الاتحاد العالمي
لعلماء المسلمين, برئاسة العلامة يوسف القرضاوي- حفظه الله- يعتبر أعلى هيئة شرعية
تمثل علماء المسلمين في العالم, وذلك لسببين رئيسيين:
الأول- أنه ضم
نخبة كبيرة من كبار علماء الأمة, من الذين نحسبهم على خير كثير, وفضل واسع, وعلم
غزير, وغيرة على الأمة ومستقبلها, وبعد عن هيمنة الحكومات والهيئات والشخصيات.
الثاني- المنهج
الصادق في تحقيق الأهداف المرسومة, والعمل بدأب من أجل تحقيق هذه الأهداف, ومنها
العناية بقضايا المسلمين في كل مكان, وسطر التاريخ المعاصر صفحات, للاتحاد في هذا
الشأن, وخصوصاً القضية الفلسطينية, وغيرها من قضايا المسلمين.
واليوم يقف
موقفاً من هذه المواقف, التي تضاف إلى صفحاته الناصعة, إذ يعلن وقوفه وانحيازه إلى
صف الشعب السوري, المنكوب المقهور, الذي ابتلي بهذا النظام الغشوم, الذي سامه سوء
العذاب, ونكل به على كل الصعد, والميادين كافة, والاتحاد وهو يرقب الوضع عن قرب,
ويلاحظ مايجري على الساحة السورية, رأى أنه لايجوز للمسلمين أن يقفوا متفرجين على
هذا الذي يجري في سورية, وإن نصرة الشعب المظلوم في ذلك البلد المسلم, فريضة شرعية
لايجوز التقصير بها, أو الإهمال لها.
وعلى نفس الدرب
مضى جماعات من العلماء والدعاة والمفكرين, في كثير من بقاع العالم الإسلامي, على
اختلاف مذاهبهم ومدارسهم الاجتهادية, لا أستثني من هذا سوى نفر قليل من أهل
البدعة, الذين تعودنا منهم خذلان المسلمين, ونصرة الظالمين, وتاريخهم يحكي هذه
القصة, من أيام التتار والصليبيين, إلى عصر الاستعمار الحديث بكل أشكاله,وما عرفنا
لهم موقفاً واحداً يشهد لهم بفضيلة في هذا الذي نذكر, ولا غرو فالعرق دساس,
والمدرسة ذاتها تعمل, والتربية عينها تتكرر.
المسلم يجب أن
ينصر أخاه, ويقف إلى جانبه, في ساعة العسرة, ووقت الضيق, ولا يجوز له أن يخذله, أو
يسلمه, أو يتركه لعدوه. قال تعالى: ( إنما المؤمنون إخوة) [الحجرات] وفي الحديت
المتفق عليه, عن أبي موسى- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وعلى
آله وأصحابه- :( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)وفي الحديث المتفق عليه,
عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( المسلم أخو
المسلم, لايظلمه, ولايسلمه, من كان في حاجة أخيه, كان الله في حاجته, ومن فرّج عن
مسلم كربة فرّج الله به كربة من كرب يوم القيامة).
وهكذا ينبغي للمسلم
أن يكون, فإن لم يكن كذلك, عليه أن يراجع دينه, ليدرك أين الخلل لتجاوزه, قبل أن
يلقى الله وهو على هذه الحال الخطيرة على مستقبله عند الله تبارك وتعالى. وإخواننا
أبناء الشعب السوري, يمرون بمحنة غير عادية, يقودها النظام الجاثم على صدر هذا
الشعب منذ أكثر من أربعين عاماً, قتلاً وتشريداً ومفقودين, أرامل وثكالى, دموع
وآهات وأنات, ومصادرة للحريات, قمع وإرهاب, نازحين وخائفين, مطلوبين
وترقبين......إلخ فهل يجوز لمسلم يسمع بهذا الذي يحدث لإخوانه أن يسكت ولا ينصر؟
كيف يهنأ عيش لمسلم وهو يرى إخوانه على هذه الحال دون أن يقف الموقف الذي يساند به
إخونه هؤلاء؟؟
وقد يقول قائل:
وماذا أصنع, وأنا في بلدي؟ نقول لهم يمكن أن تقدموا الكثير, ومما يمكن أن تقدموه
مايأتي:
‑ الدعاء
لإخوانكم, وهو سهم الغيب الصائب, لأنك تطلب من الذي بيده كل شيء, ورب دعوة لإخونكم
في ظهر الغيب, تفتح لها أبواب القبول, فيحدث الله بها تغييراً يعجز الناس أن
يفعلوه مجتمعين.
‑ التعريف
بالقضية السورية, عند الناس, فكونوا ألسن إعلام لإخونكم, وهذا أمر له بالغ
الأهمية, يمكن أن يكون بقصيدة تكتب, أو مقالة تسطر, أو خطبة تلقى, أو محاضرة تسمع
بالخبرمن لم يسمع.
‑ عقد الندوات
والمؤتمرات, التي تساهم في الدفع نحو فهم هذه القضية, واستيعاب أبعادها, وسيكون
لهذا الأثر الأكبر في نصرة هؤلاء الإخوة.
- مد يد العون
المادي, خصوصاً لأبناء الشهداء, وللنازحين. قال تعالى: ( ياأيها الذين آمنوا
أنفقوا من طيبات ماكسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض) [البقرة]. وفي الحديث التفق
عليه, عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال:( مامن يوم
يصبح فيه إلاّ ملكان ينزلان, فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً, ويقول الآخر:
اللهم أعط ممسكاً تلفاً) .
‑ التظاهر أمام
السفارة السورية في بلدك الذي أنت فيه, وتسليم السفير رسالة تنديد وشجب, ووقوف مع
الشعب السوري.
‑ توقيع
البيانات, التي تقف إلى جانب الشعب السوري في معاناته.
وغير ذلك من
الوسائل والأساليب, التي من خلالها تساند إخوانك, وتقف إلى جانبهم في مصابهم
الأليم, فيا أيها المسلمون في العالم, استجيبوا لدعوة إخوانكم العلماء, في نصرة
الشعب السوري, فهم أولي الأمر فينا في طيف من أطياف الفهم لهذا المعنى, والعلماء
ورثة الأنبياء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق