لا ينكر أثر الكتابة على الحدث كل
حدث, إلاّ جاهل من الطراز الأول, فرب كلمة يتلقاها الناس, تفعل ما يعجز عنه صاروخ
ومدفع, ورب كلمة كان لها من الأثر, ما تعجز عن إنجازه مجموعة من البشر, فسحر
الكلمة لا يوصف, وتعلق الناس بالكلمة الجميلة, معروف عبر التاريخ, ومعلوم هذا عند
علماء النفس والإجتماع, وأمة لا يوجد عندها هذا الشعور, وهذا المعنى, فإنها
مخلوقات خارج إطار الحياة, لأنه ثبت تأثر النبات بالكلمة المسموعة, وعالم الإبل
عالم مدهش في هذا المجال, وما حادي العيس, في الشعر والأدب عنّا ببعيد.
لذا تجد كل أمة من أمم الأرض, لها
شعراؤها الذين تتغنى بشعرهم وتحفظه وتردده, وتعتز به, وفي كثير من الأحيان تجعله
أنشودة تردد, لما تحمل القصيدة من معنى عظيم, في نفس هذا الشعب أو ذاك, وفي تعبير
عن صدق هذه الحقيقة, جاء في الحديث الصحيح ( إن من الشعر لحكمة), وكان عليه الصلاة
والسلام, يقول لحسان- رضي الله عنه-: أهجهم وروح القدس معك) تعبيراً عن أثر الكلمة,
في المعركة, وتوجيه الرأي العام, والمنافحة عن الحقيقة, والدفاع عن القيم, والدفع
نحو الخير, والتحفيز لعمل الخير, واستثارة العواطف, والدفع بمكنونات النفس
البشرية, لتتفجر واقعاً عملياً, له بصماته التي قد تحفر قي ذاكرة الشعوب, ربطاً
بين الكلمة والموقف, أو الكلمة والحدث, والأمثلة على هذا كثيرة, لا مجال لذكر
بعضها في هذه المقالة العاجلة.
ويقولون: الكاتب والأديب, مرآة عصره, ولسان شعبه, ووجدان أمته, يعبر عنها,
يعيش همومها, يشرح تطلعاتها, ويبين أفكارها, ينشر أهدافها, يحثها على الخير,
يدفعها نحو الفضيلة, يشجعها على المكارم, ينهاها عن الرذائل.
من هنا تجد, تلك المكانة المرموقة التي احتلها, بعض الكتاب والشعراء, عند
شعوبهم, بدافع من دوافع القناعة, لدى هذه الشعوب, مبادئاً, جمالاً, عاطفة, والشعوب
تحب من يقف مع قضاياها, وتعتبر من لم يقف مع قضاياها المحقة, خائناً ورغالياً بصورة
من الصور.
والكلمة من الناحية الشرعية, تصنف- إن انضبطت بالضوابط الشرعية- في شعب
الجهاد, ذلك أن الجهاد أنواع: منه جهاد السيف, وله فقهه وأحكامه, ومنه جهاد المال,
وله توصيفه الشرعي,ووو...إلخ. ومنه جهاد الكلمة, ففي الحديث الصحيح: ( سيد الشهداء
حمزة, ورجل قام إلى سلطان جائر, فنهاه فقتله), وهذه صورة من صور جهاد الكلمة, ومن
صورها, الكلمة المكتوبة, عندما تكون في وجهها الصحيح, وتصدر من قلب صادق, وهمة
عالية, وإخلاص ( وتظل كلماتنا عرائس من شمع, حتى إذا متنا في سبيلها, دبت فيها
الروح, وكتبت لها الحياة), وعبر التاريخ, كثير من الكتاب وأصحاب الكلمة الصادقة,
كلفهم ذلك كثيراً من المتاعب, فربما حرم من لقمة العيش, وبعضهم سجن حتى قضى في
سجنه, ومنهم من كلفته كلمة الحق المسموعة أو المقرؤوئة حياته, فهذا علق على حبل
مشنقة, وذاك قتل رمياً بالرصاص, وواحد دس له السم بالطعام.
