الحوار المتمدن – علي
الأمين السويد
مما لا شك فيه أن بعض دول
العالم الوازنة مثل الولايات المتحدة، والاتحاد
الأوروبي ، و روسيا والصين، و تركيا و الدول العربية قد حسمت أمرها باتجاه إزالة
هذه القذارة المسماة النظام السوري بزعامة آل الأسد من سورية، ومما لا شك أن هذا
القرار حُبِسَ عن التنفيذ لأن كل كتلةٍ تريد تحقيق مصالحها أولاً و أخيراً مع
مراعاة أن حماية أو إنقاذ الشعب السوري من القتل و التنكيل سيكون بهارات تنكِّه
تنفيذ قراراتها ليس إلا، بينما يواصل
الشعب السوري البطل مسيرته باضطراد واثق الخطى نحو القضاء على الوباء الأسدي مهما
عظمت التضحيات، ومهما سالت دماء، و مهما
تناثر من الشهداء فوق ربوع الوطن الجريح.
فقد قرر هذا الشعب العظيم أن تكون سورية بلا -هذا المسمى ظلماً- الأسد، أو لا يكون فيها أحد.
وفيما يلي نستعرض
بعضاً من مواقف هذه الكتل الدولية المستذئبة اتجاه قضية الشعب السوري التي أصبحت
وصمة عار في جبين الإنسانية.
الولايات المتحدة
الأمريكية
من الواضح جداً أن
الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل مع الشأن السوري كراقصة الباليه التي تؤدي عروضها
على مسرح من البيض، فتحركاتها تملاً الدنيا جعجعة و صخباً، و عندما يدق الكوز
بالجرة و يُتوقع منها فعلٌ ما؛ تراها تلامس الأمر ملامسة قدم راقصة الباليه على المسرح ، و تراها تارة قاب قوسين أو
أدنى من أن تشن حرباً فورية على مليشيات الأسد، وتارة تهادنه و تارة أخرى تتحدث عن
أمور تعود بنا إلى نقطة البداية قبل أن تعاود الرقص مجدداً على البيض الذي نجحت في
عدم كسر أي بيضة منه حتى الآن.
ولا عجب في ذلك؛ فالولايات
المتحدة تريد ضمان أمن إسرائيل أولا و أخيراً، وبالرغم من أن أمن إسرائيل كان
مصاناً من قبل بشار الأسد ومن أبيه من قبله، إلا أنها و تحت الخوف من الخروج من "المولد"
السوري بلا حُمص، صارت تدفع باتجاهين اثنين، آخذةً في الحسبان الاتجاه الثالث الذي
تخشى وقوعه.
فالاتجاه الأول: هو إسقاط النظام
السوري والظهور بمظهر حامية الديمقراطية و صديقة الشعوب المظلومة، وذلك من خلال
اتخاذ جملة من التدابير العقابية تجاه النظام الديكتاتوري السوري، وبالتدقيق في
هذه الإجراءات العقابية تجدها فقاقيع من
الصابون، لا تقدم ولا تأخر، و لكنها – أي أمريكا - تعتقد أنها بذلك تلعب على وتر نفسي مع الشعب السوري من حيث بث
الأمل الذي يبحث عنه الشعب و لو كان قشة تلاطمها أمواج المحيطات الهائجة، فهدف
أمريكا بات و اضحاً في أنها تأمل أن يصل الشعب السوري إلى لحظة يصرخ كله دون أدنى
ترددٍ مُرحباً بالقول: "أهلا بالمارينز الأمريكي"؛ و بالقبول دون تردد، عندها
تقدم أمريكا عرضها الاقتصادي و السياسي الذي لا بديل عن قبوله لتخليص سورية من
بلائها الأسدي طالما بقي مستعصياً في قصور الرئاسة.
ولا يُعتقد أن أمل
الولايات المتحدة هذا ضربٌ من الخيال، أو انه أمر مستحيل تحققه على الإطلاق، فقد حسم
الشعب السوري أمره باتجاه الموت ولا مذلة آل الأسد.
أما الاتجاه الثاني: و هو ما تعمل عليه
أمريكا بكل جد و اتزان، وهو السبب الحقيقي لتنقلها على البيض، ألا و هو إسقاط
الدولة السورية من خلال الدفع باتجاه جعل نظام الأسد بعصابته يرحل و يأخذ معه كل
طلقة وكل صاروخ وكل طائرة وكل دبابة وكل مدفع إلى جهنم إن شاء الله، ومن ثم تتدخل
بكل هدوء و ثقة لتكمل الاتجاه الأول الذي تحدثنا عنه آنفاً، ولا بأس بأن تقوم
بضربات عسكرية هنا و هناك لتتأكد من دمار الدولة السورية عن بكرة أبيها.
ولكن لماذا؟
طبعاً كل ذلك كرمى
لعيون إسرائيل أولاً و للشعب السوري ثالثاً، أما ثانياً فهو لحصولها لوحدها على الحصة
الكبرى في عملية إعادة بناء سورية، فمن وجهة نظر أمريكا تكون هذه الطريقة هي الدرب
الأسلم لإعادة بناء سورية تحت أعينها في ظل النظام السوري الجديد الذي لا تضمن
ولاءه كما كانت ضامنة لولاء المجرم بشار وعصابته، وهو بالقطع سيكون مقاوماً و
ممانعاً حقيقيا،ً و ليس مقاوماً مقاومة بشار الأسد "الدون كيشوتي*" شاءت
أمريكا أم لم تشأ، قلَّعت الأظافر السورية أم لم تفعل، فالشعب السوري سيوقع العالم
في فخ الديمقراطية الذي تخشاه أمريكا و إسرائيل على حدٍ سواء.
و لكن السؤال الذي قد
يتبادر لأذهان البعض هو:"هل يستحق الخلاص من الأسد وعصابته تدمير القوة
السورية الحالية؟"
الجواب وبلا تردد نعم
و ألف تريليون نعم، فإذا كانت هذه القوة التي قد يتباكى عليها البعض من السوريين
يستخدمها المجرم بشار الأسد ليحمي بها إسرائيل، وليقتل بها السوريين، فمن المنطقي
أن تُعتبر عدوةً الشعب و قاتلته، و التخلصُ منها واجبٌ كونه دفاعٌ عن النفس نصَّت
على مشروعيته كل شرائع السماء و الأرض.
أما الاتجاه الثالث: و الذي تخشاه أمريكا
كثيرا جداً هو أن ينتصر الشعب السوري على
الأسد و مليشياته بينما هي ما تزال تترقب و تنظر فيفوتها القطار لتخرج من الوليمة السورية بخفي
حنين، وهذا ما يبقي أمريكا تقترب من الشعب يوما و تنأى عنه في اليوم التالي عندما
تتأكد أن الوقت ما زال مبكراً.
الإتحاد الأوروبي
تتزعم فرنسا صقور
الإتحاد الأوروبي للضغط باتجاه إزالة آل
الأسد و نظامه، ولكن فرنسا و معها أخواتها في الاتحاد الأوروبي عبارة عن أجرام
تدور في فلك الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يمكنها أن تتقدم خطوة واحدة على
الدور الأمريكي الرسمي ولكنها قادرة على فعل الكثير من تحت الطاولة لما لها من
رصيد إيجابي في الشارع العربي الذي راح يتعاظم مؤخراً بين صفوف الشعب السوري و
الشعوب العربية الأخرى، و المطلوب من المعارضة السورية ذات الرؤية الواضحة هو
تشجيع هذه الدول على التقدم بخطوات واسعة علّ أمريكا تخشى من ذهاب مصالحها إلى سلة
الدول الأوروبية، فتتضافر الجهود لإنقاذ الشعب السوري من مسلخ آل الأسد على مبدأ
أن تنافس الشركات منفعة للعملاء.
الإتحاد الروسي و
الصين
هذه الدول التي تشبه
كثيراً الرجل الآلي المبرمج على الدفع باتجاه الحصول على مصالحه بأسلوب جامد واحد
لا يتغير، و لا يعرف البراغماتية مهما كان الأمر مهيناً أو مقززاً حين يكون ثمن
الحصول على المصالح هو زهق الأرواح و تخوين المواطنين أصحاب الشأن، فروسيا تريد
بقاء النظام الأسدي المجرم ليس لأن النظام "ابن حلال أو ابن حرام" بقدر
ما تريده موجوداً كما إسرائيل للحفاظ على مصالحها التافهة، متجاهلة بذلك الدماء
التي تسيل على تراب الوطن السوري. و الموقف الروسي و الصيني لا يختلف كثيراً عن
موقف دول الغرب الذي يهمه زوال الأسد
للحصول على حقل اقتصادي ينقذها من الأزمة الاقتصادية المتفاقمة فيها حالياً، كما
يريح إسرائيل من نجاح الثورة السورية قبل تدمير البنى التحتية السورية أو إسقاط
الدولة السورية، إذا فآخر همّ العالم هو إنقاذ الشعب السوري أو إقامة دولة
ديمقراطية مدنية محبة للحياة.
تركيا و الدول العربية
أما تركيا و الدول
العربية فهي كالعادة لا حول لها و لا قوة إلا بأمريكا، و هي تميل حيث يميل "المرياع**"
الأمريكي بالرغم من أنها جميعاً تريد الخلاص من بشار الأسد لأنها تعتبر النظام
السوري "كاحل أخيل" إيران.
إن إصابة هذا الكاحل سيجعل
من إيران ذئباً مخنثاً بلا مخالب أو أنياب تعجز حتى عن حك جلده هو. فإيران تتحكم
في دول الخليج العربي بأقوام محليين من الخليج العربي ذاته، بشكل تبدو فيه بريئة
براءة الذئب من دم يوسف من أي تهمة بالتدخل في شؤون الخليج.
لقد سببت هذه الهيمنة الإيرانية على دول الخليج
عاملاً معيقاً لأي تطور حقيقي لأن هذه الدول تضع أمنها عنواناً لأولوياتها العشرة
الأولى، وزوال النظام الإيراني الديني سيكون العامل الذي يفتح آفاق التطور الحقيقي
على هذه المنطقة سياسياً و اقتصادياً.
الشعب السوري الحـــر
كلٌ يغني على ليلاه و
الشعب السوري يغني مواويل الويلات الجسام بعد أن حسم موقفه باتجاه إسقاط النظام
الأسدي بكل وسيلة ممكنة، حتى ولو كان استجلاب جيوش الأرض جميعاً ليقتلع هذا
السرطان الإرهابي. فعندما طلب الشعب الحرية، رد بشار بإطلاق النار عليه فقتل من
قتل؛ و من لم يقتله، قَتَلَ فيه الخوف من هذه الدولة الأسدية الأمنية.
لقد كان هنالك خطوط حمراء، عناوينها أمن
الوطن وعدم التدخل العسكري الأجنبي، ولكن
إصرار بشار على سفك الدماء و انتهاك الأعراض و الحرمات ضيع تلك الخطوط الحمراء، وبات
مجرد الدفاع عنها أمرٌ تافه أقرب إلى الخيانة، وصار طلب التدخل العسكري الأجنبي
واجب على كل من يريد فعلا أن يخلّص الشعب السوري من الشيطان الأعظم، فالحديد لا
يفله إلا الحديد، و نظام بشار الإبليسي لا يهزمه إلا عزيمة الشعب الفولاذية
الحاضرة في كل آن.
فلا خطوط حمراء على
ممن يطلبُ الشعبُ مساعدته ولا ينبغي أن يكون هنالك أية خطوط، فوقف سيلان الدم
السوري الطاهر على أيدي قتلة بشار لهو كَعْبَةُ الثورة و عَرَفَاتها.
و الشعب يريد إعدام
بشار و إعدام الفرقة الرابعة مع شبيحتها، و إعدام كل من يشير بالسلاح إلى صدور
المواطنين السوريين؛ ليكنس بذلك الوطن من الحثالة الأسدية و يتنفس الحرية و
الكرامة و المجد من بعد ذلك.
____________________
*الدون كيشوتي: نسبة
إلى شخصية "دون كي شووت" الذي كان يحارب طواحين الهواء على أنها أعداء
في رواية الاسباني سرفانتس.
**المرياع: التيس الذي
يقود قطيع الاغنام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق