سوريا على أعتاب فجر جديد..........
لاشك في ذلك!...... طال الزمن أو قَصُر!.....
الجميع في حالة تأهب وتحفز....
الكل أفراداً وجماعاتٍ وأحزاباً.... مؤسساتٍ ومنظماتٍ ودولاً يسعى لإسقاط هذا
النظام المجرم من سدة الحكم إلى مزبلة التاريخ.... المعارضة بكافة أطيافها لها هدف
واضح جامع وهو إسقاط النظام، ومن بعد ذلك لها مشارب شتى....وحسابات خاصة... وأجندة
مختلفة رسمتها بنفسها أو رُسِمَت لها......
والسؤال المحيّر...................
من سيحكم سورية المستقبل؟؟؟
قد يقول قائل: الأمر بسيط، صناديق
الاقتراع هي الحكم والفيصل بين الناس، ومن يأتي بالأغلبية فهو الذي يحكم.
أقول نعم.... ولكنني ما كتبت هذا
المقال لأتحدث في البديهيات، وإنما كتبت هذا المقال لأتحدث في مواصفات القادم
الجديد الذي سيرتضيه الشعب، ويسلمه قيادة السفينة وسط العواصف والزوابع والأعاصير...
التي ستثور مع الولادة الجديدة........
أتحدث عن الربان الماهر الحكيم
الذي سيسير بسفينة البلد إلى أن يحط بها على بر الأمان......... وقبل أن أتكلم عن الربان لابد أن أعرج على السفينة وأهلها.
إن شعبنا السوري العظيم شعب مكافح
دؤوب، ذو همة عالية وعزيمة لاتلين.... وعندما تنفتح له الآفاق ويطلق له العنان،
ويأخذ حريته في العمل والحركة يصنع العجائب...... وهو أينما حلّ أو ارتحل يترك
بصمات لاتنسى في ذاكرة الأمم والشعوب. لقد استُعْبِد هذا الشعب خمسين عاماً.....
كبلوه بالأغلال والقيود، وحوّلوه إلى جسد خامد لاحراك فيه.
ولكن نزعة الأنا والذاتية المتأصلة
فيه..... وحب التميز وإثبات الشخصية الموجودة بقوة في شخصية الإنسان السوري قد جعلته
أبعد ما يكون عن العجز والكسل، فهو سبّاق إلى كل مايرتقي بوضعه الشخصي، والبيئة من
حوله، والمجتمع الذي يعيش فيه، وهذه السمة الإيجابية حفظت كيانه إلى حد كبير من
قمع الآلة الأسدية المجرمة.... وساعدته على ترميم جراحه، والانطلاق ليجد ذاته، رغم
كل المعوقات التي وضعها النظام في طريقه داخل البلد وخارجه. لكنها في الوقت نفسه
أوجدت بعض الصعوبات في تعامله مع الآخر في إطار العمل الجماعي.... حيث يسعى كل فرد
لإثبات كيانه وتميزه ووجوده أمام الآخر في الرأي أو الموقف أو السلوك..... مع
مايجر إليه ذلك من المشاكل والعقبات......
وإذا كان الشعب السوري قد قُمِع
وأُخْضِع لحكم العائلة الأسدية المجرمة هذا الزمن الطويل... فإن إرادة الله أبت
إلاّ أن تعيد لهذا الشعب المظلوم عزته وكرامته من جديد.... فما إن انطلقت شرارة
ثورة الحرية والكرامة في بلدنا الحبيب، وسقط جدار الرعب والصمت، ودبت الروح من
جديد في هذا الجسد الخامل، وأمسك شعبنا بزمام المبادرة حتى رأينا منه العجب العجاب....
وتسمَّر الناس جميعاً الصديق منهم والعدو، مابين مصدق ومكذب، أمام هذه المشاهد العجيبة
لثورة شعبنا العظيم وإبداعاته في كل المجالات..... بالنفس والمال والولد..... في
استعلائه على إجرام النظام وبطشه.... في ثباته رغم فوارق القوى الهائلة.... في
أساليبه الغريبة التي ابتكرها لانتزاع حريته من بين أشداق الذئاب.... في كل
ساحة... في الأدب .... في الشعر.... في الفن........... إنها والله معجزة ربانية تتجلى في أرض الشام!!!
.......
إن الفرج قادم لاريب فيه، وتباشير النصر
وإرهاصته لاحت في الآفاق، وإن هي إلا جولة أو أختها وينهار هذا النظام الظالم كقصر
من رمال..... إن للحرية سحرها الآسر، إن طعمها لاينسى وهذا مافطر عليه الإنسان،
ولا توزن كنوز الدنيا كلها بها..... وعندما ينتهي هذا النظام الفاجر المجرم قريباً
بإذن الله، ويتنفس شعبنا العظيم الصعداء.... ويبدأ التعرف على وجوده وكيانه وحريته
من جديد..... فإن معركة جديدة ستبدأ.... إنها معركة أسر القلوب والمشاعر والعواطف
والأفكار... إنها معركة القيادة... قيادة هذا الشعب المجاهد.... إنها معركة عظيمة
قادمة تنتظر المعارضة كلها في الداخل والخارج، بكافة أطيافها من علمانية
وإسلامية.... من قومية وليبرالية وسلفية وإخوانية ووطنية وعسكرية ومدنية..... إنها
معركة قد تكون أصعب من إسقاط النظام!!!............... ولأن شعبنا متميز، ولأن
نزعة الأنا قوية عنده فهو يحتاج إلى نخبة النخبة... بل إلى صفوة الصفوة، لكي يذعن
لها ويسلم لها القياد.... إنه يريد قيادة متميزة لها مواصفات عالية تتسم بما يلي:
أولاً - التجرد من الذات: قيادة تضع رضا الله وخدمة الشعب في موضع التنفيذ لا
القول، شعارها قولاً وعملاً وسلوكاً
"أمير القوم خادمهم". إن الشعب إن
تمسك بالأنا وطلب مصالحه فهذا حقه.... ولكنه لن يرضى بأي حال من الأحوال أن تتولاه
قيادة تقدم نفسها عليه، ولن يرحمها إذا جد الجد وحمي الوطيس.......
ثانياً- التواضع والبعد عن الأنانية والتفرد بالرأي: الشعب يريدها شوروية ديمقراطية، تؤمن بأن الخير موجود في
جميع الناس، وأن عليها أن تفجر طاقات الجميع لمصلحة العباد والبلاد...... تتقبل
النصح، ولديها الجرأة دائما لتقبل الرأي الآخر، وتعترف بالخطأ وتصلح المسار.
ثالثاً- العلم والأمانة والقوة: وهي مفاتيح النجاح والتوفيق في أي أمر، كما أوردها ربنا
في كتابه العزيز، فعن يوسف عليه السلام: ﴿قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ
إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) (55يوسف). وعن طالوت قائد بني إسرائيل في معركتهم ضد
العماليق قال تعالى: ﴿قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً
فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾ (البقرة: من الآية 247). وعن موسى عليه السلام كما
وصفته ابنة الرجل الصالح في قوله تعالى: ﴿يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ
اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ﴾ (القصص: من الآية26). الشعب يريد قيادة يأتمنها
على البلاد والعباد، لاتتنازل عن شبر من أرض الوطن ولو ذبحت من الوريد إلى الوريد وتأبى أن تسلم مصالح البلاد إلاّ إلى الأكفاء
من أهلها.
رابعاً- الصدق والصراحة: فلا نفاق ولا دجل..... أوراقها مكشوفة..... ولا أجندة
خاصة بها... إن الشعب قد طفح به الكيل من الكذب، ولن يقبل قيادة تكذب عليه
أبداً................
والقائمة تطول فيما يريد الشعب من
قيادته أن تكون....... وحُقّ له هذا فقد عانى الويلات والأهوال من عصابة مجرمة لا
تعرف إلاّ أهواءها وشهواتها... مجرمة... كاذبة... خائنة لا أمانة لها....ذليلة
لعدوها... متنمرة على شعبها .........
لقد جمع ربنا أهم صفات القيادة
الحكيمة في نبينا محمد- صلى الله علييه وسلم- وأرشده إلى التمسك بها حتى بعد
الانتكاسة التي أصابت المسلمين في معركة أحد، وهو النبي المعصوم فخاطبه قائلاً: {فَبِمَا
رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ
مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا
عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } آل عمران159. لقد ذكر الله عز وجل في هذه الآية
الكريمة ست شروط يجب أن تتوفر في القائد كي يكون قائداً حكيماً صالحاً مصلحاً في
مجتمعه وهي كالتالي:
1- الرحمة بالناس.
2- الحوار بالحسنى.
3- العفو عند المقدرة.
4- الدعاء بالمغفرة للناس( الصبر عليهم).
5- الشورى.
6- العزم
دون تردد ومن ثم التوكل على الله حق توكله.
إن شعبنا - وقد ألمت به المصائب والمحن، ووجد نفسه في أتون
محرقة هذا النظام من قتل وتدمير وتخريب وإذلال..... واعتداء على الأعراض والأموال والدماء....-
قد تجاوز بعض هذه الصفات في القيادة الحالية من المجلس الوطني أو العسكري أو
المجلس الأعلى للثورة السورية وتنسيقيات الداخل وغيرها من رموز وقيادات الثورة
السورية، وقبل الأمور على عُجَرِها وبُجَرِها، وارتضاهم لأنهم حملوا أهدافه،
وتبنوا مطالبه وعبروا عن نبضه في الحرية والكرامة والعزة والتحرر من هذ النظام
المجرم الظالم....... ولكنها مرحلة مؤقتة فما إن ينجلي نقْع المعركة..... وينقشع
الغبار.... حتى تبدأ المحاسبة والتدقيق... وترجع الجماهير إلى مطالبها في القيادة
الراشدة التي بها تنهض الأمة، وتتم عمارة البلد ديناً ودنيا..........
فحذارِ.... ثم حذارِ....للمعارضة أفراداً ومؤسساتٍ
وأحزاباً أن تسلك غير سبيل الرشد والصلاح والصدق والإخلاص....... لأن شعبنا
سيفرزها ويمحصها ..... ولن يدوم منها إلاّ الأصلح للبلاد والناس...............
قال تعالى في كتابه العزيز:( فَأَمَّا
الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَاَيَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ
كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ)-[الرعد 17].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق