الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2014-04-19

في ذكرى جلاء القوات الفرنسية عن الأراضي السورية لي ذكرى مشابهة !! – بقلم: د. عبد الغني حمدو

على سفح وادي الأزرق متجها للشمال الشرقي منه صعوداَ , ومن الطرف الآخر كان هناك مجموعة من شباب قريتي الصغيرة يركضون ورائي ويبحثون عني  وأنا أحاول الاختباء بين الأدغال , كنت أعرفهم جميعاً واحد من أبناء عمومتي وزوج بنت عمي والآخر صديقي والثالث والرابع والعاشر من أبناء تلك القرية , يحملون بنادق روسية (كلاشينكوف ) يريدون قتلي يريدون سفك دمي كما سفك دم شقيقتي قبل أيام ,لم أقترف ذنباً تجاه أحد منهم ولم أمس شعور أي واحد منهم بسوء , لايوجد مكان أذهب إليه أصبحت الوحش المخيف والمفترس بين ليلة وضحاها بالنسبة للجميع , لم يكن هناك من يحدثني ....اختلست دقائق معدودة للحديث إلى أمي ومن ثم ودعتها ولم ألتق فيها إلا بعد اثنين وثلاثين عاما في ذكرى عيد الجلاء من السنة الماضية


بحثت عن مكان آوي إليه وأمضي فيها ليلتي بعد أن يأس من كان يطاردني من العثور علي , مجموعة من الكهوف منتشرة على سفح الوادي , وددت النوم في إحداها آثار أقدام الوحوش أمام تلك الكهوف , حقيقة تسمى طلعة النمر , لعل هذه الحيوانات تكون أكثر رحمة مما كان ينتظرني من أقاربي وأصدقائي والثلة القذرة التي كانت تطاردني
لم أكن أحمل سلاحاً للدفاع عن نفسي , ولم أجرؤ على المبيت عند تلك الحيوانات المفترسة , فتخطيت المكان وهبط الليل ومشيت ضمن الأحراش والأدغال
كنت أبيت قبلها في أحد الكهوف عرفوا مكانه وأخذوا مابداخلهمن متاع  ولم يكن فيها إلا بطانية واحدة , فأخذوا البطانية وقاموا بتمثيلية رخيصة أطلقوا فيها زخات من الرصاص وعادوا إلى القرية وراية النصر يحملونها بأيديهم فقد انتصروا على عدوهم وقتلوه , وفوق هذا لنشفي غليلنا من أمه فوضعوا البطانية أمام البيت حتى تراها أمي في كل لحظة ويشتعل قلبها على ابنها الشاب والذي هم قتلوه كما ادعوا, تاريخ ذلك اليوم لايمكن أن يمحى من خاطري (17/4/1981 ) فبعد أن حل الليل بظلمه وانتقلت لقرية أخرى طرقت باب أحد بيوت تلك القرية , فاستقبلني صاحب البيت , ونمت عندهم تلك الليلة وخرجت في الفجر من عندهم خوفاً عليهم وباتجاه غير معروف
في تلك الليلة كان التلفاز مفتوحاً والشعب السوري يحتفل بالذكرى والفاطس المنحور والمجرم حافظ الوحش يخطب في الناس من التلفاز
كان اليوم الثاني وليله على الحدود التركية ومن ثم داخل الحدود التركية لتبدأ رحلة العذاب والغربة والقهر والحزن وتستمر عقود
فرنسا جلت عن سوريا بإرادتها وأسكنت مكانها ليحكم الشعب السوري عاهات ومجرمي الشعب السوري لقد اختارتهم بعناية فائقة ودربتهم حتى يكونوا القاتل والمدمر لكل خير في سوريا
وكان الجلاء وكان الانحدار , لكن الفرنسيين عادوا لأوطانهم والسوريون جلوا عن أو طانهم ملايين من السوريين شردوا بعد الجلاء ولم يعودوا إليها أبداً
ويتكرر الجلاء عن سوريا فمن نسل أولئك القردة والمعتوهين والذين هيأتهم فرنسا ليحكموا سوريا , كانت الجريمة التي لم يعرف التاريخ البشري لها مثيلاً عندما تحولت سوريا لمزرعة حيوان وابن حيوان
كان عيد الجلاء جلاء لكل خير من سوريا وتسلط السوء والقذارة والجريمة فيها , كنا نحتفل به وبذكراه بغبائنا أننا تحررنا , ولكن لم نكن نعلم أن الدولة المستعمرة قد وضعت خازوقاً لكل سوري حر وشريف المولود والقائم والحي والذي لم يولد بعد وحتى الأموات فيها
 إن خطط الإستعمار القديم اقتضت أننا لن نحكم هذه البلاد إلا في صناعة حكام ينتمون لأسوأ بني البشر وهذا ماحصل بالفعل
عندنا أمل في المستقبل بعد أن كنا قد فقدنا كل أمل بثورة انطلقت من تونس وستتكلل تلك الثورات بدرة ثورات العالم الثورة السورية والمنتصرة حتماً بإذن الله تعالى عندها يمكننا الاحتفال بعيد الجلاء .

د.عبدالغني حمدو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق