لم
يكن خطف راهبات معلولا (في شهر كانون أول الماضي إثر دخول المقاتلين إلى البلدة) عملاً
مقبولاً أو يخدم الثورة السورية؛ لكن صفقة إطلاقهن (في شر آذار الماضي) أظهرت كم
أن نظام بشار الأسد مجرم وبشع؛ ليس لأنه تاجر بقضيتهن فحسب، وإنما لأنه شتمهن بأقذع
العبارات لمجرد إنهن لم ينْسَقن مع دعايته، ولأن العالم – وهو الأهم- اكتشف مدى
بشاعة النظام السوري؛ ففي حين أكدت راهبات معلولا أن أحداً لم يتعرض لهن بأذى، أو
ينزع صُلْبُهن؛ روى من تخطى التقاليد الاجتماعية من السوريات المفرج عنهن؛ أنهن
تعرضن للضرب والاغتصاب، وفي حين حمل قائد الخاطفين الراهبات بيديه؛ اكتشف العالم أن
في سجون بشار الأسد حالة غريبة؛ تضم امرأة معتقلها أولادها الصغار الأربعة (دون سن
التمييز)، لا لذنب ارتكبته سوى أنها زوجة أحد قائدة المقاتلين ضد بشار الأسد.
اليوم؛
وبسبب استعادة الثوار لبلدة كسب على الساحل السوري، استأنف النظام دعاية مشابهة؛
يبكي فيها على مصير الأرمن؛ لكأنه يقول إن الأرمن بخير طالما هم في كنفه، أما أن
يسيطر معارضوه على مدينة يقطنها الأرمن في سوريا؛ فهذا يعني أنهم في خطر، في حين
أن معارك الساحل هدفها الأول السيطرة على مناطق خاضعة للنظام، وفتح منفذ بحري
لمعارضيه، ومحاولة منع إقامة دولة علوية، وليس من أهدافها استهداف الأرمن أو غير
الأرمن، وإن صدَفَ أن تكون كسب مدينة يقطنها الأرمن في سوريا (أكثر قيادات النظام
السوري دموية انتقلت إليها وقاتلت وبعضها قُتل فيها).
لا
يمنع ما تقدم؛ من تفهم هواجس الأرمن، وخوفهم على المصير، وتأثّرهم بالدمار الذي خلّفته
المعارك في مناطقهم، وتعاطف أخوانهم الأرمن في لبنان معهم، لكن لا ينبغي في
المقابل أن يسمح الأرمن للنظام السوري بالمتاجرة بمشاعرهم المحقة؛ للقول من خلالهم
للعالم: "أنا حامي الأقليات؛ أبقوا نظامي لتبقى هذه الأقليات"!... وإن
في درس معلولا لعبرةً لمن يراجع ما حصل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق