يحدثني
طفلي الصغير، وهو يبدي اندهاشاً كبيراً لم ألحظه فيه من قبل: "أبتاه، تحدث المعلم
عن مؤامرة يديرها الغرب للإطاحة بنظام الأسد، وهو نفس الذي اسمعه منذ انطلاق الثورة
السورية، فلماذا حرك الغرب – بزعم المعلم– هذه الثورة ثم تخلى عنها؟! ولماذا ترك هؤلاء
الذين جندهم لإسقاط الأسد يذبحون ليل نهار، ولم يتدخل بحجة حمايتهم ويسقط هذا النظام،
كما وفعل مع القذافي من قبل؟!".
ويحرك طفلي الصغير يديه كما حركها الأليف المعلم
بالأمس وهو يستعطف ويستجدي طالباً الرحمة ممن اتخذ من خده لعبة يلطمها في كل وقت، مضيفاً:
"وهل يعقل يا أبتاه أن يرى هؤلاء الذين جندهم للتخلص من هذا النظام – الذي يدعي
العداء للغرب ولليهود– يذبحون ولا يحرك ساكناً، ولا يتحرك إلا ليطمئن هذا النظام بأنه
لن يحدث له مثل ما حدث للقذافي، وإعطائه الفرص تلو الأخرى لكي يتخلص من ثورة الشعب
السوري؟!".
ثم يعود طفلي لتقليد وضعية الأليف وهو يهز
ذيله ويتابع: "وكأن هذا الوديع نسي أنه ثكّل الأمهات ورمّل النساء ويتّم الأطفال،
واعتقل عشرات الآلاف دون أن يعرف مصيرهم، وقتل أكثر من خمسة آلاف شهيد، فكان مثله في
هذا مثل إنسان رعديد أسد على الضعفاء من شعبه، وأليف أمام الأعداء، أو نعامة يسرها
أن تمد خدها للجميع لكي يتنعم بصفعها".
وواصل ولدي حديثه وأنا صامت متعجب من تحليله
العميق: "عار على المعلم الأليف أن يتحدث عن أن نظام الأسد – ابن بائع الجولان
وحامي حمى الصهاينة– يتعرض لمؤامرة، والجميع يصرح بأن أمن الأسد من أمن الصهاينة، وإنما
المؤامرة تحاك ضد شعب أعزل خذله وتخلى عنه الجميع، ولكنه ما اهتم لهم أو ألقى بالاً
لأي إجرام ومضى مصراً على إسقاط هذا الفرعون فعل به ما فعل" ثم عاد طفلي إلى الاستغراق
في مداعبة ألعابه من جديد، وساد صمت قاتل بيننا.
احمد النعيمي
Ahmeeed_asd@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق