تفكيك بنية النظام هو الأسلوب الأمثل في إسقاطه - د. حسين إبراهيم قطريب.

تنفرد الحالة السورية بخصائصها وبمعطياتها الذاتية والاستراتيجية عن كل الحالات الاستبدادية والثورية في العالم، فالثورة السورية لا تواجه نظاما دكتاتوريا استبداديا بالمعنى المألوف فحسب، وإنما تواجه نظاما استبداديا طائفيا، مارس كل سلوكياته على أن يجعل من طائفته درعا يحتمي به، ويجحفل معه معظم مكونات الأقليات الأخرى في سوريا، ويربط مصيرها بمصيره المشؤوم .

والثورة السورية لا تواجه نظاما استبداديا طائفيا فحسب، بل تواجه نظاما استبداديا طائفيا يمتلك لطائفته حيزا جغرافيا متماسكا على رقعة الدولة، استطاع أن يستخدمه درعا آخر في التهويل والتخويف من احتمالات نشوب الحرب الأهلية والتقسيم لبلاد الشام بأكملها .

والثورة السورية لا تواجه نظاما استبداديا طائفيا يمتلك حيزا جغرافيا فحسب، وإنما تواجه نظاما استبداديا يمتلك أوراقا هامة في إدارة الصراع، ويرتبط بأجندات متنوعة، تتشابك مصائرها ومصالحها معه، وتجعل من بقائه مسألة فوق كل اعتبار، كموقف الكيان الصهيوني، وإيران، وروسيا، وبعض القوى الأخرى (شبيحة لبنان).

والثورة السورية تواجه نظاما استبداديا في موقع جغرافي يتفرد في شخصيته الاستراتيجية، ويجعل العالم بأسره يفكر مليا بمسألة التفريط في استقراره .

لذلك عندما يخرج شبيحة النظام ويقولون سورية ليست ليبيا أو مصر، فإنهم يعنون مايعنون، ويعرفون على ماذا يستندون، والثورة السورية ليست محظوظة إلا بشبابها، وبإرادة شعبها الذي خرج وهتف ( الموت ولا المذلة)، وقرر عدم العودة إلا بالحرية .

ويمكن أن نضيف بعدا آخرا هاما في حظوظ الثورة السورية، هو ما يمكن ربطه بعنوان المقال، ووصفه بهشاشة تماسك النظام، والقائم على رابط واحد هو الخوف من بطشه، والأهم في ذلك الجيش العربي السوري وطبيعة تركيبته الهشة.

جيش أبو الزلوف، جيش أبو شحاطة، جيش الخدمة في مزارع الأفيون والبقر لملاكها القلة من كبار الضباط الموالين للنظام، وجيش الكثرة المقيدة في حركتها الموالية للشعب والثورة، وهذا توصيف لواقع الجيش العربي السوري الذي بناه الأسديون وليس إهانة مقصودة له .

إن أسهل خيارات إسقاط النظام السوري إن لم يكن السيناريو المتاح الوحيد، هو في تفكيك بنيته، وبالتأكيد هو أقل تكلفة من التدخل الخارجي المباشر، وأهم عناصره هي الآتية :

1- توحيد جهود المعارضة حول رؤية واضحة تهدف إلى ذلك وتعمل من أجله .

2- توجيه رسائل الطمأنة إلى من يهمه الأمر داخليا وخارجيا، والترويج الإعلامي لميثاق شرف وطني واضح، يلبي طموحات جميع مكونات المجتمع السوري.

3-  استمرار التظاهر السلمي ودعم المتظاهرين ماديا ومعنويا .

4- طلب إحالة الملف السوري إلى مجلس الأمن وإلى محكمة العدل الدولية، وتفعيل العقوبات على النظام للزيادة من عزلته.

5- طلب مساعدة الحظر الجوي على الطيران السوري فوق الأجواء السورية.

6- دعم الجيش السوري الحر وتسليحه لحماية المتظاهرين من الشبيحة وقوى الأمن، وللقيام بعمليات نوعية ضد مرافق النظام الحساسة .