أما إذا كان الهدف, الدوران في فلك
الذات, والبحث عن الملذات, واللهث وراء الشهوات, فهذا يعود على صاحبه بالويل
والخسارات, وربما ولدت كلماته ميتات, لا تسمن ولا تغني من جوع, باردة, خالية من
عاطفة الجذب, تكرهها النفس, وهذا ينطبق تماماً على علماء السوء, وكتاب الدرهم والدينار,
ولسان حالهم يقول, لمن يتملقونهم: قل لي ماذا تريد, وأنا أكتب ما تريد.
وكتاب الثورة السورية, نموذج طيب في تسطير ذاكرة الأيام عن هذه الثورة
المباركة, ومساندتها, وتأييدها, ودعمها, والوقوف إلى جانبها, ورفدها بالإعلام
الصادق, والعاطفة المنارة بالعقل, والتحليل الموضوعي, بعيداً عن كلمة نابية, أو
سباب لا يليق بخلق المسلم, ويجب على الكاتب أن يشعر بمسؤولية الكلمة, ويقدر
نواتجها, ويتفهم مآلاتها, ويدرك مراميها.( فرب كلمة يلقيها المرء لا يلقي لها
بالاً, تهوي به في جهنم سبعين خريفاً).
وبالمقابل فإن الكلمة الطيبة صدقة, والكلمة الصادقة عبادة لله تعالى, وحثنا
النبي – عليه الصلاة السلام- على مجاهدة العدو باللسان, وفي كثير من الأحيان يكون
اللسان أقوى من السنان.
والكلمة كما لها وقعها الطيب في نفس الصديق, فإن لها وقعها السيء, على
نفسية العدو, وهي من أسباب هزيمته, لذا تجد الجيوش لها توجيهها المعنوي, الذي من
خلاله يتم تدراك, ما يمكن أن تحدثه كلمات العدو من أثر على نفسية الجيش والأمة,
فتحدث كارثة ما يعرف, بالهزيمة (النفسية)
المعنوية,التي تكون مقدمة طبيعية, للهزيمة الكبرى.
فيا أيها الكتاب, الطيبون, المخلصون, الغيورون,الصادقون, الخيرون, الثورة
بحاجة إليكم, فارفدوها بقلمكم, وسخروا ما حباكم الله به من موهبة الأدب, ولين
القلم, وجمال العلم, لصالح قضية أمتكم السورية, فالخطب عظيم, والموقف جسيم,
والتخلف عن أداء هذا الواجب مصيبة.
نريد من إخواننا الكتاب, المقالة المفيدة, التي تفضح جرائم النظام, وتبشر
بقرب زواله, وتراقب الحدث اليومي للساحة السورية, فتواكب هذه الأحداث, وتعلق
عليها, وتبين حقيقتها. ونحتاج إلى الكتاب
النافع, الذي يرصد أحداث الثورة, ويحلل هذه الأحداث, ويلفت أنظار العالم إلى شرعية
هذه الثورة, ويبين أهدافها, ويوضح أسباب قيامها.......وووإلخ
نتشوق إلى شعر الشعراء, الذين
سيكون- بإذن الله- له أكبر الأثر في إذكاء روح المقاومة لهذا النظام, ويشدوا بذكر
مآثر الشهداء, ويسطر الحقائق شعراً, ويؤرخ لبطولات هذا الشعب.
يا أصحاب القلم, هبوا من رقادكم, كي تحصلوا على هذا الشرف العظيم,
بمشاركتكم في مناصرة هذه الثورة ومساندتها, ولو بشطر كلمة.
وجزى الله خيراً كتاب الثورة المرابطين أمام حواسيبهم,وأولائك الذين لا
يكاد القلم يسقط من أيديهم, بوركت جهودكم أيها الأبطال, وأمدكم بالعون, فالنصر
قريب, وسيكون لما كتبتم ديوان خير تسطر فيه هذه الجهود, لتكون جزءأ مهماً من تاريخ
هذه الثورة.
ونقول لأصحاب الأقلام السود, الذين يساندون النظام, أن توبوا وعودوا إلى
صفوف النصرة لهذا الشعب, قبل فوات الوقت, فتندمون ولات ساعة مندم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق