراحل سيرها الطويل وذلك أمر طبيعي أن يتعرض أصحاب
الدعوات والمبادئ لمثل هذا الفيض من المصاعب ولكن المهم هو أن يثبتوا على دينهم
ومبادئهم التي آمنوا بها مهما كانت الظروف والعقبات وبعد الشقة وطول الطريق فيا
ترى كيف بدأت ثورة الشعب السوري في سوريا في الماضي ؟ وما هي المنطلقات والمبادئ
التي نادت بها ؟ وما هي الأهداف والغايات التي كانت تنشدها وتعمل على تحقيقها؟
وقبل الإجابة عن هذه الأسئلة أود أن أطمئن القارئ الكريم بداية إلى أن هناك تطابقا
في الرؤى وتوافقا في الأهداف بين الثورتين ، لقد قامت الثورة السورية في أواخر
السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي ردا على الطغيان والاستبداد والفساد
الأسدي والطائفي الذي مارسته عصابة آل الأسد وعائلته الفاسدة مؤيدة بحزب البعث
وأفراده الفاسدين منذ أن قام هذا الحزب بانقلابه المشؤوم في الثامن من آذار من
العام 1963 م لتفكيك آخر عرى الوحدة بين مصر وسوريا وليمارس بذلك كل أنواع الفساد
والإفساد والتهميش ومحاربة دين الله بكل الوسائل والسبل وتبع ذلك ما قام به
المقبور في حركته المسماة زورا وبهتانا بالحركة التصحيحية في عام 1970 م ضد خصومه وأقرانه.
ولم تكن هذه الحركة سوى اسما باطلا وفهما
معكوسا لما جرى للواقع السوري والحقيقة أنها حركة تخريبية وذلك لما قامت به منذ أيامها الأولى من
تكريس للطائفية واتباع سياسة التهميش والإقصاء لأهل السنة وغيرهم من الطوائف
والقوميات الأخرى بل لقد وضع النظام الطائفي سياسة ممنهجة في حربه على الإسلام
عامة والإسلاميين خاصة ففتح السجون على مصراعيها ضد الدعاة إلى الله وأطلق لعناصر
أمنه وجيشه عمليات القتل والاعتقال والتعذيب والمداهمات وشجع وسائل إعلامه الكاذبة
على التغني به وبعصابته وأزلامه وتمجيد مبادئ حزب البعث.
بل لقد أطلق كل حملات التضليل والتشويه
والاتهام لخصومه من الإسلاميين وغيرهم بأنهم عملاء وخونة ومأجورون وأصدر قانون
العار المشؤوم وهو القانون رقم 49 الذي يقضي بالإعدام على كل من ينتسب لجماعة
الإخوان المسلمين.
إزاء هذا التسلط والظلم والقمع وقف الشعب
السوري ليدافع عن نفسه وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين وقامت مظاهرات وإضرابات
في عدد من المحافظات وفي مقدمتهم محافظة حلب احتجاجا على التحكم الأسدي بمقدرات البلاد وتهدف إلى رفع الظلم والحيف عن
شعبنا كذلك وكانت النتيجة أن دخلت سوريا في أتون حرب قمعية وصب عليها النظام
العذاب صبا.
ولاقت جماعة الإخوان المسلمين ما لاقت من
الاعتقالات والمداهمات والمطاردة والتشريد لأبنائها حتى اللحظة واعتقل الآلاف
واستشهد الآلاف واضطر عشرات الآلاف من الإخوان إلى الفرار من بلدهم إلى بلدان ودول
أخرى.
ولم تستسلم المعارضة وعلى رأسهم جماعة
الإخوان المسلمين بل ظلت تواصل التحرك والعمل ضد النظام ضمن إمكاناتها حتى الآن
حيث تلعب دورا بارزا مع بقية المعارضة في الخارج وبكل ما تستطيع .
إنني أكتب هذا المقال وأنا أشعر بطمأنينة
بسلامة الخط والطريق الذي بدأته جماعة
الإخوان المسلمين في ثورتها ضد النظام الحاقد، وإن عزاءنا في هذه الثورة أننا
نحسبها على الطريق الصحيح بإذن الله ولا سيما بعد أن انفجرت الثورة المباركة في
سوريا في الخامس عشر من آذار من العام 2011 م، ولتسير على نفس الخطى وعلى نفس
الطريق، ولتحمل أهدافا واضحة تتفق تماما مع بداية هذه الثورة منذ أكثر من ثلاثة
عقود.
ولكنها اليوم بفضل الله تعالى أصبحت
مساحتها أكبر وجمهورها أوسع لتشمل كل البلاد من أقصاها إلى أقصاها ومن شرقها إلى
غربها ومن شمالها إلى جنوبها بل لتشمل كل القوميات والطوائف والمعتقدات ولتصحح
الكثير من المفاهيم والأخطاء التي زرعها النظام الطائفي في أذهان الكثير من الناس
عن الإخوان المسلمين وثورتهم .
بل لاعجب إذا أصبحنا نرى والحمد لله
الآلاف من الناس الذين كانت لهم نظرة سلبية ورؤية خاطئة تجاه الإخوان المسلمين
وثورتهم قد أصبحوا الآن جنبا إلى جنب مع
إخوانهم من أبناء الثورة السورية المباركة.
إن ثورة الكرامة الآن والثورة في الماضي
التي قام بها الإخوان متفقتان في رفع راية واحدة وغاية واحدة وبرنامج متطابق واحد
هو رفع الظلم وإسقاط النظام البغيض ونيل
الحرية والكرامة وتحرير البلاد من المجرمين والمفسدين ورفع صوت الحق وإسكات صوت الباطل
الذي طالما تشدق به النظام الحاقد اللعين عقودا طويلة لقد دفع شعبنا الأبي السوري الكثير الكثير من
الدماء والتضحيات في ثورة السبعينيات والثمانينيات ودفعت جماعة الإخوان
المسلمين ثمن الفاتورة غاليا والثمن باهضا.
واليوم يدفع الشعب السوري ثمن هذه الثورة
غاليا ويسطر ملاحم في البطولة والإقدام
والتضحيات قل مثيلها في التاريخ، إن الشعب السوري البطل يخرج اليوم بكل فئاته
وأطيافه ويقدم الشهداء القافلة تلو القافلة بقلوب مليئة بالإيمان طالبين الأجر
والثواب من الله ولسان حال كل منهم قول الله سبحانه وتعالى : (وعجلت إليك رب
لترضى) وهم يهتفون بالملايين (علجنة رايحين شهداء بالملايين).
لقمد صممت جماهير شعبنا على المضي قدما في
طريق الثورة حتى آخر قطرة من دم حتى إسقاط النظام الطائفي الحاقد اللعين مهما كلف
الثمن فثمن الحرية غال وثمن الجنة ومهر الحور العين أغلى ، لقد ابتدأت الثورة في
الماضي بأول الغيث فكان قطرا وهاهو الغيث ينهمر مطرا مدرارا في ثورة الكرامة.
إخواني وأهلي وأحبابي في سوريا : اصبروا
وصابروا والنصر صبر ساعة ، فالنصر قادم بإذن الله لأنكم على الحق (والله معكم ولن
يتركم أعمالكم ) ( ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا ) ( إنا لننصر رسلنا
والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لاينفع الظالمين معذرتهم
ولهم اللعنة ولهم سوء الدار) صدق الله العظيم
والله أكبر ولله الحمد ، وسبحانك الله
وبحمدك أشهد أن لاإله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
د. محمد أحمد الخلف
في 26/10/2011
أحسنت يادكتور محمد ، وأوجزت ووفيت ، فالذي دفع ابناء سوريا للتصدي لهذا النظام الفاجر المتآمر على الدين والوطن والأخلاق .. هو الذي دفع أبناء سوريا اليوم لهذا التصدي الباسل ، وهذه التضحيات الجليلة الغالية التي يجود بها بنفس راضية ، وثغر بسام ، وإصرار وعزيمة لاتلين .. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون .
ردحذفحبذا أيها الكاتب الكريم لو انتقيت عبارةأصح من الفرار لأن القضية لم تكن فرارا وحاشالها أن تكون كذلك إنما هي هجرةوإعادة تجميع للصفوف ووحشد للقوى وما حال بيننا وبين ذلك إلا ضعف البنيان وقلة الإمكانات وعظم التحديات وتطول بنا هذه الرحلة بحلوها ومرهاحتى جاءت الثورة لتبعث الحياة في الجسد من جديد
ردحذفلل