كم تمنيت لو كنت إلى جانبك يا ولدي أراك وتراني،
وتسمع مني وأسمع منك أولا بأول، ولكن الطاغوت المتجبر الظالم الغاشم حافظ أسد
وابنه بشار من بعده حالا دون ذلك، أما وأن المسافات بعيدة بيننا فإني أوصيك وصية
أب رأى من الظلم ما رأى، وعانى من ذل الغربة وقهرها وألمها ما لا عين رأت ولا أذن
سمعت ولا خطر على قلب بشر، لكن كل ذلك لم يثنيه عن الاستمرار في مقارعة الطغيان، ولعل
اليوم عليه أمام فخره بك وبشهامتك التي أبت إلا أن تقارع الطاغوت، وتمشي على الطريق
نفسه، فأيقن أن الأصالة لا تصدأ.
وأوصيك ياولدي بالثبات والإصرار واللاعودة إلا
برأس بشار، وأستعين بقول الشاعر:
إن الجموعَ التي هبت بثورتها *** لتنفضَ الذُّل
لا طُغيان يَثنيها
هل يرجع السّيل والطُّوفان مُنهمِر*** أو ترجِعُ الرّيحُ قد هبّتْ عواديها
أو يرجعُ الشّعبُ عن حُرِّيَّةٍ خَفقتْ *** أو ترجِعُ الرّوحُ مِـنْ عَليَاءِ باريها
وأوصيك
ياولدي بأن تسالم، ولكن إياك أن تستسلم وتسلم نفسك للذل والقهر والقتل، فالأسير السجين
في أخلاقهم قلما يخرج من سجونهم سالما، وإن خرج معافى الجسم لا يسلم شرفه الرفيع
من الأذى، واعلم أن الدفاع عن النفس حق مشروع لك في دساتير الأرض والسماء، فلا تركن
للدعوة السلمية المطلقة، واحمل سلاحك عند الضرورة رافع الرأس مطمئنا إلى حقك في
ذلك .
وأوصيك يا ولدي إذا حملت سلاحك لا تسرف في
قتل عامة الجنود، فإنهم يساقون إليكم كالقطعان بلا حول ولا إرادة، والكثير منهم لا
يملك إرادة التمرد على الظالم، فاتركوا لهم مجالا للهرب .
أما إذا رأيت شبيحاً وتمكنت منه، فلا تأخذك
به شفقة ولا رحمة في دين الله، وأره من نفسك غلظة، ليكون لمن خلفه عبرة، للذي إذا
فكر بانتهاك الأعراض وتقطيع أخوات زينب، أن يحسب بذات المصير .
وإذا انتصرت الثورة فاصفح يابني واترك
للقضاء أن يقول كلمته في كل المظالم والقضايا، فنحن نعمل لبناء الدولة المدنية
الحرة الديمقراطية لكل أبناء سورية، ومن ينشد دولة العدالة والمؤسسات، لا يستطيع
أن يؤسس تلك الدولة على ثقافة الحقد والانتقام .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق